تاريخ الجزائر الحديث خلال ق ( 16 – 19 م )


تاريخ الجزائر الحديث خلال ق ( 16 – 19 م )
موجه لطلبة السنة الثانية تاريخ ل م  د – السداسي الرابع
جامعة أبي بكر بلقابد تلمسان

محاضرة رقم 01: التطور السياسي للجزائر في العهد العثماني..
دام الحكم العثماني بالجزائر أكثر من ثلاثة قرون ( 1518 – 1830 م) و يمكن تقسيمه طبقا للتطورات التي مر بها إلى المراحل التالية:
-       عصر الباي لاربايات : 1518 – 1587 م .
-       عصر الباشوات : 1587 – 1659 م .
-       عصر الآغوات : 1659 – 1671 م .
-       عصر الدايات : 1671 – 1830 م.
1)- عصر الباي لاربايات أو الباي لارباي ( أمير الأمراء ) 1518 – 1587 م : تميزت هذه الفترة بتوطيد الحكم العثماني في الجزائر التي كانت تعاني من التمزق الداخلي و الخطر الخارجي ، لذلك أسس " خير الدين " الدولة الجزائرية الحديثة التي قامت على القضاء على الفوضى و توحيد القوى ، و هكذا تبدأ هذه الفترة منذ أن أسند السلطان العثماني إلى " خير الدين " أمر حكم الجزائر مانحا إياه لقب الباي لارباي أي " أمير الأمراء "    و هو بمثابة نائب عن السلطان ، و هكذا دخلت الجزائر في طاعة العثمانيين و سميت " ولاية ممتازة " .
عاصر عهد الباي لاربايات عهد السلاطين العظام و عصر القوة العثمانية و اعتبرت الجزائر قاعدة  للحكم العثماني ، و رغم أن السلطان هو الذي كان يعينهم إلا أن علاقتهم به لم تكن علاقة تبعية بل كانت علاقة تحالف . و أهم ما يميز هذه المرحلة على الصعيد العسكري ، هو مواصلة الجهاد ضد الإسبان في        عهد "خير الدين باشا"(1518-1535) ،حيث نجح الجيش سنة 1530م في إخراج الإسبان من حصن البنيون . ثم جاء عهد "حسن باشا" إبن خير الدين  (1544-1552) ، و قد تميز عهده بتوطيد النظام الداخلي . و كانت خاتمة هذا التفوق العسكري تحرير بجاية في 1555 على عهد " صالح رايس "                ( 1552 – 1556 ) ، و تميز بتوسيع سلطته داخل البلاد ، و قد خلفه بعد وفاته "حسن كورصو " (1556-1557) ثم أعيد  "حسن باشا بن خير الدين " للحكم للمرة الثانية (1557 –1562) ، و بعدها أعيد للمرة الثالثة  ( 1562-1567) ثم جاء " محمد باشا " ابن صالح رايس ( 1567 – 1568) الذي واجه مشاكل حادة ، فقد ازداد الخلاف بين الجند الإنكشارية و رياس البحر ، و انصرف لمواجهة هذه المشاكل بالترخيص للإنكشارية بالاشتراك في العمليات البحرية كمحاربين ليحصلوا على نصيب من الغنائم ، ثم عين بعده " علج علي " ( 1568 – 1571 ) ، و بوفاته لم يظهر بعده رجل بمستواه الحربي  و السياسي ،              و إن الأشخاص الذين ظهروا بعده عملوا من خلال منفعتهم  الشخصية .
2) – عصر الباشوات 1587 – 1659 م : بعد أن لاحظت الدولة العثمانية ضعف الارتباط بينها و بين ولاتها على الجزائر في أواخر عهد الباي لاربايات ، عمدت إلى إجراء تعديلات إدارية في أواخر عهد           الباي لاربايات فيما يتعلق بإدخال الولايات الثلاثة ( الجزائر – تونس – ليبيا )  في إطار التنظيمات العثمانية ،         و جعلت الجزائر ولاية كغيرها من الولايات ، فاعتمدت على تعيين الباشا لمدة 3 سنوات . و أستبدل لقب   الباي لارباي بلقب الباشا ، و كان " دالي أحمد " أول من حمله . فالميزة الأولى هي قصر المدة التي كان يقضيها الباشا ، فمن النادر أن يكمل الباشا مدته حيث تعاقب على الجزائر خلال هذه المدة أكثر من ثلاثين باشا ، و تعرض الكثير منهم للعزل أو السجن أو الإبعاد على يد الجند الإنكشارية ، فانصرف الباشا للاهتمام بمصالحه الشخصية و جمع الأموال( الضرائب ) دون أن يعبأ بمشاكل المجتمع الجزائري  و أحواله . و هذا ما دفع بهم لمناصرة الإنكشارية ، إذ أن تلاعب الباشوات برواتب الجند خلق حالة اضطراب ، و الميزة الثانية هي أن الباشا لم يلعب أي دور أساسي ، بل اكتفى بالمحافظة على مظاهر السلطة و ظهرت آثار هذا الحكم في ثلاثة مظاهر ، و هي : ثورة الكراغلة ، هم الذين طالبوا بمنحهم دور عسكري خاص ، ففتك بهم الجند الإنكشارية .        و ثورة القبائل و التي أدت لنقص أموال الخزينة ، و لم يعد بمقدور الباشا دفع مرتبات الجند . هذا عدا عن الصراع بين الإنكشارية و طائفة الرياس ، فالفئة الأولى سيطرت على الداخل، أما الثانية سيطرت على الخارج  ( البحر) .    و تميزت هذه الفترة باشتداد التنافس بين فرنسا  و بريطانيا و هولنده للحصول على امتيازات استثمار المرجان في السواحل الجزائرية ، و حق إقامة المحارس العسكرية لحماية سفنهم التجارية .
3) – عصر الآغوات 1659 – 1671 م : في أواخر عهد الباشا إبراهيم ( 1656 -1659م) قامت ضده ثورة تزعمها رياس البحر من جهة ،  و الجنود الإنكشاريون من جهة ثانية . وحينها قام الإنكشارية بانقلاب مفاجئ على الرياس و قضوا على سلطة الباشا الذي أصبح منصبه شرفيا فقط ، و اتفقوا على إسناد السلطة التنفيذية للآغا ، على ألا تزيد مدة حكمه عن شهرين فقط ليأتي بعده آغا آخر . و جعل السلطة التشريعية في يد مجلس الديوان ( الأوجاق )  و أرغم السلطان على قبول هذا ، و لكنه اشترط أن يتولى الديوان دفع رواتب الجند العثمانيين. و يعود سبب قيام نظام الآغوات هو أن الجند اتهموا الباشوات بنهب المعاشات      و الضرائب ، مما دفع بالديوان الذي يتألف من كبار ضباط الإنكشارية هو الذي يقوم بانتخاب  الآغا ، بعدما كان الحاكم هو الذي يعين ولاته ، حيث اتخذت قرار إلغاء امتيازات الباشا ، و لكن تجريد الباشا من سلطاته    لم يحدث دفعة واحدة .
فلما عين "خليل آغا"(1659-1660) كأول آغا بعد انتهاء مدة حكمه أراد الاحتفاظ بالمنصب  لنفسه ، هذا ما أثار حفيظة الضباط الإنكشاريين فثاروا عليه و قتلوه ، و بعدما قام الإنكشاريون بخلعه عينوا مكانه "رمضان آغا" (1660-1661) هذا الأخير الذي لم يمارس أي سلطة ، و بذلك لم يستطع الآغوات أن يركزوا سلطتهم بسبب اختلاف  نظامهم ، و اشتداد الغزو الأوربي على السواحل الجزائرية  ، هذا الأخير الذي عاد على طائفة الرياس بغنائم كبيرة ، مما أدى إلى تصاعد الخلاف مع الإنكشاريين فشبت عدة  ثورات في  مختلف  جهات  البلاد ، و لما حاول " رمضان آغا " التدخل لإنهاء الخلاف تمت تصفيته و تعويضه ب"شعبان آغا" الذي تمكن من البقاء على كرسي الحكم من 1661 م إلى1665 م ، و الذي انتهج سياسة الموافقة على كل مطالب الإنكشارية في الامتيازات ، و لكنه رغم ذلك لم يسلم من غضبهم فقرروا قتله  و عوضوه               ب "علي آغا" ، و تمكن هذا الأخير من البقاء في منصبه إلى غاية 1671م  و ذلك بفضل ذهائه السياسي .    
قام الإنكشاريون بترشيح 6 آغوات في ظرف 3 أيام ، لكنهم رفضوا هذا المنصب الذي أصبح يمثل خطرا على حياتهم ، فاستغل رياس البحر هذه الفوضى التي دامت 5 أيام ، و حولوا هذه الفتنة إلى ثورة ضد الإنكشاريين و أبعدوهم عن السلطة و التي قرروا أن تكون من نصيبهم. و لم يتمكن الإنكشاريون من تحسين الأوضاع السياسية في البلاد ، فتدهورت الأحوال في البلاد ما أدى إلى حدوث صراع على الحكم ، فكثر القتل  و زاد الظلم و الفساد الاجتماعي ، مما أدى إلى اختفاء نظامهم فتدخل الرياس و عينوا أحدهم دايا للجزائر  .
أما من الناحية الخارجية فقد حاول الديوان أن يحسن علاقاته مع فرنسا ، و لكنها أعرضت عن ذلك وواصل القراصنة الفرنسيون اعتداءاتهم على السفن و المراكب الجزائرية في البحر ، و اشتدت حالة الحروب البحرية بين البلدين. فدخل الصراع ضد الجزائر إلى جانب الفرنسيين كل من قراصنة الإنجليز ، و الإسبان                 و الهولندييين ، وكاد الأمر أن يتحول إلى تحالف أوربي ضد الجزائر ، لولا أن السلطات الجزائرية كانت حاذقة  ،  و اتبعت طريقة محالفة البعض و معاداة البعض الآخر على التوالي تجنبا لقيام جبهة أوربية ضدها .
 و في أواخر عهد "الأغا علي "( 1665- 1671م) الذي امتد حكمه بضعة سنوات انقض عليه الرياس و قتلوه  و لم يستطع أحد أن يخلفه في الحكم لخوفهم من عاقبة الاغتيال التي أصبحت عادة ضد كل  آغا. فاجتمع الديوان و درس الوضع ، و قرر في النهاية إلغاء نظام الآغوات  و تعويضه بنظام جديد هو نظام  الدايات ، على أن يبقى الداي في الحكم طول حياته ، و يتولى تنفيذ أوامر و تعليمات الديوان صاحب السلطة العليا ، وعينت أحد زعمائها في 1671 م حاكما للجزائر لتبدأ بذلك عهدا جديدا هو عهد الدايات .
 – 4عصر الدايات 1671 – 1830 م : إن نظام الآغوات لم يدم طويلا لأنه كان يحمل مضامين زواله منذ تأسيسه و يمثل هذا العهد عودة السلطة إلى رياس البحر ، و كان الداي ينتخب من بين أعضاء الديوان لمدى الحياة ، و بعدها تؤخذ موافقة السلطان على تسميته دايا . غير أن نشاط البحرية تحول إلى أعمال قرصنة ما أدى لعودة الإنكشارية لتعيين الداي من طرفهم منذ 1689 م ،  و لم يتمكن الدايات بعد ذلك من التحكم في الأمور فاتجهوا إلى الرعية و بدؤوا  يرهقونها بالضرائب  و بدا نفوذهم يتضاءل شيئا فشيئا . و في ظل هذا النظام عاشت الجزائر حالات متقلبة ، فالداي هو الذي يتولى عقد الاتفاقيات الدولية و استقبال البعثات الدبلوماسية ، إلا أنه   و قبيل 1830 م  حدث خلاف بين 
الجزائر  و إسطنبول ، ما أدى لمنع المساعدة عن الجزائر .  و أهم حدث في هذا العهد هو تصفية الوجود الإسباني نهائيا في كل من وهران و المرسى الكبير  في 1792 م .

·       و ضعية العلاقة بين الدايات و الدولة العثمانية : 
كانت العلاقات بين الجزائر و إسطنبول خلال هذه الفترة ضعيفة ، حيث رأى الداي الذي كان يجمع بين وظيفة الداي و الباشا ، أن الباشوات الذين كانت ترسلهم إسطنبول كانوا سببا  في اضطراب الجزائر ، وحكم العديد من الدايات الجزائر إلى أن حكم " علي بورصالي " من 1817 – 1818 م ، و عرف عنه أنه حارب الفساد  و ساعد الأهالي في شؤونهم ، و بعد وفاته اجتمع الديوان لاختيار الداي فوقع اختيارهم على             " الداي حسين " الذي كان آخر الدايات في الجزائر قبل الاحتلال  الفرنسي ، و كان رجلا فاضلا حيث خدم الإيالة طيلة فترة حكمه ، و يجدر الإشارة أنه لم يتنكر الدايات لسيادة السلطان العثماني مادامت السيادة اسمية         لا تقيد حريتهم في التصرف

محاضرة رقم 02: التنظيم الإداري في الجزائر.
1)- الخصائص العامة: إن النظم الإدارية التي أقامها العثمانيون في الجزائر، لم تكن تختلف كثيرا عن النظم التي أقاموها في الولايات الأخرى التابعة للدولة العثمانية. و هي تتميز بما يلي :
1- يمتاز الحكم العثماني في الجزائر بظاهرة الخضوع للسلطة العثمانية .
2 – يمتاز بعدم الاستقرار الإداري ، فالباشا أو الداي كان يحاول تمكين سلطته بعد تسميته من الجند ،           و البيعة المحلية لا تكفي إذا لم تباركها السلطة العثمانية بالغرامة و القفطان المذهب و سيف الشرف و العمامة الخاصة . و كذلك كان إذا تزوج أحد الجند الإنكشارية من امرأة جزائرية ، فإن أبنائه و أحفاده يصبحون كراغلة ، و لا يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها الإنكشارية ، فالإنكشارية هم الذين سيطروا على مقاليد الحكم في الجزائر .
 3 – تميز الحكم بالعنف الذي صاحب تغير الحاكم فقلما يموت الحاكم في فراشه.
4 – تمسكت الإدارة بالتقاليد الدينية و قامت على نظام اجتماعي.
5 – تميزت الإدارة بالقسوة في العقوبات و سرعة تنفيذ الأحكام، و كذلك بانتشار الرشوة و الغش.
2) - السلطة المركزية : يأتي على رأسها الدولة كلها بجميع مؤسساتها المركزية ، حيث كانت السلطة بيد الداي ( الحاكم و القائد العام للجيش ) ، و كانت مدينة الجزائر هي المقر الرئيسي له ، كما كان يساعده في أداء مهامه الإدارية و إصدار أوامره و تعليماته ديوان خاص الذي يتشكل من موظفين سامين ، و كان يقوم بتنفيذ هذه الأوامر مجموعة كبيرة من الموظفين و الضباط المتقاعدين الذين كانوا يشكلون الديوان الكبير الذي يجتمع أعضائه في المناسبات الرسمية و المناسبات الدينية . و يمكن ترتيب الموظفين الكبار حسب أهمية الأعمال التي كانوا يقومون بها في أواخر العهد العثماني، كالتالي:
- الخزناجي : و هو مكلف بالشؤون الداخلية و المالية و يأتي بعد الداي في الأهمية ، و يخلفه في حال غيابه   أو مرضه .
- آغا العرب : أو آغا العسكر ، قائد الفرق الإنكشارية و جماعات فرسان المخزن يتلقى أوامره من الداي مباشرة . و يعتبر بمثابة الوزير الثاني حسب تعبير بعض المصادر ، و ذلك لأنه يحتل المرتبة الثانية في سلك الموظفين السامين .
- بيت المالجي : هو مسؤول عن مراقبة الأملاك و الثروات التي تعود للدولة نتيجة المصادرة و انعدام الورثة ، إضافة لتسجيل العقود .
- خوجة الخيل : يشرف على أملاك الدولة و مكلف بقبض الضرائب .
- وكيل الخرج : يشرف على البحرية و صناعة السفن و الموانئ و الشؤون الخارجية .
- الباش كاتب : يتكلف بكتابة رسائل الداي .
- شيخ الإسلام : يشرف على العدل و الشؤون الدينية .
- الكتاب الأربعة الكبار : اكتسبوا مكانة هامة في جهاز الدولة ، و هم كالتالي :
- الكاتب الأول أو المكتباجي أو المكاتارجي ( المقاطعي ) : يشرف على سجلات الدولة .
- الكاتب الثاني أو الدفتردار : يراقب مخازن الدولة و يسجل مصادر دخل البلاد .
- الكاتب الثالث أو وكيل الخرج الصغير : يحفظ سجلات غنائم الجهاد البحري .
- الكاتب الرابع أو الرقمجي : مهمته المحافظة على السجلات الرسمية للدولة فيما يتعلق بالأمور الخارجية ما تطلب وضع ترجمان .


·       و مما يلاحظ أن هؤلاء الموظفين الكبار يشرفون على موظفين صغار، أهمهم:
-   مجموعة الخوجات : كثر عددهم و بلغوا أحيانا ثمانين خوجة ، منهم : خوجة القصر الذي كان يتلقى الهدايا لقضاء الحاجات و يدعى خوجة الباب... الخ .
-   مجموعة القياد: يتمتعون بصلاحيات إدارية و مالية لا يتمتع بها غيرهم و هم أنواع، مثل: قائد الفحص الذي كان يتولى مراقبة حركة نواحي المدينة.
-   مجموعة الضباط المتقاعدين : يشكلون الديوان الكبير و على رأسهم الكاهية أو البلوك باشي الذي يشرف على فرق الحامية العثمانية بمدينة الجزائر ، و يحق له معاقبة العثمانيين .
-   مجموعة الخدم و الشواش : بلغ عددهم أواخر العهد العثماني 12 شاوشا ، و لكل منهم مهامه ،  مثل :الباش سيار المكلف بالبريد .
-   يضاف إلى هذه المجموعات من صغار الموظفين ، بعض القائمين على الخدمات الاجتماعية بالمدن ، مثل : مجموعة الطباخين : آشجي باشي و هو كبير الطباخين ، يحظى بثقة حاكم الجزائر نتيجة خدمته .
-       شيخ البلد : و هو الذي يتصل بالطوائف السكانية عن طريق أمنائها ، و يبلغ لهم أوامر البايلك .
-       الشيخ الناظر : يشرف على الأحباس ، و يرجع إليه وكلاء الأوقاف .
-       المحتسب أو صاحب الشرطة: يراقب كل ما يباع في الأسواق، و يتأكد من عدم احتيال التجار.
-       المزوار : قائد القصبة و هو يطبق العقوبات كالإعدام بأمر الداي في غير العثمانيين .
-   الدلال و البراح: الأول ينادي على البضائع في الأسواق مقابل درهم عن كل دينار، و الثاني يعلن عن أوامر و قرارات السلطة الحاكمة، و يشهر بالمجرمين و المحتالين.

 محاضرة رقم 03 :  التقسيم الإداري في الجزائر.
نظرا لإتساع حدود الجزائر أثناء العهد العثماني ، عجزت السلطة العثمانية عن مراقبة البلاد و تسييرها تحت سلطة حاكم واحد ، و حتى يتسنى لها إدارتها و ضبط أمورها قسمت الجزائر إلى  4 بايليكات و على رأس كل منها باي يعينه الداي ، و كانت مهمة الباي الأساسية جباية الضرائب  و المحافظة على الأمن في منطقته ،   و يعتمد في ذلك على الجند الإنكشارية  و قبائل المخزن . و كان البايات تحت رقابة الداي ، و كانوا عرضة للعزل أو القتل ، و كان عليهم أن يدفعوا كل عام مبلغا كبيرا من المال يحدد في مدينة الجزائر ، و كانت هذه الأموال تدفع على عدة دفعات أو يدفعها الباي بواسطة " الوكيل " الذي يحضر إلى الجزائر مرتين في العام         ( الربيع – الخريف ) أو بواسطة موظف آخر اسمه " وكيل السباهية " الذي كان عليه أن  يحضر كل شهر        أو شهرين أو ثلاثة . و كان على الباي أن يحضر إلى العاصمة في الربيع الذي يلي تعيينه ثم مرة كل ثلاثة أعوام ، و ما بين 1790 – 1825 م تم عزل 8 بايات و تم إعدام 16 .  أما بايليكات الجزائر ، فهي كالآتي :
- بايلك الجزائر : يسمى بدار السلطان و فيه يقيم الداي و أعضاء حكومته ، و يشمل مدينة الجزائر          و ضواحيها .
- بايلك الغرب : كانت عاصمته مازونة ثم معسكر 1710 م ثم وهران 1792 م بعد تحريرها   من  الإسبان .
- بايلك الشرق : عاصمته قسنطينة .                  
- بايلك التيطري : يعد أصغر البايليكات و عاصمته المدية .
·       أما الموظفون بالبايلك و الذين يتألف منهم الديوان المحلي للمقاطعة ، هم :
-       الخليفة : ينوب عن الباي و يخلفه عند غيابه .
-       الباش خزناجي أو خزندار : يشرف على مصادر دخل البايلك .
-   آغا الدائرة : يعرف بآغا العرب أو الباش آغا أو خوجة الخيل ، و هو قائد الحامية التركية ، يتلقى أوامره من الداي بعزل أو تعيين البايات .
-       شيخ البلد أو قائد الدار: يحافظ على أملاك الدولة.
-       الباش كاتب : يتكلف بكتابة رسائل الباي و الإحتفاظ بذخائر البايلك المالية  .
و ينقسم البايلك إلى أوطان ، و على رأس كل واحد منها قائد يعينه الباي ، و القائد بدوره يعين الشيوخ المكلفين بإدارة القبيلة و يختارهم بصورة عامة من أعيان القبيلة ، و يرافق هذه التعيينات هدايا يحددها العرف بصفة عامة . فلم تكن سلطة العثمانيين تشمل في الواقع كل القبائل في الجزائر، فهناك قبائل قوية تحتفظ بقدر كبير من الإستقلال الذاتي ، و هناك قبائل بعيدة في الجنوب أو الجبال الوعرة و كانت في الأغلب   مستقلة ، كما كان هناك إتحادات قبلية على أساس ديني كأولاد سيدي الشيخ . و كانت علاقة القبائل بالإدارة العثمانية على أنواع فهناك :
 - القبائل النائية: التي لا تصلها السلطة العثمانية.
- قبائل ذات إستقلال ذاتي : تدفع ضريبة الخضوع .
·          ما هي الأساليب التي إستخدمها العثمانيون في تدعيم سلطتهم في الجزائر ، و في التحكم  في القبائل ؟.
1- دور قبائل المخزن في استقرار الأمن و معاقبة القبائل الثائرة مقابل امتيازات .
2 – التدابير الاقتصادية الفعالة ضد القبائل التي لا تصلها يد السلطة ، حيث أن المناطق غير الخاضعة           لا تستطيع العيش في اقتصاد مغلق ، فمثلا السكان في بلاد القبائل لا يمكنهم الحصول على الحبوب إلا بتبديل فائضهم من الزيت و التين و بعض مصنوعاتهم المحلية .
 3 – إخضاع الأسواق للمراقبة الشديدة و الإشراف الدقيق ، و ذلك لتسهيل عملية مراقبة الأفراد المنتمين للقبائل المناوئة أو التي لم تدفع الضرائب ، و كانت تتم عملية الاعتقال لأبناء القبائل و إطلاق سراحهم بعد تسوية الخلاف .
4 – تطبيق الحصار الاقتصادي على القبائل العاصية ، و تسلط أقسى العقوبات عليها .
5- كسب الأعيان المتنفذين لجانب السلطة ، مقابل امتيازات خاصة لكسب العناصر الدينية التي كانت ذات نفوذ كبير في المجتمع .





ليست هناك تعليقات