كتاب ثائرون PDF



مقدمة الكتاب :
دارت بين طائفة من الكتاب مساجلات حول الأدب : هل هو تعبير عن النفس في محيطها الخاص ، أو هو تعبير عن الحياة في محيطها العام  وعندي أن القول بأن الأدب تعبير عن الحياة قول كله حق وصدق ، وما أولاه بأن يرتفع عن مدار الجدل والنزاع ما قيمة الأدب اذا لم يكن تعبيرا فنيا بالقول او بالكتابة عن الحياة في اوسع معانيها ؟
اذا قال قائل بأن ثمة أدباء يعبرون عن انفسهم كان في قوله غلو واسراف ... فالاديب الفنان يستلهم من الحياة افنه ، ثم يعبر عن الهامه بصيفته الخاصة وطابعه المتميز . وكلما كان الأديب أعمق تغلغلا في صميم الحياة ، واصدق تعبيرا عن الالهام ، كان عمله اقوم واثمن واخلد والأدب في ظاهره غاية ، وفي جوهره وسيلة ... هو غاية، لأن الأديب الفنان في اغلب حالاته يعبر عن حياة تعتلج في نفسه، لا يملك الا أن يعبر عنها في صراحة و خلوص فالأدب تصوير لانتفاضة نفس الأديب اثناء استجابته للحياة من حوله ، وانت فقد يسرك شيء فتضحك ، ويحزنك شيء فتبكي ، وما تعبير الأديب الا لون أصيل من ضحكة الطروب او بکاء الحزين !
من هذه الوجهة يمكن أن نعد الأدب غاية ...
ولكن الأديب يسمو ابدا بمشاعره الى خير الانسانية حين يعمر قلبه الحب الشامل ، وتمتليء نفسه بفتنة الجمال المطلق ، فهو اذن يرمي - واعيا أو غير واع - إلى اهداف معينة ... وطوعا لهذا يكون الأدب وسيلة لاصابة تلك الأهداف على وجه عام ، وهي التس ا
مي بالحياة وبالانسانية الى آفاق أعم خيرا واكرم مثلا ..
على أنه قد يكون الأدب - من زاوية خاصة - وسيلة ظاهرة الخدمة قضية من قضايا المجتمع ، أو لعلاج مشكلة من مشكلاته ، وذلك في بلد مخصوص ، في زمن محدود۰۰۰ وهنا يتوقف النجاح في العمل الفني على مدى استجابة الأديب لهذه المشكلة أو تلك القضية، ومبلغ ما له من صدق التأثر ، وقوة الأداء ... ومتى استطاع الأديب ان يحيا في صميم القضية الاجتماعية أو المشكلة القومية تيسر عليه أن يعبر عنها تعبيرا فنيا أصيلا بدامج أعراق البشرية ويمازج حقائق الحياة
حتم اذن أن يتوافر بين الأديب وموضوعه تلاؤم وائتلاف في جو من الحرية الطليقة، لا فرض فيه على الأديب ولا الزام ...
الكاتب: تيمور، محمود،, 1894-1973
فئة الموضوع: اللغات والآداب
الناشر: دار الهلال،
مكان النشر: القاهرة 
تاريخ النشر: 1955





ليست هناك تعليقات