هل بقاء الدولة مرهون باعتماد الحكم الفردي ؟

المقدمة(طرح المشكلة): تعد الدولة ارقى اشكال التنظيم  الإنساني و تعني مجمل الاجهزة المكلفة بتدبير الشأن العام للمجتمع . أو هي تنظيم  سياسي يخضع له جماعة من الافراد ضمن رقعة جغرافية معينة . لكن ليس مهما ضبط المفهوم بل الاهم من ذلك هو نموذج الحكم الامثل الذي يسمح بتحقيق الاستقرار كغاية اولى وجدت من اجلاها الدولة .
وهذا ما شكل محور نقاش لدى الكثير من الدارسين حيث نجد انصار  الحكم الفردي يرون ان انفراد شخص و احد بالسلطة هو الذي يسمح بذلك في حين نجد انصار الديموقراطية يرون ان مشاركة الشعب في الحياة السياسيةتبعد الصراعات داخل الدولة  لذا فاي الطرحين اصح و ايهما اقرب الى الصواب و هل بقاء الدولة مرهون باعتماد الحكم الفردي ام باعتماد الحكم الجماعي ؟ 



التوسيع : محاولة حل المشكلة :
القضية: ( بقاء الدولة مرهون باعتماد الحكم الفردي )
ذهب انصار هذا الطرح للتاكيد على مسلمة اساسية مضمونها ان انفراد شخص واحد بالسلطة سوف يسمح ببقاق الدولة و تحقيق النظام الذي وجدت من اجله , لان ممارسة الشعب للحياة السياسية سوف يحطم من قيمة السلطة و يفقدها هيبتها .البرهنة :
 1 -  النظرية الثيوقراطية . ( نظرية التفويض الالهي )  اكد ت ضرورة سيطرة  رجال الدين على الحياة السياسية و الاجتماعية ( حكم الكنيسة )  لان الحاكم هو مفوض الهيا و يمتلك السلطة المطلقة على الرعية التي تعد مطالبة بالطاعة العمياء لان أي محاولة للثورة تؤدي الى حلول اللعنة ( من عصى الامير فقد عصى الله ) و تجسد هذا النوع من الحكم في مرحلة العصور الوسطى باوروبا حيث قال لويس الرابع عشر ( الدولة هي انا )لقد دافع المفكر الانجليزي توماس هوبز على هذا المبدأ حيث عايش الحرب الاهلية في بريطانيا فتيقن ان الشعب يستحق القمع من طرف حاكم ينفرد بالسلطة . لان الشعب بحكم طبيعته الشريرة غير مؤهل ليتولى تنظيم حياته العامة بنفسه  . لقد عاش الناس في الحياة الطبيعية في فوضى تامة ( حرب الكل ضد الكل )  فاضطروا الى التعاقد و التنازل عن حريتهم لفائدة فرد تتمثل في شخصه الدولة كلها يخضعون له و يطيعون اوامره . ( لن يسود النظام في جماعة ، او يطرأعليهم تقدم ، إلا إذا توفر في نفوس الجميع انهم يفيدون خيرا باحترامهم لرئيسهم الاعلى و خضوعهم له ) لابد ان تكون ارادة الحاكم مطلقة لا تخضع للمتابعة او المراقبة و تكون كلمته هي القانون النافذ  لا دين الا ما ترضاه الخكومة ، و لا حقيقة الا ما ينادي بها السلطان
 2 – الحكم الديكتاتوري : تمثل في نموذج حكم موسوليني ( الفاشية )  حيث اكد ان الحاكم ينبغي ان يكون مستبدا ينبغي ان يكون رجل حرب ويتجلى ذلك من خلال قوله " إن السلام الدائم لا هو بالممكن ولا هو بالمفيد. إن الحرب وحدها بما تحدثه من توتر هي التي تبعث أقصى نشاطات الإنسان والتي هي وسام النيل على صدور أولئك الذين لديهم الشجاعة لمواجهتها. و قد استوحى ذللط من افكار ميكيافيلي . حيث اكد في كتابه الامير  أن الغاية تبرر الوسيلة ومعنى ذلك أن الرجل السياسي رجل حرب وليس مشرعا أخلاقيا فغايته الأولى حفظ الأمن وبسط النفوذ لذلك لزاما عليه أن يتجلى بخصلتين ضروريتين وهما القوة والحذر وأن يستعمل الخير والشر حسب الهدف  الذي يريده. ويؤكد كذلك أنه من الفضائل ما يؤدي إلى تدهور وانهيار الحكم 
3–  طبق هتلر الفكرة القائلة بانفراد شخص واحد بالسلطة في مشروع النازية و سمحت له بنيل الاحترام التام لان التاريخ يحترم الاقوياء . و قد اعتمد على افكار فريدريك نيتشه التي طرحها في كتابه   ( زرادشت الحكيم ) حيث اشار ان منطق الحياة لا يرحم الضعفاء والقوي هو الذي يكون بجانبه الحق بينما الأخلاق هي من صنع الضعفاء، أسسوها من أجل حماية انفسهم  ودفع خطر الأقوياء " إن الذي يمتلك القوة هو الذي يمتلك الحق، فالنمر الذي يهاجمني له الحق وأنا الذي أقتله لي الحق كذلك". فالحيلة والمكر والغدر كلها أمور مباحة لتحقيق السلطة السياسية. فالله قد مات وبالتالي ماتت معه العناية وبالتالي ينبغي أن يوحد الإنسان مصيره بيده من أجل تحقيق ما يريد وكل هذا مرهون بالقوة لأن البقاء للاقوى . 
استنتاج جزئي : إذن الحكم الفردي هو الذي يضمن بقاء الدولة . 
النقد: لو كان الاستقرار السياسي يتحقق بالقوة و الانفراد بالسلطة فلماذا ثارت الشعوب و لماذا لجات مجمل الانظمة الملكية الى اعتماد نموذج الملكية الدستورية .  ان الحكم الفردي غالبا ما ينتهي بالتوتر و هذا يعني انه ليس معيارا للاستقرار و هذلا يعني ايضا انه للقضية تفسير اخر .
نقيض القضية (بقاء الدولة ليس مرهونا باعتماد الحكم الفردي )
 شرح و تحليل :يذهب أنصار الخكم الجماعي للتأكيد على فكرة أساسية مضمونها أن الديموقراطية تساهم في تحقيق الاستقرار و الكرامة الإنسانية مادامت  تسمح بمشاركة الشعب في الحياة السياسية  . أي ان الحكم الفردي لم يحقق النظام الذي وجدت منة اجله الدولة فكان البديل هو الحكم الجماعي . 
البرهنة:الديموقراطية ادرجت كنظام سياسي عند اليونان من اجل تحقيق كرامة الانسان . ثم اختفت في ظل العصور الوسطى لكن الثورات الرافضة للقمع فرضتها في المجتمعات الحديثة و المعاصرة . و الديموقراطية مصطلح يوناني مركب من لفظين هما ديموس ( الشعب ) و كراطوس ( حكم ) .
الديموقراطية هي هي استرجاع لحق الانسان الطبيعي الذي سلبته الديكتاتوريات.
فالشعب هو الملك و صاحب القلرار ،يوجه حياته العامة بارادته الحرة ، يسن القوانين و يختار من يحكمه و يستفي في القضايا المصيرية ، و كل ذلك ينم بواسطة الانتخاب و بالتالي كل قانون او مشروع لم يوافق عليه الشعب يعد باطلا . ‘ن القانون يعبر عن الارادة العامة و هو مقدس لا يمكن خرقه ، و لا يمكن للحاكم ان يكون فوق القانون . لانه مجرد مفوض و ليس مقرر يقول جون جاك روسو ( كل واحد منا سواء كان حاكما او محكوما يحقق حريته بخضوعه للقانون ، إذ ان هذه القوانين ليست سوى سجل لارادتنا و تعبيرا كاملا عنها )
يرى جون جاك روسو ان الانسانية كانت تتواجد في المجتمع الطبيعي ممتلكة للحقوق كاملة  لكن عند الانتقال الى المجتمع المدني غابت العدالة و حدث الصراع الذي لا يتماشى مع الطبيعة الخيرة للانسان ، فاضطت الانسانية الى تاسيس الدولة بواسطة عقد اجتماعي حصل بالتراضي بين كل الافراد ، فتنازل كل واحد منهم عن جزء من حريته لفائدة الارادة العامة ( هيئة الشعب ) التي تنظم حياتهم  ( إن الشعب في النظام الديموقراطي هو الملك من ناحية و هو الرعية من ناحية ثانية ) يقول جون جاك روسو : الديموقراطية هي تتويج لحركة الانسانيات و تقدير جديد لقيمة الانسان تقدير لنفسه و تقدير للاخرين .
مالك بن نبي : الديموقراطية شعور نحو الانا ، شعور نحو الاخرين . و الديموقراطية هي جملة الشروط التي تسمح بتنمية هذا الشعور . 
تطور الديموقراطية ادي الى ظهور شكلين -  أكد   هنري ميشال: " أن الغاية الأولى للديمقراطية (السياسية) هي الحرية. فهي تساهم في تطور الإنسان بضمانها لكل فرد حدا معينا من الحرية الإقتصادية ونصيبا عادلا من منتوج العمل وجوا ثقافيا أخلاقيا يمكنه من بلوغ قمة الإنسانية. فالديموقراطية السياسية هي حكومة شعب ناضج , وتعد من أصعب النظم تحققا لأنها تبنى على أساس قوة و كفاءة الشعب , هذه الكفاءة تتجلى من خلال انتخاب الحاكم الذي يحقق الكرامة , و القدرة على تطبيق مبادئ الإقتصاد الرأسمالي , حيث أن المؤسسات الخاصة هي الموجهة للإقتصاد و المتحكمة في الأسعار و التشغيل .  
أناتول فرانس يقول موريس دوفيرجي ( ان الديموقراطية  السياسية و الديموقراطية الاجتماعية غير متعارضتين في جوهرهما بل متكاملتين و متلازمتين ، و يمكن القول ان الديموقراطية الحقة لن تتحقق الا باقترانهما 
النقد : ان نظرية العقد الاجتماعي هي اكبر اكذوبة سياسية عرفها التاريخ لانه لا وجود لاي اتفاق على التنازل و مشاركة الشعب في الحياة السياسية يبقى ظاهريا بينما الحقيقي ان كل الانظمة تتخد الديموقراطية شعارا الا ان الوجه الخفي لها كشف عنه الواقع ( ثور تونس ، ثورة ليبيا ... ) كما ارقى نموذج للديموقراطية ( اللبيرالية ) وجد لخدمة الطبقة البورجوازية. كما ان انهيار الاتحاد السوفياتي لدليل على فساد الديموقراطية الاجتماعية . 
التركيب : و كتوفيق بين الطرحين يمكن التأكيد أن بقاء الدولة ليس مرهونا باعتماد الحكم الفردي دوما كما ان الحكم الجماعي يحمل سلبيات تمنع من ان يكون معيارا لدلك  بل الحقيقة تكمن في البحث عن نظام سياسي يحترم الحاكم و المحكوم ، يطبقالمبدا القائل ان مصلحة الجميع فوق مصلحة الحاكم . و لن يكون دلك الا  باعتماد مبادئ الشورى في الاسلام .  
الخاتمة : ( حل المشكلة ) ختام القول يمكن التاكيد ان بقاء الدولة ليس مرهونا باعتماد الحكم الفردي بل باعتماد الحكم الجماعي لأن الواقع المعاصر يثبت  بحث كل المجتمعات عن الحرية و الكرامة التي يمكن ان تتوفر باعتماد الديموقراطية  و خاصة الديموقراطية السياسية كونها تعد معيارا لرقي الو . م . أ . 




 مقالة مشابهة:

 اي استفسار ضعه في تعليق الله ينجحكم ولا تنسونا من دعائكم لنا                                 

ليست هناك تعليقات