بحث حول الوزير الأول

المقدمة
إن تطور وظيفة الدولة في المجال السياسي،الاجتماعي،الاقتصادي و المالي،ومع بروز تقنيات جديدة لتأطير الحياة السياسية ،تحولت الأنظمة التقليدية التي انتهجت مبدأ الفصل بين السلطات-التنفيذية ، التشريعية ، القضائية-الذي جاء به الفقيه موتيسكيو، حيث برزت علاقة جديدة بين هذه السلطات، غير ان هذه العلاقة عرفت اختلالا في التوازن لصالح السلطة التنفيذية نظرا للدور الذي أصبحت تلعبه هذه الأخيرة، و بذلك أصبحت السلطة التنفيذية العمود الفقري لأغلبية الأنظمة السياسية المعاصرة، خاصة الأنظمة الغربية رغم اعتناقها لمبدأ الفصل المذكور أعلاه.
ويختلف وضع السلطة التنفيذية من دولة إلى أخرى حسب النظام السياسي المطبق ،فوضع السلطة التنفيذية في دولة تطبق النظام البرلماني يختلف عن وضعها في دولة تعتنق النظام الرئاسي،و نظرا لارتكاز هذه الأنظمة على السلطة التنفيذية ، أصبحت الأنظار كلها تتجه نحو تنظيم هذه الأخيرة ،و توزيع السلطة فيها ،وهنا نجد نوعان من الأنظمة في هذا المجال:
أنظمة تتخذ مبدأ وحدوية السلطة التنفيذية شكلا و موضوعا ، و يتعلق الأمر هنا بالنظام الرئاسي ،و أنظمة أخرى تقوم على ازدواجية السلطة التنفيذية و نقصد هنا بالنظام البرلماني ، حيث يقوم بتوزيع الصلاحيات بصورة حقيقية بين منصبين وهما رئيس الدولة و الوزير الأول،و أنظمة أخرى نجدها تأخذ من خصائص كل من النظامين الأولين و هو مايسمى بالنظام المختلط.
وبالرجوع إلى النظام السياسي الجزائري المستمد من الفكر الفرانكفوني نتيجة الاستعمار الفرنسي ،حيث أن اتنظيم السلطة التنفيذية عدة تعديلات و كان أخرها التعديل الذي جاء به الدستور لسنة 1996و المعدل في 2008، إلا أن مايلاحظ أن تنظيم المراجعة الدستورية تمت تحت تأثير المؤسسة الحاكمة(رئيس الجمهورية)،ونتيجة لذلك مست أساسا ضمان تفوق المؤسسة التنفيذية، و بالخصوص العلاقة الموجودة بين ريس الجمهورية و الوزير و ذلك بعد مانتطرق إلى مكانة الوزير الأول في السلطة التنفيذية في الجزائر.
الإشكالية
- إن الدستور الجزائري قد اعتمد على مبدأ الثنائية في إطار تنظيم السلطة التنفيذية مجسدان ذلك في شخص كل من رئيس الجمهورية و الوزير الأول، tماهو المركز القانوني للوزير الأول ؟ وماهي صلاحياته لمخولة له ؟ وماهي العلاقة التي تربط الوزير الاول برئيس الجمهورية ؟ هل هي علاقة انسجام و تعاون ام علاقة تبعية و خضوع؟
للاجابة على الاشكال سطرت الخطة التالية الذكر:
خطة البحث
مقدمة.
المبحث الأول: تعيين وإنهاء مهام الوزير الأول.
المطلب الأول: تعيين الوزير الاول.
المطلب الثاني: انهاء منصب الوزير الاول.
المبحث الثاني:صلاحيات الوزير الاول و علاقته برئيس الجمهورية.
المطلب الأول: صلاحيات الوزير الاول.
المطلب الثاني : علاقة الوزير الاول برئيس الجمهورية.
الخاتمة.
المبحث الأول: تعيين و عزل الوزير الاول.
يقوم النظام الدستوري الحالي أي في اطر دستور 1996 وكذلك دستور 1989 على خلاف الدساتير السابقة على ازدواجية الهيئة التنفيذية ،بحيث أسندت السلطة التنفيذية إلى رئيس الجمهورية بمساعدة الوزير الأول ، وهذا الأخير يتولى مهامه ويستند سلطته من الدستور.
وتجب الإشارة إلى أحداث منصب نائب الوزير ،وفد تم تجسيد هذا الإجراء و لأول مرة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 10-149 المؤرخ في 28ماي 2010 المتضمن تعيين أعضاء الحكومة ، وهو إجراء الذي تم تطبيقه للمادة 77 الفقرة 7 من دستور 1996 المعدل.
فمن خلال هذا المبحث ،سنتطرق إلى تعيين و عزل الوزير الأول في الجزائر كمطلب اول، ثم الى صلاحيات الدستورية للوزير الأول كمطلب ثاني .
المطلب الاول:تعيين و عزل الوزير الاول
يمكن تعيين الوزير الأول من الاختيار الحر لرئيس الجمهورية و ذلك من بين الكثير من الشخصيات ،و لكن الوزير الاول المعين لا يمكن أن يفعل شيئا مهما دون دعم البرلمان ، و تنتهي مهما الوزير الاول بواسطة مرسوم رئاسي يوقعه رئيس الجمهورية بناء على الإقالة أو الاستقالة أو الوفاة (1)
الفرع الأول: تعيين الوزير الأول.
يؤدي رئيس الجمهورية بالنظر الى موقعه القيادي و إلى التقارير التي أرساها المؤسس الدستوري منذ الاستقلال دورا راجحا داخل النظام السياسي الجزائري لا تنافسه فيه أي سلطة أو مؤسسة دستورية أخرى، و يتبن ذلك من خلال تقفي حركية النصر و حركية التطبيقات الجارية عليه فإن رئيس الجمهورية ينفرد بتعيين رئيس الحكومة حسب ما تنص عليه المادة 77 فقرة 5 من دستور 1996 "يعين رئيس الجمهورية رئيس الحكومة و ينهي مهامه" إلا أنه إذا كان لرئيس الجمهورية حرية التعيين فإن ذلك لا يعني أنه يتمتع بحرية مطلقة من كل قيد باعتباره حامي الدستور و ضامن استقرار المؤسسات، عليه عند توقيع التعيين البحث عن الشخص المناسب للمنصب و مراعاة بعض المقاييس التي تضمن استمرار بقاء من وقع عليه الاختيار.(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر المادة 77/5 من دستور الجزائري 1996،الجريدة الرسمية عدد 76 المؤرخ 08ديسمبر 1996 ص6 و المعدل بقانون 08-19 الموافق في 15نوفمبر جريدة الرسمية عدد 63 ص 08.
(2) د سعيد بو شعير ، النظام السياسي الجزائري ،دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع،عين مليلة،الجزائر ،1990،ص 38.
أولا:اعتبارات الموضوعية لتعيين الوزير الأول:
إن تبني التعددية السياسية و الحزبية تتحكم في مسألة التعيين و من تم فإن سلطة رئيس الجمهورية مشروطة بالحياة السياسية التي تتقاسمها عدة تيارات سياسية و حزبية ففي حالة نظام الحزب المهيمن و كون الأغلبية البرلمانية و الرئيس من حزب واحد، فإن رئيس الجمهورية يستطيع أن يختار من يشاء لرئاسة الحكومة و حتى أعضائها أنفسهم كون الأغلبية البرلمانية تجد في سياسته ما يحقق برنامجه الذي هو برنامج رئيس الجمهورية.
أما في حالة ما إذا كانت الأحزاب المعارضة في البرلمان لا تحتوي على أغلبية هنا معارضا أو ائتلافا حزبيا معارضا لرئيس الحكومة يعين رئيس الجمهورية و يكون مجبرا سياسيا و ليس قانونيا على اختيار رئيس الحكومة من المعارضة لأجل الحفاظ على استمرار استقرار المؤسسات السياسية، إلا أن الدستور الجزائري قد منح في النهاية لرئيس الجمهورية صلاحية تعيين رئيس الحكومة دون قيد أو شرط قانوني و قد فرضت سلطة رئيس الجمهورية نفسها في هذا الصدد مدفوعة بقوة مصدره الإنتخابي، فإذا كان الرئيس الفرنسي مثلا وفقا لأحكام دستور 1958 يتقيد بمبدأ الأغلبية البرلمانية عند تعيين الوزير الأول فإن الرئيس الجزائري الأحرج عليه في ذلك و لعل مرد ذلك أن النظام الانتخابي الجزائري يأخذ بأسلوب نسبي.(1)
ثانيا :استحداث منصب نائب الوزير الاول:
أضاف التعديل الدستوري الجديد الذي صادق عليه نواب الشعب و أعضاء مجلس الأمة في البرلمان المجتمع منصب نائب الوزير الأول و ذلك في احكام الفقرة 07 من المادة 77 من الدستور الجزائري، إذ يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا أو عدة نواب للوزير الاول لغرض مساعدته في ممارسة وظائفه و ينهي مهامه أو مهامهم، و هذه الفقرة جديدة إذ لم تكن معروفة في النسخة الاصلية منذ دستور 1996 و ادرجت بموجب التعديل الدستوري الاخير، وهكذا فان الوزير الاول يقسم صلاحياته مع نوابه في حالة ما عينهم رئيس الجمهورية ضمن التركيبة الحكومية.(2)
المطلب الثاني: انهاء منصب الوزير الاول.
تنتهي مهام رئيس الحكومة إما بالوفاة أو في حالتي الإقالة و الاستقالة و يكون ذلك عبر مرسوم رئاسي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)بن زاغو نزيهة ،تقوية السلطة التنفيذية في الدول المغرب العربي، رسالة دكتوراه في القانون العام،جامعة الجزائر ، بن عكنون،2010،ص 97.
(2) انظر المادة 77 فقرة 07 من دستور الجزائري 1996 ،مرجع سابق.
الفرع الأول: الإقالة::
إن لرئيس الجمهورية مطلق السلطة في إقالة رئيس الحكومة متى قدر ذلك ، على أن يقوم بذلك بموجب مرسوم رئاسي يراعي فيه قاعدة توازي الأشكال.
الفرع الثاني: الاستقالة:
تأخذ استقالة رئيس الحكومة في الواقع شكلين هما:
- الاستقالة الإرادية: التي تنص عليها المادة 86 من الدستور:" يمكن للوزير الاول أن يقدم استقالة حكومته إلى رئيس الجمهورية"
- الاستقالة الحكمية: و يكون ذلك طبقا للحالات الواردة في المادتين 77 و90/2 من الدستور، و هذه الحالات هي :
* إذا رفض المجلس الشعبي الوطني برنامج الحكومة ن فان على رئيس الجمهورية أن يعين رئيس حكومة جديد.
* إذا رشح الوزير الأول نفسه لرئاسة الجمهورية.
* إذا صادق المجلس الشعبي الوطني ملتمس الرقابة و بتصويت أغلبية ثلثي النواب على الأقل.(1)
المبحث الثاني: صلاحيات الوزير الأول وعلاقته بريس الجمهورية.
يعتبر الوزير الأول،مسئولا عن تنفيذ السياسة الحكومية ، و هو لهذا الغرض يملك مجموعة من الصلاحيات تمكنه من تحقيق ذلك ، و هذه الصلاحيات التي نص عليها دستور 1996في المادة85 منه.
المطلب الأول:صلاحيات الوزير الأول.
صلاحيات الوزير الأول وفق التعديل الدستوري لسنة 2008:
المادة 85 من دستور 1996: زيادة عن السلطات التي تخولها إياه صراحة أحكام أخرى يمارس الوزير الأول الصلاحيات التالية:
-يوزع الصلاحيات بين أعضاء الحكومة مع احترام أحكام الدستور.
-يسهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات.
-يوقع المراسيم التنفيذية بعد موافقة رئيس الجمهورية على ذلك.
-يعين في وظائف الدولة بعد موافقة رئيس الجمهورية دون المساس بأحكام المادتين 77 و 78.
-يسهر على حسن سير الإدارة العمومية.
يملك رئيس الحكومة أو الوزير الاول عدد من الصلاحيات الدستورية تفسر مكانته داخل السلطة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)محمد صغير بعلي، القانون الإداري(التنظيم الإداري،النشاط الإداري)،دار العلوم للنشر و التوزيع،عنابه،2004،ص106-107.
التنفيذية و علاقته مع باقي المؤسسات الدستورية، وبالتالي فقد أنيطت به سلطات متعددة بعضها مرتبط بالوظيفة التنفيذية وبعضها ذو طبيعة إدارية باعتباره مشرفا على العمل الإداري، كما يملك سلطات تشريعية واضحة المضامين والأهمية مثل المبادرة بمشاريع القوانين و المشاركة في تحديد جلسات البرلمان.
الفرع الأول :التحديد الدستوري للصلاحيات التي ينفرد بها الوزير الأول:
إن مهام الوزير الأول تتمثل في تنفيذ و تنسيق برنامج رئيس الجمهورية و هذا ما أشارت إليه المادة 73 من الدستور (ينفذ الوزير الأول برنامج رئيس الجمهورية و ينسق من اجل ذلك عمل الحكومة) و تتمثل عملية التنفيذ بالنسبة للوزير الأول في القيادة و الإشراف و المراقبة و التوجيه للقائمين بهذه العملية من الوزراء، كما يملك صلاحية اتخاذ القرارات بهذا الشأن، أما التنسيق فيتمثل في تحقيق الانسجام بين القطاعات الوزارية.
أولا: توزيع الصلاحيات بين أعضاء الحكومة
يتولى الوزير الأول توزيع الحقائب الوزارية على كل وزير و يحدد صلاحياته، و في هذا الإطار فانه و بعد تعيين كل وزير تحدد له الصلاحية التي يجب عليه احترامها و عدم الاعتداء على صلاحيات الوزارات الأخرى.(1)
ثانيا :رئاسة اجتماعات الوزارة بعد تفويض من رئيس الجمهورية.
بعدما ألغى التعديل الدستوري لسنة 2008 مجلس الحكومة و ذلك في إطار التأكيد على مبدأ وحدوية السلطة التنفيذية، جاءت المادة 77 في فقرتها السادسة لتخول للوزير الأول رئاسة اجتماعات
الحكومة بناءا على تفويض من رئيس الجمهورية المادة 77 الفقرة 06 (يمكن لرئيس الجمهورية أن يفوض جزءا من صلاحياته للوزير الأول لرئاسة اجتماعات الحكومة(2
الفرع الثاني :سلطة الوزير الاول في مجالي التنظيم والتنفيذ:
من أهم مهام الوزير الاول السهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات من اجل المحافظة على النظام العام في البلاد، غير ان تعديل تنفيذ القوانين قد يعمل عدة تأويلات و في هذا الصدد يقول جورج فيدال: "إن مضمون تنفيذ القوانين قد يعني أولا نشر القوانين و التذكير بأحكامها استعمال الاكراه و القوة لضمان تنفيذها، اتخاذ الاجراءات المناسبة التي تدخل في اختصاصات الحكومة القيام بالتنفيذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ناصر لباد ،الوجيز في القانون الاداري، طبعة 4،دار المجدد للنشر و التوزيع،سنة 2010،ص104.
(2) محمد صغير بعلي، مرجع سابق،ص108.
مع الحفاظ على النظام العام" و يرى عبد القادر بولمان أن تنفيذ القوانين هي وظيفة ادارية تعني أولا: قيام رئيس الحكومة بتنفيذ القوانين التي يصادق عليها البرلمان و ثانيا قيام رئيس الحكومة (الوزير الاول) بتنفيذ التنظيمات و ثالثا اتخاذ القرارات الادارية اللازمة لتنفيذ هذه الاعمال.
بينما يرى بوكرع ادريس و أحمد وافي أن تنفيذ القوانين و التنظيمات يمتد لكل القوانين الموضوعة من طرف البرلمان و المراسيم الموضوعة من رئيس الجمهورية، فالوزير الاول يعود له اختصاص المجال التنفيذي المشتق بالعودة الى احكام المادة 125.(1)
ثانيا:توقيع المراسيم التنفيذية بعد موافقة رئيس الجمهورية.:
بعدما كان دستور 1996 يمنح للوزير الاول حق اصدار المراسيم التنفيذية بصفة مستقلة دون العودة لرئيس الجمهورية. جاء التعديل الدستوري 2008 ليلغي هذه الاستقلالية و يربط توقيع المراسيم التنفيذية بمدى موافقة رئيس الجمهورية عليها و هو ما يدخل ضمن تكريس وحدوية السلطة التنفيذية لا ثنائيتها و المراسيم التنفيذية هي نتيجة لتكليف الوزير الاول بالسهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات ذلك لأن بعض النصوص و التشريعات لا يتم تنفيذها بمجرد الاصدار و النشر بل تتطلب صدور مراسيم توضيحية تفسيرية للنص أو جزء منه، فهنالك بعض النصوص التي تحوي قواعد عامة يترك أمر تحديد كيفية تنفيذها للسلطة التنفيذية عن طريق الوزير الأول بالمراسيم التنفيذية.
ثالثا :صلاحية التعيين:

يتمتع الوزير الأول في إطار ممارسة اختصاصاته المقررة دستوريا بحق تعيين طائفة من موظفي الدولة المصنفين ضمن فئة الوظائف العليا غير أن الدستور وضع قيدا على ممارسة هذا الاختصاص يتمثل في

اشتراط موافقة رئيس الجمهورية و عدم المساس باختصاصات رئيس الجمهورية في التعيين و فق إحكام المادتين 77 و 78 من الدستور أي تنازع جاء المرسوم الرئاسي 99 رقم 99-239 المتضمن إلغاء المرسوم الرئاسي 89-44 و المرسوم التنفيذي 91-307 و عوض بالمرسوم م الرئاسي 99-240 الذي يتعلق بالوظائف المدنية و العسكرية المخول لرئيس الجمهورية التعيين فيها.(2)

رابعا :يسهر على حسن سير الإدارة العامة:

إذا كان الوزير الأول يسهر على السلطة التنفيذية فان له مسؤوليات خاصة في الميدان الاداري بالإشراف على الجهاز الإداري و ضمان النظام في تسيير المرافق العامة ومن ذلك فان مساعي الوزير

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عمار بوضياف ،الوجيز في القانون الاداري ،دار ريحانة، الجزائر ،ص132.
(2) ناصر لباد،مرجع سابق،ص106.
الاول لا تبلغ اهدافها الا اذا تمتع بالوسائل الكيفية و المتمثلة في ادارة قوية مهما كانت طبيعتها على قدر كبير من التنظيم ذات امكانيات و قادرة على اتخاذ اجراءات سريعة و فعالة، فمن المعلوم ان الادارة مصدر المعلومات و اصبحت من اهم الوسائل المتكأ عليها لتحقيق البرامج الحكومية في كافة المجلات و التحكم فيها يعني المسك بالسلطة التنفيذية التي تسهل عملية اتخاذ القرارات السياسية و الادارية.(1)
خامسا :الوظيفة الاستشارية للوزير الاول:ثالثا 
للوزير الاول مهام استشارية و ذلك بتقديم استشارة حول مسائل معينة كاعلان حالة الطوارئ و الحصار و كذا الحالة الاستثنائية او اعلان الحرب و كذلك اثناء حل المجلس الشعبي الوطني او تنظيم انتخابات او تنظيم انتخابات تشريعية قبل موعدها(2).

المطلب الثاني: علاقة الوزير الاول برئيس الجمهورية 
من خلال هذا المطلب سنتطرق الى علاقة الوزير الاول بريس الجمهورية وذلك داخل المجلس الوزراء و وكذا اعداد البرنامج الحكومي الذي يتضمن السياسة العامة للبلاد ، و هل العلاقة بينها في اطار هاتين الاليتين هي علاقة تعاون و تكامل ام هي علاقة خضوع و تبعية ؟

الفرع الاول:خضوع الوزير لرئيس الجمهورية من خلال تراس هذا الاخير لمجلس الوزراء.
يشكل مجلس الوزراء حجر الزاوية نظرا لاعتباره اطار اتخاذ القرارات المهمة،لذا الانظمة السياسية ادمجته ضمن السلطة التنفيذية ،
و المقصود بمجلس الوزراء حسب المعيار الشكلي هو ذلك المجلس الذي يضم الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية ،و بالرجوع الى المعيار العضوي فهو ذلك الاجتماع الذي يضم رئيس الجمهورية و الوزراء لدراسة امر سياسي،
ان دستور 1996 المعدل و المتمم فقد اقر في المادة 79منه ان مجلس الوزراء الذي يراسه رئيس الجمهورية حسب المادة 77/4 يعرض عليه الوزير الاول مخطط عمله لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية و هذا المخطط يمكن ان يتعرض للتعديل من طرف رئيس الجمهورية بحكم انه هو رئيس مجلس الوزراء.(3)
وتجب الاشارة ان الوزير الاول و بعد تعديل المادة من الدستور بموجب القانون رقم 08-19 فانه فقد وظيفة ترؤس مجلس الحكومة،التي كان تكرسها المادة/2 السابق، بحيث اصبح الوزير الاول ،يترأس اجتماعات مجلس الحكومة بعد ان كانت وظيفة اصلية بموجب الدستور،بتفويض من رئيس الجمهورية و هذا طبقا للمادة 77/6 لدستور1996 بعد تعديل المادة الاخيرة ،بموجب المادة 5 من القانون رقم 08-19.(4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ناصر لباد، الوجيز في القانون الاداري مرجع سابق،ص105.
(2) انظر المادة91 من دستور الجزائري 1996 المعدل،مرجع سابق.
(3) فقير محمد،علاقة رئيس الجمهورية بالوزير الاول في النظامين الجزائري و المصري ،رسالة ماجستير،جامعة بومرداس،2010ص67.
(4) ناصر لباد،المرجع السابق،106.
الفرع الثاني:اكتفاء الوزير بتنسيق برنامج رئيس الجمهورية في قيادته للحكومة.
تعمل الدولة على تحقيق أسباب الازدهار للمجتمع ،لا لشيء إلا لان المجتمع يتكون من أفراد الشعب صاحب السيادة الوطنية،يفوضها لمؤسسات دستورية قصد إدارة و تسيير الشؤون العامة.
تعتبر الحكومة المسؤولة الأولى على تحقيق الازدهار داخل الدولة عن طريق رسم و تحديد سياسة عامة تعتمد على توفير أسباب التنمية الوطنية على كافة الأصعدة ،وعليه يتحتم على الحكومة تحديد معالم السياسة التي تريد نهجها في إطار شكلي يسمى البرنامج الحكومي و يحتوي على سلسلة التدابير التي تسعى الحكومة اتخاذها قصد تحقيق الرفاهية و التقدم لإفراد الشعب.
و بالرجوع إلى نص المادة 79 الفقرة الأولى و الثانية منها من الدستور الجزائري المعدل و المتمم نجدها تنص " ينفذ الوزير برنامج رئيس الجمهورية ، و ينسق من اجل ذلك ،عمل الحكومة،يضبط الوزير الأول مخطط عمله لتنفيذه ، ويعرضه في مجلس الوزراء.
حيث يعتبر الوزير الأول إذن القائم بتنفيذ البرنامج الرئاسي، و يعمل من اجل ذلك على تنسيق عمل الحكومة لجعله متماشيا مع أهداف و متطلبات البرنامج الرئاسي عن طريق إعداد مخطط عمل الحكومة ، الذي يعتبر الإجراء البديل لبرنامج الحكومة الذي كان معمولا به في ظل الازدواجية التنفيذية قبل التعديل الدستوري الأخير (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فقير محمد،علاقة رئيس الجمهورية بالوزير الأول في النظامين الجزائري و المصري،مرجع سابق ص 76-75.
الخاتمة
ومن خلال كل ماسبق ذكره في هذا البحث ،يتضح ان الوزير الأول هو شخص معين من طرف ريس الجمهورية و على هذا الأخير كامل الحرية في اختياره و هذا حسب المادة 77/05من دستور 1996المعدل و المتمم ،
كما أن الوزير الأول في الجزائر لا يتمتع بالاستقلال العضوي عن رئيس الجمهورية في إطار تنظيم السلطة التنفيذية ،حيث يعتبر الوزير الأول مجرد تابع لرئيس الجمهورية و منفذ فقط لسياسة و برنامج هذا الأخير ،البرنامج الذي انتخب الشعب رئيس الجمهورية من اجله ، وهذا بصريح العبارة في نص المادة 79/2،3 من دستور 1996 ،
كما أن التعديل الأخير للدستور قد افرغ الوزير الأول من صلاحيات كان يتمتع بها قبل التعديل و أصبح دوره فقط في إطار السلطة التنفيذية عن إدارة العلاقات مع البرلمان و عن كونه المساعد الأول لرئيس الجمهورية حيث تقع على عاتقه مجموعة من القضايا الإدارية فيسهر بذلك على حسن سير الإدارة العمومية ، و بذلك أصبح رئيس الجمهورية بموجب النصوص الدستورية القائد الفعلي للحكومة و للأغلبية البرلمانية ، و بذلك تدفع الوزير الأول و الحكومة و الأغلبية البرلمانية إلى الخضوع التام لأوامر الرئاسة.
وفي الأخير يمكن أن نعتبر أن النظام السياسي في الجزائري ليس بنظام رئاسي و لا بنظام برلماني ، وانما يمكن اعتباره نظام مختلط يجمع تقريبا بين الطابع الرئاسي في جانبه الموضوعي (الوظيفي)و الطابع البرلماني في جانبه العضوي (الشكلي).
المراجع المعتمدة:
الكتب :
1- محمد صغير بعلي، القانون الاداري(التنظيم الاداري،النشاط الاداري)،دار العلوم للنشر و التوزيع،عنابة،2004.
2- ناصر لباد ،الوجيز في القانون الاداري، طبعة 4،دار المجدد للنشر و التوزيع،سنة 2010.
3- عمار بوضياف ،الوجيز في القانون الاداري ،دار ريحانة، الجزائر.
4- سعيد بو شعير ، النظام السياسي الجزائري ،دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع،عين مليلة،الجزائر ،1990،
الرسائل الجامعية:
1- بن زاغو نزيهة ،تقوية السلطة التنفيذية في الدول المغرب العربي، رسالة دكتوراه في القانون العام،جامعة الجزائر ، بن عكنون،2010.
2- فقير محمد،علاقة رئيس الجمهورية بالوزير الاول في النظامين الجزائري و المصري ،رسالة ماجستير،جامعة بومرداس،2010.
القوانين :
1- دستور الجزائري 1996،الجريدة الرسمية عدد 76 المؤرخ 08ديسمبر 1996 ص6 و المعدل بقانون 08-19 الموافق في 15نوفمبر جريدة الرسمية عدد 63 ص 08.

ليست هناك تعليقات