كتاب جاك لوغوف.. التاريخ والذاكرة

 كيف نظر جاك لوغوف إلى التاريخ؟ أو بالأحرى كيف ارتات مدرسة "الحوليات الفرنسية التي ينتمي إليها أن تدرس التاريخ؟ في معجم التاريخ الجديد (1978) الذي أشرف لوغوف على نشره، تلاحظ أن مادة التاريخ لم تعد مسلطة على المعارك ومآثر الملوك والأمراء والرؤساء، بل توسعت لتشمل الأنثروبولوجيا التاريخية وعلمي الاجتماع والنفس والإثنولوجيا والثقافة المادية والمتخيل الشعبي والمهمشين، وراح المؤرخون الجدد يدرسون تاريخ الذهنيات والبنى الاجتماعية، ووظفوا في سبيل ذلك جميع علوم العصر، ولا سيما العلوم الإنسانية، فأفاد التاريخ الجديد من علم الإحصاء السكاني والعاديات والاقتصاد و"الأنثروبولوجيا الدينية والمناهج الحديثة في تاريخ الأدب والفن والعلوم والسياسة، وانصب اختيار القضايا الجديدة على المناخ واللاوعي والأسطورة والذهنيات واللغة والكتاب الشباب والجسد والمطبخ والرأي العام والفيلم والعيد". وإذا بالتاريخ الجديد يستقي من العلم منهجه وصرامته وتوثيقه، وإذا به ينفتح على المدون وغير المدون، ذلك أن كتابة التاريخ تتجاوز الكتابة والتدوين، وتنقل جميع النشاطات البشرية.

....... (الناشر)

.

.

بينما كان التاريخ الغربي، إبان العصر الوسيط، يستظل بنظرية التاريخ الأغسطينية هذه، ويتابع ببطء وتواضع مهمات مهنة المؤرخ. أنتج الإسلام من جانبه ولو متأخرا عملا عبقريا في مجال فلسفة التاريخ، وهو مقدمة ابن خلدون. لكن المقدمة، خلافا لـ مدينة الله، ومن دون تأثير مباشر، استشفت بعض خطوات روحية التاريخ العلمي الحديث. يجمع كل الاختصاصيين على اعتبار ابن خلدون «مفكرا نقديا استثنائيا في زمانه»، و«عبقرية تتمتع بحدس لا يضاهي»، ورجلا «سبق زمانه بأفكاره وطريقته» (فانسان مونتي (V. Monteil)) في المفتتح الذي كتبه عن ابن خلدون،ورأى أرنولد تويبني في المقدمة: «أهم عمل في مجالها من دون أدنى شك، لم يقدم عليه أحد لا في الزمان ولا في المكان»... جاك لوغوف






جاك لوغوف.. التاريخ والذاكرة

ليست هناك تعليقات