علاقة الأتراك بالليبيين

 


علاقة الأتراك بالليبيين: 

اعتبر الأتراك أنفسهم طبقة فوقية متعالية ، ونظرت إلى المواطنين الليبيين نظرة دُنيا ، مما زاد من الإنفصال بين الليبيين وبينهم ، کہا ازداد المجتمع الليبي إنغلاقا وتقوقعا . ومن الملاحظ أن صلات الليبيين سكان المدن بالأتراك كانت أقوى منها في القرى والبوادي ، بل يمكن القول إنه لم يكن هناك أي اتصال بين سكان هذين القطاعين والأتراك إلا حين تخرج قوافل ملتزمي الضرائب والجند لتحصيل الأعشار والأتاوات منهم ، بينا نرى أن سكان المدن صار بينهم وبين الأتراك نوع من الإتصال وتبادل المنافع ، نتج عنه عمليات زواج عديدة بين الجند الاتراك والليبيات ، وعرف نسلهم باسم القولوغلية ، ولكن قلما كان يسمح الآباء الليبيون لبناتهم مرافقة أزواجهن إلى بلادهم إذا انتهت خدمتهم في الجيش أو نقلوا من طرابلس ، كما أن الجند أنفسهم كانوا يجدون في اصطحاب زوجاتهم نوعا من المشقة ، ومن ذلك فإن الأسر القولوغلية بقيت داخل الأراضي الليبية وأنصهرت تماماً في المجتمع الليبي لغة وطباعاً وعادات ، وقد حاول الأتراك أن يستفيدوا من روابط الدم التي تربطهم بهم ، ليكونوا عونا لهم على المواطنين العرب فأعفوهم من الضرائب ومنحوهم بعض الإمتيازات (ونذكر هنا أن هناك بعض القبائل العربية انظمت الى القولوغية لتحصل على هذه الإمتيازات) وأدخلوا قسمـاً من شبابهم في سلك الجندية ، ولكن الأسر القولوغلية أثبتت في مناسبات كثيرة بأنها لا تقل غيرة على الشعب الليبي  وتمسكا بالأرض التي ولدوا وعاشوا فيها عن غيرهم من الأسر الليبية ولعل خير دليل حين سنحت لهذه الأسر الفرصة للوصول إلى حكم البلاد كالأسرة القرمانلية وهي من الأسر القولوغلية كشفوا بشكل سافر عن انتمائهم للأرض التي عليها ولدوا وفي مناخها عاشوا وتربوا ، فكان أول عمل قام به عميد الأسرة القرمانلية قضاءه قضاءاً تاماً على جند الإنكشارية الغرباء ، وقد اعتمد القرمائليون على العنصر الليبي في حكمهم اعتماداً كاملاً واتخذوا منه وزراء وقواداً ومستشارين ، كما أنهم جعلوا لغة البلاد الرسمية العربية مع التركية ، فغدت لغة البلاط والدوائر الرسمية والدواوين والتعليم والقضاء وإتوري روسي الذي يؤيد ما ذهبنا إليه ، يصف يوسف القرمانلي بأنه كان حاكما طرابلسيا تولى السيادة على طرابلس (ليبيا).

ليست هناك تعليقات