مقالة فلسفية الاحساس والادراك طريقة جدلية

طرح المشكلة:
يسعى الانسان الى تحقيق التكيف مع العالم الخارجي لهذا فهو يقوم بمجموعة من العمليات تضمن له التكيف مع هذا العالم ونجد من بينها الاحساس والادراك فالاولى مرتبطة بالحواس والثانية مرتبطة بالعقل غير ان العلاقة التي تجمع الاحساس بالادراك اثارت جدالا فلسفيا بين من يرى بوجود علاقة انفصال والبعض الاخر يرى بوجود علاقة اتصال وهذا مايدفعنا الى طرح التساؤلات التالية هل العلاقة الموجودة بين الاحساس والادراك علاقة انفصال ام اتصال ؟
وهل يمكن التميز بين الاحساس والادراك ام انهما عملية واحدة؟ هل يعني اننا بمجرد ان نحس ندرك في نفس الوقت؟ ام ان الاحساس يتميز عن الادراك؟
محاولة حل المشكلة:
يرى كل من انصار الفلسفة التقليدية ( العقليون والحسيون) ان العلاقة الموجودة بين الاحساس والادراك علاقة انفصاللوجود تمايز واختلاف بين الاحساس والادراك فالاحساس عملية فيزيولوجية تعتمد على الحواس بينما الادراك عملية نفسية معقدة تعتمد على فعاليات العقل العليا لهذا كان الادراك المجرد اعلى قيمة من الاحساس فهو خاصية انسانية بينما الاحساس يشترك فيه الانسان مع الحيوان فالادراك يضفي على الاشياء معانيها ودلالاتها بينما الاحساس يهتم بعوارضها وقد اكد ديكارت على ضرورة الفصل بين الاحساس والادراك من حيث القيمة الخلقية لكليمها فالحواس تقدم معرفة خاطئة كثيرا ماخدعت الانسان وفي هذا يقول ديكارت < كل ماتلقيته الى حد الان على انه اصدق الامور واوثقها تلقيته من الحواس الى انني وجدتها خادعة في بعض الاحيان ومن الحكمة الا نطمئن الى من خدعونا ولو لمرة واحدة > كما نجد آلان يبين ان الادراك يختلف عن الاحساس وبين ذالك من خلال امثال المكعب فالحواس تقدم لنا ثلاثة اوحه من اصل ستة وتسعة اضلاع من اصل ١٢ والعقل هو من يحكم عليه انه مكعب وفي هذا يقول < المكعب شئ معقول وليس محسوس فبالاضافة الى هذا بين مين دوبيران ان ادراك الاشياء يختلف عن الاحساس بها ويقول في هذا < الادراك يزيد عن الاحساس بان آلة الحس فيه تكون اشد فعلا والنفس اكثر انتباها > وعلى الرغم من الاختلاف المذهبي وتباين الطرح فان الفلاسفة الحسين يوافقون الفلاسفة العقلين فيالقول بين الاحساس والادراك فالعقل بحسبهم صفحة بيضاء والتجربة تكتب عليه ماتشاء ومنه فالمدركات العقلية ماهي سوى اانطباعاتوخبرات حسية وانه لاوجود لشيئ في الاذهان مالم يوجد في الاعيان لهذا انكر الفيلسوف الانجليزي جون لوك وجود افكار فطرية قبلية سابقة للتجربة واعتبر الاحساس اساس كل معرفة وهذا يقره في مقولته المشهورة < لو سالت الانسان متى بدا يعرف لاجابك متى بدا يحس > فالعقل بحسب النزعة الحسية ماهو الا مرآة عاكسة لماهو موجود في الطبيعة ولولا الحواس لما امكن الانسان الاتصال بها < فالاحساس عملية ضرورية وهي شبيهة بالجسد الذي يساعد الانسان على الاتصال بالعالم الخارجي>
النقد: حقيقة يوجد تمايز بين الاحساس والادراك المجرد الا ان الفصل بينهما امر منطقي يعكس اولوية عمل الحواس من خلال الدور الذي يبدا من محاولة تفسير المؤثرات التي تنقلها الحواس لهذا عملها مرتبط بعمل العقل وغياب الحواس يعني بالضرورة غياب دور العقل بالاضافة الى هذا كلاهما عملية ذاتية متعلقة بذات المدركة والادراك لايتوقف في تشكيله عند الشرط لوحده بل يرتبط بشروط موضوعية ايضا.
عرض نقيض الاطروحة: يرى كل من الجشطالتيون والضواهريون ان العلاقة الموجودة بين الاحساس والادراك علاقة اتصال لانهما في نفس الوقت فالجشطالتيون يرفضون ان يرتبط الادراك بمجموعة من الاحساسات كما يرفضون ان يرتبط بنشاط العقل لانه ادراك موضوعي وليس ذاتي فالادراك بحسب انصار المدرسة الجشطالتية ادراك الاشياء في مجالها المنتظم وفق قوانين وعوامل ( عامل التشابه التقارب الاغلاق ) اما النزعة الظواهرية بزعامة هورسل ميرلوبونتي فتقر بانه لاوجود لاحساس خالص ولاعقل محض انهما شيئ واحد يمثلان الحياة النفسية للذات المدركة والادراك مرتبط بالشعور ولا يرتبط بكليهما وهذا مابينه ميرلوبونتي في قوله < ان الاحساس هو ذلك الاتصال الحيوي بالعالم الذي يجعله لنا حاضرا بصفته مكانا مالوفا لحياتنا ومنه يستمد الموضوع المدرك والذات المدركة سمكها > ومعنى هذا ان كل احساس في حقيقته هو عملية ادراكية تتم بالاشتراك مع العقل في نفس الوقت وترى الضواهرية ان الادراك هو معرفة وصفية يؤدي اليها عامل الامتداد الذي يتميز به شعورنا وانه لاادراك شعوري الابموضوع
تجمع الظواهرية بين العامل الذاتي والموضوعي وليس ثمة مايبرر الحديث عن ادراكات عقلية خالصة ومجردة لانها تعتبر ترفا فكريا لاطائل منه كما يذهب الظواهرين الى اعتبار الادراك مشروطا بموضوع واظافو لهذا شرطا اخر مفاده ان يكون الموضوع مقصودا اي لاموضوع مدرك الا من حيث المقصود ولاقصدية تعني ان فعل الشعور لابد ان يكون له موضوع يتجه اليه فالفكر يكون فكرا الا اذا فكر في موضوع مقصود منه تحقيق التعايش مع الاشياء وقد وضع الظواهريون خطوات موضوعية لوصف الظواهر وهي تمثيل في تعليق الحكم ووضع القوانين التامل في الاحوال الشعورية للموضوع وقد يعني عدم وجود ادراك ذهني غير مرتبط بالحواس ولاوجود لاحساس خالص غير مسبوق بشعور ذهني وهذا مايعزز فرضية استحالة الفصل بينهما
النقد: حقيقة يشترك الاحساس والادراك في نفس الغاية وفي تحقيق التكيف الجيد للعالم الخارجي غير انه
الادعاء بوجود تشابه مطلق بينهما لايعكس حقيقة الواقع الانساني فالاحساس مختلف عن الادراك والانسان في ايامه الاولى يحس ولايدرك اما الانسان الراشد فهو يدرك
التركيب : مما سبق يتضح لنا انه لاوجود لاحساس خالص كاف لوحده لمعرفة العالم الخارجي فكل احساس يتخلله ادراك مجرد لنشاط عقلي كما انه ادراك لايتم فقط من خلال شروط موضوعية بل الى شروط ذاتيه وعليه ان العلاقة الموجودة بين الاحساس والادراك تتجاوز البحث في الاتصال والانفصال الى علاقة تكامل وظيفي فاحدهما بحاجة الى الاخر اما الفصل فهو من حيث الهدف والغاية ويعتقد ان الادراك درجات فكلما نزلنا في سلم الادراكات فنحن نقدر من
حل المشكلة: نستنتج في الاخير انا المعرفة الادراكية الانسانية ليست معرفة حسية خالصة ولامعرفة عقلية مجردة بل ترجع لكليهما فهي معرفة حسية عقلية معا وعلبه لايمكن الفصل بين الاحساس والادراك المجرد فالادراك السليم يبدا كعملية معقدة من محاولة تفسير المؤثرات الخارجية عن طريق فعاليات العقل العليا فالادراك يحتاج الى عمل الحواس وعمل العقل معا .

هناك 4 تعليقات: