كتاب كيف تتحدث عن كتاب لم تقرأه ؟ pdf


"أي القارئين أفضل، من يقرأ كتاباً قراءة معمقة ولا يستطيع أن يحدد موقعه أم من لا يدخل إلى أي كتاب ولكنه يتجول في كل الكتب؟"
من النظرة الأولى يبدو عنوان هذا الكتاب (كيف تتحّدث عن كتب لم تقرأها) مخادعًا وساخرًا إلى حد كبير. لكن ماذا عن الكتاب العلمي الذي ألّفه عدد من الأكاديميين بطريقة مفصلة ومملة؟ ماذا عن أوديسة هوميروس التي نقرأ نصفها على مضض، ثم ننساه على الفور؟ ماذا عن آلاف الكتب التي كان من الممكن أن تكون، ويجب أن تكون، وكانت من الأساس عند نقطة ما مجرد مقالة في مجلّة؟ هل يجب أن نقرأ كل هذه الكتب من الغلاف للغلاف لكي نصبح أفرادًا مكتملي الثقافة؟ عندما ننظر للأمر بطريقة مغايرة قليلًا نجد أن لدينا: كتبًا قرأناها، كتبًا سمعنا عنها، كتبًا نسيناها وكتبًا لم نقرأها من الأساس. بهذه الطريقة تصبح القراءة أكثر من مجرد حاوية للمعرفة وتتحول لبوصلة توجّه ذواتنا نحو العالم. العالم الذي لا تصبح فيه الكتب محض عناصر معزولة عن بعضها بل نظامًا متماسكًا من الفهم: "كما يعرف المثقفون - ولسوء حظهم، لا يعرف العامة ذلك - أن الثقافة قبل كل شيء متعلقة بالتوجيه. أن تكون مثقفًا هذا لا يحتّم عليك قراءة أي كتاب بعينه، لكنه يحتّم عليك أن تتمكن من العثور على اتجاهك وتحديد الكتب التي تشكّل نظامًا حوله، هذا يجعلك قادرًا على معرفة كل عنصر وعلاقاته داخل النظام.

يقدم بايار رؤية مختلفة حول مفهوم القراءة ومفهوم اللاقراءة عبر وجهة نظر سوسيولوجية ونفسية.
كما يطرح نظريته الخاصة حول القراءة والتي تتلخص في اللاقراءة !

" ان علاقتنا بالكتب ليست تلك العملية المستمرة والمتجانسة التي يحاول بعض النقاد أن يوهمونا بها، وليست الحيّز الذي نعرف فيه أنفسنا معرفة شفافة، لكنها حيّز غامض مظلم تتسلط عليه شظايا الذكريات، وترتبط قيمته، بجميع أشكالها بما في ذلك الإبداعية، بالأشباح الغامضة الهائمة فيه

كيفيات القراءة التي تطرق لها بايار وطرائقها:

*الكتب التي لا نعرفها

ودار هذا الباب حول مفهوم موزيل عن القراءة والذي يتلخص في "النظرة الشمولية" التي تقوم على منهجية المكتبي" أمين المكتبة "الذي يختزل الكتاب أو فعل القراءة في الاطلاع على فهرس الكتاب والعناوين .
وتتكئ هذه المنهجية على تكوين" المكتبة الجماعية" وتقوم فكرتها على- الإمساك ب- جوهر الكتاب وهو موقعه من الكتب الأخرى؛ ففهم العلاقة الوثيقة بين مضمون الكتاب وموقعه " سياسي-أدبي-اجتماعي،.... " هو ما يعد كافياً لتقديم قراءة عنه دون قراءته بشكل فعلي .

*الكتب التي تصفحناها

وتتلخص في استيراتيجية القراءة السريعة ممثلة ب-فاليري.

إن فاليري مثل موزيل يحثنا كما يذكر على أن نفكر بمنطق المكتبة الجماعية لا بمنطق الكتاب المفرد.
كما أن كل كتاب يخضع لمنطق معين، وهو مافهمه فاليري جيداً، فلم يلتفت إلا لهذا المنطق وحده في تقديم قراءة عن كتاب لم يقرأه. فمن المهم لديه هو أن تلتفت وتنتبه جيداً وأنت تتصفح الكتاب دون أن تقرأه فعلاً، للصور/ الشكل، والاستراتيجيات التي يتبعها المؤلف لتمسك بالخيط الذي يفسر ويقدم رؤية المؤلف / الكاتب .

*الكتب التي سمعنا بها

وتتلخص هذه الاستيراتيحية في منظور أمبرتو إيكو الذي يشترط على القارئ أن يحسن الإصغاء لكل ما يقوله أو يكتب عنه غيرنا من القراء عن كتاب ما والذي يعد كافياً لتقديم قراءة دقيقة عن مضمونه. وبالاستناد كذلك على فن ومهارة المقاربة بين كتاب وآخر.

" الثقافة هي قدرتنا على تحديد مواقع الكتب في المكتبة المشتركة وعلى تحديد موقعنا داخل كل كتاب."

*الكتب التي نسيناها
" السؤال هنا عن كتاب قرأناه ونسيناه تماماً بل نسينا أننا قرأناه، هل يبقى كتاباً قرأناه؟"

وتتجسد هذه الطريقة بأساليب مونتين الذي يعاني من مشكلة النسيان. وهي بتدوين الملاحظات والحواشي في آخر الكتاب للتغلب على هذه المشكلة التي واجهته كثيراً مع القراءة . اذ لا يعود يميز حقاً بين الكتب التي قرأها فعلاً والتي لم يقرأها. وهذه الطريقة كفيلة بحفظ رأي القارئ الذي كونه عن الكتاب والكاتب معاً، وهي تسهل على القارئ الاسترشاد في فترات النسيان وتمنحه الاطمئنان في العودة اليسيرة للكتاب.

تطرق بايار في الفصول اللاحقة إلى كيفية ابتداع وخلق القارئ لكتاب لم يقرأه، وذلك وفق حالات قياسية مختلفة . كما تطرق أيضاً لكيفية التعامل مع الظروف والمواقف التي تجعلك تحت مجهر المساءلة حول موضوع كتابٍ ما. جميعها ميكنزمات تساعدك على النجاة من فخ السؤال والنقد، وفضح ضحالة معرفتك .

" أنا لا أقرأ أبداً الكتب التي يطلب مني أن أكتب عنها: إن فعلت فلن أسلم من تأثيرها." أوسكار وايلد.

محنة اختفاء الذات أكثر ما شغل فكر بايار في قراءة الكتاب. فكيف تحافظ على ذاتك وتفصل وعيك الخاص عن المؤلف؟ وهو أكثر ما يخشاه بايار.
أن تقدم شكلك الخاص" كتابك الداخلي" دون الذوبان في الآخر " المؤلف" كان مدعى كبير للقلق والتوتر لديه، بل هو أسوء ما يمكن أن يحدث للقارئ.

ومن وجهة نظره "الثقافة كلها تنفتح أمام من يظهرون القدرة على قطع الصِّلة بين الكلام وموضوعه وعلى الحديث عن أنفسهم ."

ان كل ما يحث ويدعو له بايار في هذا الكتاب هو أن تخرج من التصنيفات الرائجة للقراءة وأن تبتكر طرقك الخاصة بك "أن تخلق كتاباً" وأن تتحرر من ثقل الثقافة والإملاءات المملة لشكل القراءة المثالية. فلا بأس إن لم تكمل قراءة كتاب ما بالكامل، أو حتى إن لم تقرأه?!

الكتاب قدم تجارب وقصص مجنونة جديرة بالقراءة والاهتمام والإصغاء.

بيير بايار
ترجمة : غسان لطفي

اقرأ كتاب كيف تتحدث عن كتاب لم تقرأه ؟ pdf عبر :


او


                                                      لمزيد من كتب          

تحميل كتاب كيف تتحدث عن كتاب لم تقرأه ؟ pdf عبر :


او

ليست هناك تعليقات