مقالة البيولوجيا والمنهج التجريبي


💥مقالة البيولوجيا والمنهج التجريبي 💌 مقالة موسعة وثرية جدا 🤩 للشعب العلمية والتقنية والتسيير 💯 دعواتكم لنا بالتوفيق 🤲 شاركها مع زملائك للاستفادة 😍💥💪

مقالة تم أحدها من صفحة استاذ خليل سيعداني

مقالة البيولوجيا والمنهج التجريبي


هل يمكن إخضاع المادة الحية للمنهج التجريبي ؟ / هل الدراسة العلمية في البيولوجيا مماثلة للدراسة العلمية في المادة

الجامدة / هل تخضع المادة الحية للدراسة التجريبية ؟

 

مقدمة عرفت  البشرية. في العصر الحديث نهضة علمية واسعة وذلك بفضل اعتماد العلوم على المنهج التجريبي حيث يعتبر

فرنسيس.بيّكون أول من وضع أسس هذا المنهج وأقامه على المادة الجامدة وبفضله حققت العلوم الفيزيائية تطورا كبيرا

وهذا التطور رغب علماء البيولوجيا في استعارة هذا المنهج من اجل تحقيق نفس النتائج وتحقيق التقدم في دراسة المادة

الحية؛ وعليه تعد البيولوجيا ف مفهومها بأنها العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر الحية من إنسان وحيوان و نبات؛ ولكن

البيولوجيا تختلف عن)المادة الجامدة من حيث طبيعتها المعقدة؛ الأمر الذي جعل البعض يؤمن بأن تطبيق خطوات المنهج

التجريبي عليها بنفس الكيفية المطبقة في المادة الجامدة مستحيل نظرا لوجود مجموعة من العوائق؛ بينما يعتقد آخرون أن

المادة الحية مثل الجامدة من حيث مكوناتها مما يسمح بإمكانية إخضاعها للدراسة التجريبية؛ فهل يمكن فعلا تطبيق المنهج

التجريبي على المادة الحية أم أن هناك عوائقا تمنع ذلك ؟

 

محاولة حل المشكلة - عرض - الموقف الأول الطارئة الأولى؟ يرى البعض أنه لا يمكن تطبيق المنهج التجريبي على

الظواهر الحية بنفس الكيفية التي يتم فيها تطبيقه عل المادة الجامدة؛ إذ تعترض ذلك جملة من الصعوبات والعوائق

 

المادة الحية شديدة التعقيد نظرا للخصائص التي تميزها؛ فالكائنات الحّية تتميز بالوحدة العضوية التي تعني أن الجزء تابع

للكل ولا يمكن أن يقوم بوظيفته إلا في إطار هذا الكل؛ وأيضا المادة الحية تتميز بالحركة والتغير والنمو والتنفس والتخمر

والتكاثر وغيرها من الوظائف الحيوية التي تجعل من دراسة الكائن الخّي غاية في التعقيد

 

عائق الملاحظة . وهذا راجع لتشابك الأجزاء العضوية الحية فيما بينها مما يمنع ملاحظتها ملاحظة علمية فمن شروط

الملاحظة العلمية الدقة والشمولية ومتابعة الظاهرة في كل شروطها ومراحلها لكن ذلك يبدو متعذرا في المادة الحية نظرا

لتشابكها وتميزها بالوحدة العضوية مثال ذلك صعوبة ملاحظة وظيفة جهاز المناعة ملاحظة دقيقة

 

عائق العزل لأن عزل العضو قد يؤدي إلى موته؛ يقول كوفييه " إن سائر أجزاء الجسم الحي مكتبظة فيما بينهلافهي لا

تتحرك إلا بمقدار ما تتحرك كلها معا والرغبة في فصل جزء منها معناه نقلها من نظام الأحياء إلى تلام الأموات» مثال

ذلك عدم قدرتنا على عزل عضو القلب واجراء التجربة عليه فلو فعل ذلك الباحث لكان مصير الكائن الحي المؤت

 

مشكلة الفرق بين الوسطين الطبيعي والاصطناعي فالكائن الحي في المخبر ليس كما هو في حالته الطبيعية؛ إذ أن تغير

المحيط من وسط طبيعي إلى شروط اصطناعية يشوه الكائن الحي ويخلق له اضطرابا في العضوية ويفقده التوازن؛ بينما

المادة الجامدة فإنها لا تتغير تحت تأثير العوامل الطبيعية كانت أم اصطناعية مثال اخراج السمك من الوسط الملائم له وهو

الماء المالح او العذب واجراء التجربة عليه فان ذلك يفقده حياته


تعذر تطبيق مبدأً الحتمية لأن تكرار نفس التجربة لا يؤدي دائما إلى نفس النتيجة؛ مثال ذلك أن حقن فأر بالمصل لا يؤثر

فيه في المرة الأولى؛ وفي الثانية قد يصاب بصدمة عضوية؛ والثالثة تؤدي إلى موته؛ مما يعني أن نفس الأسباب لا تؤدي

إلى نفس النتائج في البيولوجيا وهو ما يلزم عنه عدم إمكانية تطبيق مبدأ الحتمية يقول ألبير نافلي " لا يمكن أن يكون

تصنيف,الأحيوانايتا مثل الذي يتحكم في مجموعة من علب الكبريت" أي انه لا يتعامل مع أشياء جامدة

 

عائق البيو تيقا- أ إن التجريب يؤثر على بنية الجهاز العضوي؛ ويدمر أهم عنصر فيه وهو الحياة وهذا ما يتنافى مع

أخلاقيات الممارسة البيولوجية" البيو تيقا " لذا يقول لوكينت دولوي "لا يستطيع العالم الذي حلّل المادة الحية أن يركبها

بجميع عتاصزهالمشوشة التي قسمتها عقاقير الكيمياء" وهذا يجعلنا نتذكر ان التشريح على الكائنات الحية وإقامة التجربة

عليها كانت في زمن مضئ قريبا تعتبر محرمة وخاصة ما كانت تفرضه الكنيسة على العلماء من عقوبات تصل الى حد

الاعدام

 

نقد ومناقشة: نحن لا ننكر التأثرين السلبي لهذه العوائق أمام العلماء لكن هذه مجرد عوائق تاريخية لازمت البيولوجيا عند

بداياتها ومحاولتها الظهور كعلم بعد انفصالها عن الفلسفة؛ كما أن هذه العوائق كانت نتيجة لعدم اكتمال بعض العلوم الأخرى

التي لها علاقة بالبيولوجيا خاصة التقنية وعلم الكَيَمَيَاءِ فسرعان ما تَمّ تجاوزها.

 

الموقف الثاني - الاطروحة الثانية: وخلافا لما سبق يُعتقد البعض من أمثال كلود برنارد وفرنسوا جاكوب أنه يمكن إخضاع

المادة الحية للمنهج التجريبي؛ فالمادة الحية كالجامدة من حيث المكونات وعليه يمكن تفسيرها بالقوانين الفيزيائية والكيمائية

أي يمكن دراستها بنفس الكيفية التي ندرس بها المادة الجامدة. َيَعُود الفضل في إدخال المنهج التجريبي في البيولوجيا إلى

العالم الفيزيولوجي كلود برنار متجاوزا بذلك العوائق المنهجية التي صافت المادة الحية في تطبيقها للمنهج العلمي اذ يقول

" لابد لعلم البيولوجيا أن يأخذ من الفيزياء والكيمياء المنهج "لتجريبي؛ لكنّ .مع الاحتفاظ بحوادثه الخاصة وقوانينه

الخاصة" . وما يثبت ذلك نذكر ما يلي

 

المادة الحية تتكون من نفس عناصر المادة الجامدة أي أنه من الناحية الكيمائية المادة آلكخية تعتمد على نفس العناصر التي

 

تتكون منها المادة الجامدة؛ فالأكسجين يدخل في تركيب الجسم بنسبة 9670 والكربون بنسة18967والهييدروجين بنسبة

0 وكذا الازوت والكالسيوم والفسفور بنسب متفاوتة ومادام الأمر كذلك فيمكن تفسيرها بنفس القوانين التي: تفسر بها

المادة الجامدة ودراستها بنفس الكيفية كذلك

 

أما على مستوى الملاحظة فقد صار من الممكن القيام بالملاحظة الدقيقة على العضوية دون الحاجة إلئ فصل الأعضاء

 

بعضها عن بعض؛ أي ملاحظتها وهي تقوم بوظيفتها؛ و ذلك بفضل ابتكار وسائل الملاحظة كالمجهر الإلكتروني والأشعة

 

والمنظار وذلك راجع الى التطور التكنولوجي :

 

كما أصبح هناك إمكانية للقيام بعزل العضو أو فصله؛ ويمكن بقائه حيا مدة من الزمن بعد وضعه في محاليل كيميائية خاصة.

 

يقول فرونسوا جاكوب "على العالم الفيزيولوجي أن يسعى بواسطة التحليل التجريبي الى تجزئة العضوية وعزل

 

 

مكوناتها” ولعل التجارب التي قام بها العلماء في مجال البيولوجيا لخير مثال على ذلك نذكر منها تجارب برنارد على

الأرانب وباستور في دراسته لظاهرة التعفن واكتشاف عنصر 800 وتطور الجراحة وزراعة الأعضاء

 

توفير الوسط الطبيعي في شروط اصطناعية والعكس أي إمكانية التجريب على الكائنات الحية في شروط مخبرية وذلك

بالاستعانة بالمعطيات التقنية الحديثة التي ساعدت على تطبيق المنهج التجريبي على علم الأحياء أهمها التقدم الهائل في

الؤسائل,التقنية,الت يمن خلالها يمكن اجراء التجربة دون الحاق الأذى بالكائن الحي يقول برنارد "ان التجريب هو الوسيلة

التي نملكها لنطلع على طبيعة الأشياء التي هي خارجة عنا"

 

تطبيق مبدأ الحتميةٍ أي أن نفس الأسباب تؤدي الى نفس النتائج فالحتمية موجودة أيضا في علم الأحياء وليست خاصة

بالمادة الجامدة وحدها فقط بل هيسترية المفعول حتى على الظواهر الحية وبالتالي يمكن الخروج بقوانين حتمية أكيدة

مثال ذلك نذكر ما درسناهافي المناعة أنق دخول كائن غريب على الجسم يستدعي استجابة فورية من جهاز المناعة ومثال

تجربة كلود برنارد على الارائبً, لذلك يقول "ان الحتمية مطلقة وكاملة فهي تنطبق على الاجسام الحية كما تنطبق على

الاجسام الجامدة"

 

تجاوز عائق البيوتيقا - وهذا العائق تم التخفيف منه كن خلال تطور الفكر البشري الذي جعله يسمح بإجراء التجارب

والتشريح الى درجة أنه يوجد من يهب اعضاءه وجشمه تطوّعا للدراسة التجريبية بعد موته لمراكز البحث العلمي وما تبعه

من تجارب التعديل الجيني والاستنساخ والعمليات الجراحية

 

نقد ومناقشة: لا يمكن إنكار هذه المحاولات الجدية منة ظرف العلماء ولكن لو كانت المادة الحية كالجامدة لأمكن دراستها

دراسة علمية على غرار ما نفعل في المادة الجامدة» غير أن هذا صادفة جملة من العوائق والصعوبات تكشف عن الطبيعة

المعقدة للمادة الحية لأنه لا يمكن أبدا اعتبار المادة الحية مشابهة للمادة الجامدة فلكلّ خصوصيته.

 

التركيب : من خلال عرضنا للموقفين نرى أن هناك إمكانية لتطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الحية؛ لكن هذا يتوقف

على مراعاة طبيعة هذه الظواهر والحفاظ على خصائصها؛ ومعرفة القوانين التي تحكمها ولعل. ما يظهر من عوائق من

حين لآخر في ميدان البحث؛ فهذا لا يعود إلى الظاهرة؛ بقدر ما يعود إلى عجز وسائل البحث. .أي أن ”التجربة في, المادة

الحية ممكنة لكن في حدود التطور التقني وبمراعاة خصوصيات المادة الحية ‏ لهذا أرى أن الصواب هو يذهب إليه

الطبيب العالم باستور حين قال "ان البيولوجيا الحديثة في الحقيقة تزيد تقدما وازدهارا كلما زادت من تحيبيقٌ طرقها

التجريبية واتخاذ احتياطاتها ", أي عند التطبيق يجب تطوير الوسائل التقنية ومراعاة خصوصية وطبيغة الكائن الحي.

ومراعاة القيم الأخلاقية "البيوتيقا" في الممارسة البيولوجية

 

خاتمة : نخلص في النهاية إلى القول بان مشكلة البيولوجيا هي مشكلة تتعلق بالمنهج التجريبي ولذلك فإن العمل في مجال

العلوم البيولوجية أي دراسة الظواهر الحية يحتاج إلى تطوير للوسائل التقنية لكي يستوعب تلك الظواهر ويتجاوز العوائق

التي تظهر أمام الباحث؛ و بالتالي يمكنه تجاوز تلك العقبات التي تعترضه تدريجيا


ليست هناك تعليقات