مقالة المقارنة ميز بين العلوم الإنسانية و العلوم المعيارية

ملاحظة: اعتماد طريقة المقارنة من أجل التعامل مع الموضوع، لأن صيغته الاستفهامية تقتضي المقابلة بين حدين يحتويان على نقاط اختلاف، كما يحتويان على معالم التشابه و التداخل.
I – المقدمة (طرح المشكلة):
إن الحديث عن العلوم الإنسانية هو حديث عن تلك الدراسات التاريخية، السيكولوجية والسوسيولوجية التي حاولت التعامل مع الإنسان، من حيث أنه حي عاقل، يعيش الزمن بأبعاده الثلاث، ويمتلك حياة نفسية خاصة وعلاقات اجتماعية مستمرة مع الغير، كما أن الحديث عن العلوم المعيارية يفرض الإشارة إلى تلك الأبحاث التي تهتم بتقييم أفعال الفرد و إبداعاته. هذا ما جعل الكثير من الدارسين يؤكدون وجود التشابه التام بين العلمين. لكن إذا كان الأمر كذلك، فإنه ينبغي الجمع بينهما في اسم واحد. لذا فما نقاط الاختلاف والتباين المسجلة بين الحدين؟ وما نقاط التشابه والتداخل القائمة بينهما؟  بل ما طبيعة العلاقة القائمة بين العلوم الإنسانية والعلوم المعيارية؟.





II - التوسيع (محاولة حل المشكلة):
1 _ نقاط الاختلاف:
إن الدراسة النقدية لكل من الحدين تقودنا إلى تسجيل نقاط تباين جوهرية، لأن العلوم الإنسانية هي تلك الأبحاث التي تهتم بدراسة ماضي الفرد وحاضره، تهتم بدراسة سلوكه الخاص وعلاقاته الاجتماعية، أي تبحث فيما كان وما هو كائن، بينما العلوم المعيارية والمتمثلة في الأخلاق، المنطق وعلم الجمال فهي تلك الأبحاث التي تهتم بوضع المعايير والمقاييس التي تحدد ما يجب أن يكون عليه السلوك، التفكير أو حتى الإبداع الفني والذوق الجمالي. العلوم الإنسانية رغم أنها تعاملت مع ظواهر تتميز بالتعقيد إلا أنها وظفت خطوات المنهج التجريبي على مستواها ولو بصفة نسبية، وهو ما يتجلى من خلال أبحاث بن خلدون في التاريخ، أبحاث إيميل دوركايم وأوغست كونت على مستوى الظواهر الاجتماعية. يتجلى من خلال النتائج المحققة من طرف رواد المدرسة السلوكية ونظرية التحليل النفسي على مستوى الجوانب السيكولوجية. لكن العلوم المعيارية من المستحيل أن تطبق التجربة وذلك راجع إلى طبيعة الموضوع الذي تتعامل معه، إذ لا يوجد معيار ثابت يحدد القيم الجمالية أو الجوانب الأخلاقية.
2 – نقاط التشابه:
 لكن وجود اختلاف بين الحدين لا يمنع من تسجيل نقاط التقاء بينهما، لأن كلاهما يعد بحثا ارتبط بإبداعات الفكر الإنساني، وقد وظفهما من أجل تحقيق فهم أوسع لذاته وتوجيه أفعاله نحو ما هو أفضل. كل من العلوم الإنسانية والعلوم المعيارية تهتم بموضوع واحد هو الإنسان، وهذا ما كان سببا في عدم تحقيقهما لنتائج تتميز بالدقة والموضوعية نظرا لطبيعة الموضوع الخاصة. كلاهما يعتمد الجانب التقييمي من أجل توجيه السلوك الإنساني، لأن الغرض من التاريخ هو فهم الماضي من أجل تفادي تكرار الأخطاء السابقة، الغرض من الأبحاث النفسية والاجتماعية هو تهذيب السلوك الفردي والجماعي، وكذلك الأبحاث الأخلاقية تبحث في نفس الإطار.
3 – نقاط التداخل:
ومن خلال ما تقدم تبين لنا التكامل الوظيفي بين العلوم الإنسانية والعلوم المعيارية، لأن الدراسات الأخلاقية، الفنية والمنطقية ارتبطت في وجودها الأول بالمجتمعات القديمة – اليونان – فكانت منطلقا لتأسيس العلوم الإنسانية، لأن علم الاجتماع اعتمد على آراء الدارسين لمعايير القيم الأخلاقية، علم النفس اعتمد الفكر الأسطوري القديم والقراءات التي قدمها أنصار مذهب اللذة والألم حول الطبيعة الإنسانية. التاريخ اعتمد الدراسات المنطقية من أجل الحكم على صدق الأفكار. ومن جهة ثانية نجد أن العلوم الإنسانية لها تأثير على الدراسات  المعيارية، خاصة وأن القيم الجمالية أصبحت تؤخذ من دراسة و فهم حقيقة الدوافع السيكولوجية والسوسيولوجية للإبداعات الفنية، والأحكام الخلقية أصبحت توجه من طرف الظروف والقوانين الاجتماعية.





III - الخاتمة (حل المشكلة):
ختام القول يمكن التأكيد أن الدراسة الأولية لكل من الحدين تمنحنا اعتقادا بوجود اختلاف بينهما، خاصة وأن التباين من حيث المفهوم يفرض ذلك. أما الدراسة التأملية للعلاقة بينهما من الناحية العملية فتمنحنا اقتناعا بوجود تشابه بينهما، لأن كلاهما يعالج موضوعا واحدا أثناء الدراسة وهو الإنسان في أبعاده المتعددة، واقتناعا أيضا بالتكامل الوظيفي بينهما، لأن العلوم المعيارية تعد مهدا للدراسات الإنسانية، خاصة وأننا نسجل وجود المعايير الأخلاقية في التاريخ، علم النفس وحتى علم الاجتماع. كما أن الدراسات الإنسانية بتوظيفها النسبي لخطوات المنهج التجريبي قد منحت الدراسات الجمالية والأخلاقية مفاهيم جديدة من أجل تحقيق قيم سامية تدعم الوجود الإنساني.

 تحميل مقالة برابط مباشر :


او 


Microsoft Word




       لمزيد من مقالات اضغط هنا  اي استفسار ضعه في تعليق  الله ينجحك ولا تنسونا من دعائكم لنا                                                          

ليست هناك تعليقات