ما الفرق بين السؤال الفلسفي والسؤال العلمي ؟ مقالة مقارنة


I/-المقدمة(طرح المشكلة):وجد الإنسان في وسط إسمه الطبيعة و من المعلوم جدا أنها لم تقدم له شيئا جاهزا بل هي دوما تتحدى و هو يتصدى , و كإثبات لهذا التصدي أسس جملة من الخطابات نجد منها الخطاب الفلسفي الذي حاول الإجابة عن حقيقة الوجود , المعرفة , القيم . تطور الفكر الإنساني نتج عنه  ظهور الخطاب العلمي الذي عبر عنه مجمل المهتمين انه مخالفا تماما للخطاب الفلسفي . لكن إذا كان كل بحث يبدأ من السؤال فما طبيعة السؤال الذي أسسه الفيلسوف و كذا العالم ؟ و ما هي أوجه الاختلاف و التشابه بينهما بل ما هي العلاقة القائمة بينهما؟  بصيغة أخرى ما أوجه التداخل بين السؤال الذي يطرح حول أصل الكون والآخر الذي يطرح حول مكونات الذرة ؟

I/-التوسيع:(محاولة حل المشكلة)
-أوجه  الاختلاف: إن الدراسة النقدية لكل من الحدين تقودنا إلى تسجيل نقاط اختلاف جوهرية
فمن ناحية الموضوع :السؤال الفلسفي عام،بحيث أن الفلسفة ليس لها موضوع محدد بعينه يمكن حصره في نطاق معين،بينما السؤال العلمي خاص، وجزئي،بحكم أن العلم يختص بمجال معين، فلو تأملنا الأسئلة التالية: -هل وجد هذا الكون من شيء،أو من لاشيء ؟-هل هو قديم أم حديث؟-هل هو روح أم مادة؟-هل وجد صدفة أم بقدرة قادر؟من هو؟و ما صفاته؟لوجدنا أن السؤال الفلسفي شامل،يبحث في العلل الأولى للوجود،أي دراسة الوجود في نطاقه العام،وبالتالي السؤال الفلسفي يدرس الطبيعة و ما بعد الطبيعة،أما السؤال العلمي يدرس الوجود في شكله الجزئي ـ كما يتضح في هذه الأسئلةـ ما هي  مكونات الماء ؟كيف تحدث عملية الإبصار ؟كيف تنتقل الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء ؟ فمثلا الفيزياء تبحث في الوجود باعتباره ظواهر مادية،والبيولوجيا تبحث في الوجود باعتباره ظواهر حية.والرياضيات تبحث في الوجود باعتباره كما متصلا ومنفصلا.



من ناحية المنهج:السؤال الفلسفي يعتمد على التأمل العقلي،بحكم طبيعة المواضيع التي يطرحها ، فمسألة الحرية والسعادة والعدل،مسائل لا يمكن أن ندخلها المختبر وإنما نفكر فيها بإعمال العقل،على خلاف السؤال العلمي الذي يعتمد على المنهج الاستقرائي و خطوات المنهج التجريبي ،لأنه يتعامل مع المحسوسات التي تتوفر فيها إمكانية التجريب.
النتائج: السؤال الفلسفي غايته الوصول إلى الحقيقة والكشف عن المجهول،و قد يصل إلى جملة حقائق لكن غير متفق عليهما، على خلاف السؤال العلمي الذي يسعى إلى صياغة القانون العلمي الدقيق.
ب-أوجه الاتفاق : على الرغم من وجود نقاط اختلاف بين السؤال الفلسفي و السؤال العلمي إلا أن هذا لا يمنعنا  من تسجيل نقاط اتفاق جوهرية، فكل منهما إبداع فكري إنساني وجد لغاية بلوغ  الحقيقة . كلاهما ارتبطا بدافع الفضول و محاولة فهم الوجود . كلاهما نوع من السؤال ويشتركان في امتلاكهما السلبي و الايجابي , فما توصل إليه الفلاسفة منه ما كان تحطيما للإنسانية و منه ما كان دعم لها , و هو نفسه ما قد يصل إليه السؤال العلمي بحكم ما قيل     (العلم سلاح ذو حدين )

ج-أوجه التداخل:إن العلاقة بين  السؤال الفلسفي و السؤال العلمي هي علاقة تداخل
- السؤال العلمي كان مندرجا ضمن السؤال الفلسفي،ثم انفصل عنه ثم عاد إليه، لأن هناك قضايا استعصت على الفلسفة فتدخل العلم لحلها من منطلق الطرح القائل:"حينما تنتهي الفلسفة يبدأ العلم" كما أن العلم عجز أمام بعض القضايا فتدخلت الفلسفة قصد محاولة الإجابة من منطلق الطرح القائل:"حينما ينتهي العلم تبدأ الفلسفة" . إن العلاقة تكمن في مصطلح فلسفة العلم "الإبستمولوجيا" إذا كان العلم وجد يوما  من اجل تصحيح تناقضات الفلسفة  فإن  الابستمولوجيا تعني الدراسة النقدية لنتائج العلوم . و كتعبير عن التكامل يقول فريدريك هيجل  " تظهر الفلسفة عند الفجر بعد أن يكون العلم قد ظهر في المساء " .


IIIالخاتمة:(حل المشكلة): ختام القول يمكن التأكيد أن النظرة الأولية لكل من السؤال الفلسفي و السؤال العلمي توحي بوجود اختلاف تام بينهما , لكن النظرة التأملية تقود إلى الوقوف على أوجه شبه جوهرية و علاقة تكامل بينهما , نظرا لكونهما نشاط فكري إنساني وجدا لغاية واحدة وهي البحث عن الحقيقة،  كما أن كل العلوم هي في الأصل فلسفة و كل سؤال هو في الأصل خطاب عقلي,  و لولا التساؤل لما وجد الجواب  فقط  يعبر عنه العالم انه قانون ويعبر عنه الفيلسوف أنه حقيقة .
 تحميل مقالة برابط مباشر :




       لمزيد من مقالات اضغط هنا  اي استفسار ضعه في تعليق  الله ينجحك ولا تنسونا من دعائكم لنا

ليست هناك تعليقات