تحليل نموذج من مؤّلف" ظاهرة الشّعر الحديث" للمجاطي

ورد في الفصل الأول من كتاب" ظاهرة الشعر الحديث" ما يأتي:
" أراد الشّاعر الوجدانيّ، أن يجعل للصورة وظيفة أساسية، وأن تكون هذه الوظيفة معبّرة من تجربته الذّاتية، ومن رؤيته للحياة، عبر تلك التجربة، ولم يعد التدبيج والزخرفة هدفه الأساسي من استخدامها..." أحمد المعداوي المجاطي: ظاهرة الشعر الحديث، شركة النشر والتوزيع-المدارس . الدار البيضاء، ط2-2007، صص: 43-44.
انطلق من هذه (القولة) ومن قراءتك المؤلف النقدي، ثمّ أنجز ما يلي:
-ربط القولة بسياقها داخل المؤلّف؛
-تحديد وظيفة الصورة لدى شعراء الاتجاه الوجداني؛
التحليل:
يعدّ كتاب "ظاهرة الشعر الحديث" من الكتب الرّائدة في دراسة تطوّر الشعر العربي الحديث، بدءا من مدرسة إحياء النموذج وصولا إلى شعر تجديد الرّؤيا.فما موقع القولة داخل المؤّلَّف؟ وما وظيفة الصّورة الشعرية عند الرّومانسيين؟
وردت القولة في سياق إبراز الخصائص الشكلية للشعر الرّومانسي، وذلك في الفصل الأول وتحديدا في القسم الثاني المعنون ب" نحو شكل جديد" الذي عرض فيه النّاقد لتطور القصيدة الرومانسية من ناحية اللغة والإيقاع والصورة الشعرية، التي صارت أكثر ارتباطا بالذات وتعبيرا عن الوجدان، رادّةً بذلك الاعتبار لذات الشّاعر التي طالما همّشتها الحركة الإحيائيّة، وهكذا لم تعد الصّورة الشعرية مستقاةً من الذّاكرة ومستدعاةً من المحفوظ الشّعريّ بل صارت نابعة من التجربة الذّاتية التي يحياها الشاعر، ومعبّرة عن رؤيته للحياة وفهمه لها، حيث ابتعد شعراء الرومانسية عن التدبيج والزخرفة والصنعة الفنية في إبداع صورهم، ونضرب مثلا لذلك بقول جبران:
هل تَخِذْتَ الغابَ مثلي منزلا دون القصور
وتبّعتَ السواقي وتسلّقت الصّخور
وشربتَ الفجر خمرا في كؤوس من أثير
ومن ذلك أيضا قول إبراهيم ناجي معبّرا عن فرحته بطريقة فيها كثير من الجدّة:
ومشيْنا في طريق مقمر تثبُ الفرحة فيه قبلنا
وضحكنا ضِحْكَ طفلين معا وعدونا فسبْقنا ظّلنا
فهذه الصورة تعبير عن شعور بالفرحة ، وهي نابعة من تجربة ذاتية عاشها الشاعر، ولم يسْتدْعها من الذّاكرة. وعليه ارتبط الشاعر الوجداني بذاته معبّرا عنها في حالاتها المختلفة، جاعلا الصورة الشعرية وسيلة لنقل حالات النفس في تقلّباها.

اقرا ايضا  : تلخيص الفصل الأول من كتاب "ظاهرة الشعر الحديث" للمجاطي

وبكلمة؛ استطاع الشاعر الرومانسي أن يجدّد في طبيعة صوره ويجعلها معبّرة عن ذاته ونابعة من تجربته، كما امتلك القدرة على التجديد النسبي في لغته وإيقاع القصيدة، وهو ما فتَح الطريق لحركة تكسير البنية لتحدثَ أكبر رجّة تجديدية في تاريخ الشعر العربي.

ليست هناك تعليقات