مقالة الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية


💥 مقالة الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية 🔥 مقالة موسعة وثرية جدا ❤️ دعواتكم لنا 💥 



شكرا الاستاذ خليل سيعداني على مقالة

 هل الغرض من الديمقراطية تحقيق الحرية السياسية أم المساواة الاجتماعية؟

هل الديموقراطية اليبرالية هي الأمثل لتحقيق العدالة السياسية؟ / هل الديموقراطية

تقوم على الحرية السياسية للأفراد أم المساواة داخل المجتمع؟

مقدمة:_يعتبر_الإنسان كائنا مدنيا بطبعه فحياته لا تقوم و لا تستمر إلا في ظل وجود سلطة تحكمه وهو ما يسمى بالنظام

السياسي الي يتمثل في أنه جملة القوانين و القواعد التي من شأنها تنظيم الحياة السياسية والاجتماعية داخل الدولة ومن بين

الأنظمة التي طبقت حديثا نجد الديمقراطية و التي تتمثل في سيادة الشعب وحقه في تقرير مصيره بنفسه وهذا النظام الأخير

دار حوله جدل كبير ؛ فهناك من ربط الديمقراطية بالحرية السياسية وان الديمقراطية الأسمى هي الديمقراطية الليبرالية

وبالمقابل هناك من ارجع الديمقراطية إلى مبداً الاشتراكية والمساواة وبالتالي تصبح الديمقراطية الأسمى هي الديموقراطية

الاجتماعية وفي ظل هذا التصادم الفكري بين المذهبين حول حقيقة الديمقراطية يمكننا طرح الإشكال التالي : هل الديمقراطية

الحقة هي التي تقوم على الحرية السياسية أم التي تقوم على العدالة الاجتماعية بمعنى "المساواة"؟.


محاولة حل المشكلة العرض / الاطروحة الأولى - الموقف الأول : - يرى أنصار النظام الليبرالي وعلى رأسه هنري ميشال

والفيلسوف الإنجليزي جون لوك. وهيغل وماكس فيبر عالم الاجتماع المشهور أن غرض الديمقراطية الحقة هو تحقيق

الحرية السياسية؛ والحرية تعني أن يكون الشخص مستقلا عن كل شيء ما عدا القانون؛ وقد ظهر هذا النظام السياسي الحر

في العصر الحديث على الخصوص مستلهما مبادئه من نظرية العقد الاجتماعي ونظرية الاقتصاد الحرء وهو امتداد للنزعة

الفردية التي تعترف بالحقوق والحريات الطبيعية للفرد في تقرير مصيره بنفسه؛ والدفاع عن حقوقه وتقوم هذه الديمقراطية

على عدة أسس منها


الحرية السياسية : وتتمثل هذه الحريات السياسية في حرية تكوين الأحزاب لتسمع كلمة الفرد من خلالها و يشارك بطريقة

مباشرة أو غير مباشرة في توجيه الحياة العامة عن طريق الانتخابات والتداول على السلطة والمشاركة في صنع القرار كما

ان للفرد حق المعارضة والتظاهر السلمي والحق في تولي الوظائف العامة وحرية الراي والتعبير والنشر والاعلام ولذا يرى

الفيلسوف الهولندي سبينوزا ان السلطة الحقيقية هي التي تحمي حرية الفكر وتضمن المشاركة السياسية للأفراد حيث يقول

"لم توجد الدولة لتحكم الانسان بالخوف وانما وجدت لتحرر الانسان من الخوف" ويختار الفرد بمحض إرادته من يمثله في

الحكم؛ وإن دل على شيء إنما يدل على أن سلطة الدولة انبثقت من إرادة الأفراد الذين يكوّنون إرادة الشعب. وقد عبر كلسون

عن هذا بقوله *إن فكرة الحرية هي التي تحتل الصدارة في الإيديولوجية الديمقراطية * وقد طبق هذا النظام في دول أوروبا

الغربية واشتهرت مجتمعاته بالتعددية الحزبية وحرية ممارساته يقول علاء الدين المصري "كلما تصورت نظاما اقتصاديا

يقوم على المنافسة كلما تصورت بجانبه نظاما سياسيا يقوم على حرية الاختيار بين الأحزاب والاتجاهات السياسية"

 


الإرادة الفردية أساس كل القوانين وعلى هذا الأساس أصبحت الإرادة الفردية مصدرا للقوانين التي تحكم المجتمع إلى درجة

أن الإرادة الفردية غدت تعلوا على إرادة الدولة؛ وقد تبلور الحكم الليبرالي في نظرية سياسية قائمة بذاتها تجمع بين الديمقراطية

والليبرالية. ولهذا يقول السياسي علاء الدين المصري في كتابه - مفاهيم الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث - يقول

" الديمقراطية الليبرالية تزاوج بين فلسفتين مختلفتين ... هاتان الفلسفتان هما الديمقراطية والليبرالية". ويقوم هذا النظام

على أساس: الديمقراطية السياسية التي تهدف إلى تجسيد حرية الأفراد في المجتمع؛ وهذا ما أكده هنري ميشال في قوله

"الغاية الأولى من الديمقراطية هي الحرية " فالليبرالية تطالب بالحرية وعدم الخضوع ما عدا لسلطة القانون حيث يقول

هيغل "الحرية تعني أن يكون الشخص مستقلا عن كل شيء ما عدا القانون "


الحرية الفكرية: فهي تمجد الفرد في مجال الفكر وتعطي له الحرية والحق في أن يعبر عن آراءه وأفكاره؛ ويتدين بالدين

الذي يريد؛ وأن لا تعيقة الحكومة في الدفاع عن اجتهاداته الفكرية لأنه في النهاية مسئول عن نتائج أعماله. كما تشمل هذه

الحرية كذلك حق الانسان في ممارسة الدين الذي يعتنقه بأي أسلوب أو مظهر كان؛ سواء في الخفاء أو في العلن شريطة أن

لا يضر ذلك بمظاهر الأداب العامة وأيضا حرية التعبير عن الفكر والآراء في مختلف الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية

وحرية الحصول على المعلومة وسهولة الوصول اليها بالإضافة الى حرية حق انشاء القنوات الفضائية من طرف الافراد

وحرية التعبير فيها


- الحرية الاقتصادية: فالدولة الليبرالية تعترف بحرية الأفراد في المجال الاقتصادي كحرية المنافسة وحرية التجارة. وحرية

التملك والإنتاج والتسويق والاستثمار دون تدخل الدولة في شؤون الاقتصاد بل تتمثل وظيفتها في حماية الافراد فالديمقراطية

الرأسمالية تقوم على مبدأ ان الفرد حر في يملك من ثروات وحر في تصرفاته وفي أعماله يقول آدم سميث "دعه يعمل اتركه

يمر" وأيضا مبدأ الحرية المطلقة في ممارسة كل الأنشطة الاقتصادية؛ لأنه يمنح للأفراد أكبر قدر من الحرية بهدف تحقيق

الرفاهية المادية والعدالة الاجتماعية؛ ويهدف إلى ضمان أكبر قدر من الربح المادي مع أكبر قدر من الحرية وهذه يؤدي بدوره

الى حرية المنافسة بين المنتجين والمستثمرين فيسعى كل واحد منهم الى تحسين نوعية المنتوج ودراسة الأسعار بدقة من اجل

الوصول الى الريادة لذا يقول فريديريك باستيا "الغاء التنافس الحر معناه الغاء للعقل والفكر والانسان”


نقد ومناقشة ‏ لكن هذا النوع من الديمقراطية ركز على الحريات السياسية وأهمل المساواة الاجتماعية؛ لأن عدم التساوي

في المجال الاجتماعي يؤدي بالضرورة إلى عدم التساوي في المجال السياسي؛ لهذا فهذه الحريات السياسية لطالما كانت في

صالح الطبقة الرأسمالية الغنية التي تملك رؤوس الأموال وتوظفها في الانتخابات. وبالتالي فالحرية الليبرالية هي حرية

نصوص قانونية لا حرية واقع. فهي ديمقراطية صورية. وقد أدت هذه الديمقراطية الى وجود طبقية كبيرة داخل المجتمع

الأطروحة الثانية - الموقف الثاني: - وهذا ما أدى إلى ظهور موقف معارض وهم أنصار الديمقراطية الاشتراكية. وعلى

رأسهم كارل ماركس وزميله فريديريك أنجلز ولينين الذين يرون أن غرض الديمقراطية هو المساواة الاجتماعية. وذلك

بتبني الديمقراطية الاجتماعية التي ترمي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين» وهي نظرية تعبر عن إرادة الشعب.


  


وهي تخلص المجتمع من الطبقية لهذا يقول فريديريك أنجلز "الاشتراكية ظهرت نتيجة صرخة ألم ومعاناة الإنسان" وبالتالي

فهي تخلق مجتمع متوازن ومتعاون؛ وهذا عن طريق المساواة بين أفراد المجتمع. فالمساواة هي بوابة الديمقراطية. ولتحقيق

ذلك لابد من الاعتماد على أسس هي.


مبدأ المساواة السياسية فالديمقراطية الاجتماعية ترمي الى الربط بين العمل السياسي والعدالة الاجتماعية ومن اجل تحقيق

هذا الهدف اعتمدت على مجموعة من القواعد أهمها الاعتماد على سياسة الحزب الواحد وهذا الحزب يلعب دور الموجه

والمراقب ومهمته الأساسية خلق الوحدة الوطنية ووحدة الطبقة العاملة من خلال تركيز جميع الجهود في مسار واحد وهو

الفكر الاشتراكي بدل تشتيت القوى كما هو حاصل في الديموقراطيات الأخرى القائمة على البرجوازية المستغلة من أصحاب

رؤوس الأموالء مثال ان الجزائر بعد الاستقلال سعت من خلال تبني الاشتراكية الى الحفاظ على قيم الجمهورية ومرجعية

1 نوفمبر؛ فجوهر العمل السياسي هو خدمة الجماهير وإزالة الفوارق الطبقية حيث يقول كارل ماركس "ليس الوعي العام

للناس هو ما يحدد وجودهم ولكن الوجود الاجتماعي والاشتراكي هو من يحدد وعيهم " كما يقول لينين "سيقوم الجميع

في ظل الاشتراكية بالحكم كل في دوره وبالتالي يعتادون ان لا يحكم احد ويقول أيضا ان يجب ان يكون كل طباخ قادرا

على ادارة البلاد" كما ينفي هدا النظام مبداً المعارضة السياسية لأنها تؤدي الى الصراعات والانقسامات ويتأسس على مبدا

الصحافة الواحدة والفكر الواحد والثقافة الواحدة


مبدأ تكافؤ الفرص والذي يعني ضمان حصول الجميع على فرص متساوية والقضاء على كل أنواع المعاملة غير العادلة

تحطيم كل الفوارق وخلق مجتمع متوازن لذلك يقول كارل ماركس "اذا اردت ان تكون تافها فما عليك الا ان تدير ظهرك

للآخرين" كما فتحت الدولة المجال أمام نظام النقابات وذلك لحماية حقوق العمال ولقد سعى النظام الاشتراكي إلى تحقيق

المساواة الاقتصادية والاجتماعية بين الأفراد ومحو كل إشكال التمييز والتفرقة الاجتماعية؛ وأيضا مبدأ توزيع الثروة حسب

الحاجة الاستهلاكية للأفراد وذلك لأن لكل فرد حاجاته الطبيعية والضرورية التي لا غنى عنها فهو يدفع للمجتمع كل طاقته

ويدفع له المجتمع في المقابل متطلبات معيشته لذلك يقول ماركس "من كل حسب قدرته وكل حسب حاجته"


مبدأ المساواة في الاقتصاد من خلال الملكية الجماعية ويقوم النظام الاشتراكي على عدة أسس ومبادئ أهمها الملكية الجماعية

لوسائل الإنتاج وهذا يعني أن الدولة في النظام الاشتراكي هي التي تملك وساءل الإنتاج والمؤسسات كلها عمومية في التسيير»

فلا وجود لشخص يملك تطبيقا للشعار الاشتراكي القائل "الكل يملك الكل يعمل الكل ينتج الكل يستفيد" على اعتبار أنها

تساوي بين أفراد المجتمع فلا يشعر احد منهم بالظلم؛ كما يؤكد هذا النظام أيضا على ضرورة تدخل الدولة في كل النشاطات

الاقتصادية والتحكم فيها وذلك عن طريق ما يسمى بعملية التخطيط المركزي المسبق لسير الاقتصاد من طرف الدولة؛ وهذا

يعني أن الدولة هي الرأس المدبر والمخطط الأول والأخير؛ وهذا للقضاء على التنافس الذي يؤدي إلى الصراع وتحكم الفئة

الثرية في المؤسسات الاقتصادية بحكم تعارض المصالح؛ ولذلك فالدولة في النظام الاشتراكي هي التي تتحكم في الاستثمار

وتحديد الأسعار لكي لا يقع المجتمع في نفس الازمات التي يعرفها النظام الرأسمالي

 


النقد والمناقشة: لكن تطبيق هذه الديمقراطية الاجتماعية أدى إلى نتائج سلبية لأن نظام الحكم الاشتراكي ركز على المساواة

الاجتماعية وأهمل الحريات السياسية " كالصحافة. المعارضة. الإعلام... إلخ " مما أثر سلبا على الهدف الذي جاءت من أجله

الاشتراكية وهو تحقيق العدالة. حيث تحولت الأنظمة الاشتراكية إلى أنظمة استبدادية مارست الظلم و الاستغلال على شعوبها

وقضت على الحرية والابداع والمنافسة


التركيب إن سلبيات الموقفين السابقين هي التي أدت إلى ظهور موقف آخر يوفق بينهماء و هو الموقف التركيبي الذي

يرى أنصاره أن الديمقراطية الحقة تقوم على أساس الحرية السياسية والمساواة الاجتماعية معاء لوجود تكامل بينهما وعدم

القدرة عن الاستغناء عن أي منهما. لهذا يقول المفكر الفرنسي موريس دوفيرجي "الديمقراطية السياسية والديمقراطية

الاجتماعية ليستا متعارضتان في جوهرهما بل هما على العكس متكاملتان ويمكن الاعتقاد بأن الديمقراطية الحقة لن تتحقق

إلا باقترانهما". ‏ وأصح الآراء أن الديمقراطية ليست رأسمالية ولا اشتراكية؛ ومن الخطأ الفادح والضرر المؤلم الذي نلصقه

بالديمقراطية محاولة تحقيق الحرية ونبذ المساواة؛ أو تحقيق المساواة ونبذ الحرية؛ فالديمقراطية إذن نضال الدولة لتحقيق

التوفيق بين المبدأين السياسي والاجتماعي؛ حيث يقول أحد المفكرين السياسيين "يمكن أن تكون الاختلافات فيما تظهر

متكاملة كمراحل أو أطوار مختلفة في تطور مبادئ الديمقراطية"


خاتمة: إذن نستنتج أن غرض الديمقراطية لا يكتفي بتحقيق الحرية السياسية وحدهاء ولا المساواة الاجتماعية وحدهاء بل

بهما معا. لأن مبدأ الحرية والمساواة متداخلان فيما بينهما متكاملان يصعب الفصل بينهما. حيث يقول أحد المفكرين "إن

الحرية والمساواة كلاهما وجهان لشيء واحد لا يمكن أن يكون أحدهما دون الآخر وهذا الشيء هو الديمقراطية الخيرة"

وعليه فان النظام السياسي الراشد هو الذي يضمن حرية الافراد سياسيا ويساوي بينهم اجتماعيا


 



 


 

ليست هناك تعليقات