مصطلحات تاريخ النظم القانونية

 

المحور الأول::تعريف علم تاريخ النظم القانونية وبيان أهميته.

تعريف النظم القانونية:

علم تاريخ النظم القانونية يهتم بدراسة النظم القانونية في الماضي سواء البعيد أم القريب سواء تعلق الأمر بنظم القانون العام كنظام الحكم، ونظام الإدارة، أو نظم القانون الخاص كنظام الأسرة ونظام التعاقد.

و يمكن تعريف النظم القانونية:(institutions): بأنها جملة القواعد القانونية التي تحكم علاقة قانونية ما كنظام الأسرة، ونظام الحكم، ونظام الميراث، ونظام الرق، ونظام العقد،  فمجموع القواعد القانونية المرتبطة بعلاقة قانونية محددة   يمكن تسميته بالنظام قانوني.

 بيان أهمية دراسة تاريخ النظم القانونية:

لا يخرج الاهتمام المتزايد لتدريس مادة النظم القانونية في كليات الحقوق في استهداف صناعة العقل القانوني، وتكوين الملكة القانونية لدى طلاب القانون لذلك حظيت الدراسة التاريخية للقانون باهتمام بالغ في الجامعات الأوروبية وخصصت لها عدة مقررات مثل الجامعة الفرنسية العتيقة بباريس بخلاف ما هو معمول به عندنا في الجزائر حيث خصصت لها مقررا واحد خاصا بالسنة الأولى برصيد زهيد، ومعامل لا ينم عن المكانة التي يحضا بها هذا العلم في الجامعات الغربية. ويمكن تفصيل أهمية تدريس النظم القانونية القديمة بعد ذكر أهدافها مجلة على النحو الآتي:

أ‌-      ترشيد السياسة التشريعية في الدولة الحديثة:

 وذلك بالإفادة من التجارب التي تمت في الماضي ومن ثم تحديد الطريق الذي يجب أن يسلكه المشرع في تطوير النظم القانونية المعاصرة لأن أي حركة للإصلاح القانوني أو التعديل القانوني لا تلتفت إلى تجارب سابقة وتستلهم منها مواطن القوة، ومواضع القصور مآلها الفشل ولعله الأمر الذي يحمل على القول بجواز الأخذ بما اصطلح على تسميته بالاقتباس الواعي من الشرائع السابقة عند البعض في حركية تقنين الفقه الإسلامي .

ب‌-   التنبؤ بمسار التشريع :

لقد قيل بأن أحسن وسيلة لتوقع إلى أين نسير هي معرفة من أين نأتي، ولعل أبرز مثال لذلك هو الوضع الحالي لعقوبة الإعدام في الجزائر فالجواب على سؤال فحواه إلى أين تتجه عقوبة الإعدام في الجزائر؟ يمكن استخلاصه ببساطة  من تجارب سابقة لبعض الدول.

ت‌-   تحديد  مختلف الاتجاهات المؤثرة في القانون:

يشكل القانون وإصداره مجالا خصبا لتضارب المصالح؛ إذ يعتبر هدفا لتدافع مختلف الاتجاهات سواء كانت إيديولوجية، أو عرقية, أو سياسية.

ويسهم دراسة تاريخ النظم القانونية من الوقوف على مختلف التأثيرات على القانون سواء كان هذا التأثير من المواطنين، أم من المشرعين، أم من الفقهاء العاكفين على دراسة القانون وتوجيهه.

ث‌-   الوقوف على واقع المجتمعات من خلال نظمها القانونية:

يعتبر القانون في حقيقته مرآة عاكسة لأحوال المجتمع السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وبفضل دراسة تاريخ النظم القانونية يمكن الإحاطة بالعلاقة بين قواعد القانون والتغييرات الحاصلة في المستويات سالفة الذكر.

المحور الثاني: المدونات القانونية في بلاد المشرق

أولا: في بلاد ما بين النهرين(ميزوبوتامي)

ظهرت عديد المدونات القانونية غير المشهورة في بلاد ما بين النهرين قبل عهد حمورابي  لم تكن لها تلك الشهرة التي انفردت بها مدونة حمورابي، والعناية العلمية ذاتها منها: قانون الإصلاح الاجتماعي، وقانون أرنامو(Urnamu)، وقانون إشنونة(Ichnouna)، وقانون عشترلابيت(Ishtarlapit).

المدونة القانونية المشهورة في بلاد ما بين النهرين " مدونة حمورابي"

عرفت بلاد ما بين النهرين صدور مدونة قانونية كان لها بالغ الأثر في على مسار علم تاريخ الشرائع القديمة، ولقد اعتمدت هذه المدونة على ما سبقها من مدونات ما بين النهرين شكلا ومضمونا، ونظرا لأهميتها البالغة نحاول الوقوف عليها بمزيد بيان وتحليل على النحو الآتي:

أ‌-      تاريخ صدور المدونة ومكانه.

ظل الاعتقاد سائدا بأن القرن 20  هو زمن صدور مدونة حمورابي غير  إن الأبحاث الحديثة رجحت أن هذه المدونة صدرت حوالي القرن 17 قبل الميلاد على عهد الملك  السادس من ملوك الدولة البابلية حمورابي الذي حكم الدولة البابلية لمدة 42 سنة ووضع قانونه  بعد 30 سنة من الحكم؛الذي يعدّ أشهر ملوك بلاد ما بين النهرين كونه الذي وحد كل دويلاتها.

ب‌-   العثور على  مدونة الملك حمورابي:

عثر على قانون  مدونة حمورابي في حفائر مدينة سوز(سوس) بإيران عام 1901م – 1902م على يد البعثة الفرنسية التي قامت بهذه الحفائر تحت رئاسية العالم الفرنسي "جاك دي مورغان"، ونشرت نصوصه باللغة الأكادية وبالكتابة المسمارية ، وتم ترجمتها لإلى اللغة الفرنسية على يد القس شال(Shell) العام 1902ن ثم من بعدها لعديد لغات العالم.

ت‌-   شكل الحجر الذي كتب عليه قانون حمورابي:

كتب هذا القانون على لوح حجري من الديوريت الأسود طوله 2.25م وعرضه 1.29م، وقسم إلى 51 عمود، شكلت مجموع الكتابة المنقوشة عليه 3600 سطر ويرى فوق الكتابة الملك حمورابي واقفا إلى تمثال الشمس(مردوخ) مطأطأ الرأس في ذل ومسكنة، موهما بأنه استوحى قوانينه من ها التمثال.

ث‌-   مضمون مدونة حمورابي ونسخها:

               يحتوي هذا القانون على ما يقارب 287 مادة سبقت بمقدمة وأغلقت بخاتمة يوجد هذا القانون بمتحف اللوفر بباريس وهناك نسخة منه ببغداد أما النسخة التي وجدت في مدينة سوس بإيران –الموجودة حاليا بمتحف اللوفر- حملت غنائم الحرب من طرف الملك الفارسي عيلام الذي غزا بابل  حوالي العام 1170 ق م.

               وقد عثر على عدة نسخ من هذا القانون بلغ عددها ما يقارب  22 نسخة في أماكن مختلفة في بلاد ما بين النهرين وخارجها وفي عصور مختلفة في بلاد ما بين النهرين وخارجها وهي دلالة بينة على أهميته القصوى وانتشاره الواسع زمانا ومكانا حتى بعد عهد حمورابي، وخارج إقليمي عيلام وآشور.

ج‌-    خصائص تقنين حمورابي:

تميز تقنين حمورابي بجملة من الخصائص من أهمها:

*      امتداح عدالة مصدر القانون ومصدره:

لقد تميزت المقدمة والخاتمة في تقنين حمورابي بامتداح عدالة هذا الأخير، كما بينت الغرض من نشاطه التشريعي، وحاولت التأسيس لاحترام هذا القانون عن طريق إضفاء البركات والشكر للآلهة، وصبّ اللعنات.

*      قصوره على تنظيم كل فروع القانون:

ولم يتضمن هذا التقنين كل مظاهر الحياة القانونية، ورغم ذلك فإن عالج الكثير من المسائل في التنظيم القضائي، والإجراءات، والقانون الجنائي، والعقود، والأراضي، والأسرة والزواج، والميراث و غيرها.

*      قصوره في التبويب والترتيب:

لم يخضع هذا القانون للترتيب المنطقي الذي انتهى إليه الفكر القانوني الحديث؛ إذ قد يبدو وجود فوضى في ترتيب هذا القانون ولعل مرد ذلك أن العصر البابلي غير العصر الحديث، إذ الفكرة التي انتهى إليها حمورابي في تدوين القانون في حد ذاتها تعتبر إبداعا يستحق التنويه به بالنظر للعصر الذي ظهرت فيه.

*      مظهره الافتراضي:

تميز هذا القانون بالمظهر الافتراضي فكل مادة من مواده تبدأ باصطلاح "شوما" أي لو فرض أن  مثل "لو فرض أن ولدا ضرب أباه تقطع يده"

*      طابعه العلماني:

قانون حمورابي علماني (لا ديني) رغم اعتقاد صدوره من الآلهة شمس وذلك لخلوه من الجزاءات الدينية والقرابين كما هو الشأن بالنسبة للشرائع السماوية.

ثانيا: في مصر الفرعونية

عرفت مصر الفرعونية عديد المدونات القانونية غير المشهورة، والتي اندثر معظمها منها:قانون الفرعون مينا  وقانون أمازيس:

أهم المدونة القانونية المشهورة  في مصر الفرعونية "قانون بوكوريس"

أ‌-      تاريخ صدور مدونة بوكوريس:

يعتبر قانون بوكريس أشهر التقنيات في مصر الفرعونية صدرت هذه المدونة القانونية في مصر الفرعونية في عهد الملك "بوكوريس" مؤسس الأسرة الرابعة والعشرين (24) وقد بدأ حكمه سنة 720 ق م إلى غاية 715 ق م وإليه يرجع الفضل في توحدي البلاد والقضاء على سلطة رجال الدين، وإعادة الصبغة المدنية للدولة المصرية.

ب‌-   ظروف صدور مدونة بوكوريس:

رغم أن التاريخ لم يحفظ لنا نصوص هذه المدونة، إلا أن الوثائق جلّت الظروف التي كانت تحيط بالمجتمع المصري وقت صدور هذه المدونة بعدما دبّ الانحلال في الدولة الفرعونية منذ أواخر عهد الأسرة العشرين (القرن الحادي عشر قبل الميلاد) ق 11 ق م ، وفقدت أملا كها في آسيا، وتفككت وحدة البلاد في الداخل وتنازع السلطة أمراء الأقاليم وكهنة أمون، وتعرضت مصر لغزوات شعوب هند أوروبية تسمى شعوب البحر، واستمر الانحلال وعمت الفوضى وبسط رجال الدين نفوذهم حتى أوائل حكم الأسرة الرابعة والعشرون (1090- 720 ق م) وقد اعتبر بوكوريس المنقذ من هذه الفوضى والمخلص من الانحلال.

ت‌-   مدى تأثر قانون بكوريس بغيره من القوانين:

يرى بعض المؤرخين أن بوكوريس قد ت.أثر بقانون حمورابي عند وضعه لقانونه، ولعل مرد ذلك إلى أن بوكوريس كان حليفا للآشوريين والبابليين الأمر الذي أتاح له الفرصة للتعرف على قرب على القوانين البابلية

وتبدو مظاهر تأثر قانون بوكوريس بقانون حمورابي في المسائل الآتية:

*      إبعاد الصيغة الدينية عن هذا القانون(الطابع العلماني للقانون) كما هو الشأن  لقانون حمورابي.

*      نقل بعض المبادئ المتعلقة بالعقود والالتزامات عن قانون حمورابي والتي اعتبرت من أهم مظاهر التجديد في قانون بوكوريس ورغم ذلك يختلف قانون بوكوريس عن قانون حمورابي في نطاق العقوبات حيث يعتبر أقل شدة منه. فمثلا يلزم السارق برد مثلي الشيء المسروق لصاحبه في قانون بوكوريس، بينما يحكم عليه بالإعدام في قانون حمورابي، ويحرق من قتل أباه بالنار وأما الأب الذي يقتل أبنه فلا يعدم وإنما يجبر على احتضان جثة ابنه ثلاثة أيام بلياليها على مشهد من الناس تحت رقابة الشرطة.

ث‌-   المبادئ الأساسية في مدونة بوكوريس:

تضمنت هذه المدونة القانونية  جملة من المبادئ القانونية لا تختلف كثيرا عن ما انتهى إليه الفكر القانوني الحديث منها:

*      المساواة بين الأشخاص أمام القانون دون تفرقة رغم تفاوت الطبقات.

*      احترام الإنسان ميتا كان أم حيا.

*      احترام المعتقدات الدينية.

ج‌-    مضمون مدونة بوكوريس:

جمع بوكوريس في تقنينه بعض الأعراف والتشريعات المصرية القديمة التي كانت مطبقة من قبله مع إدخاله بعض التعديلات الملائمة لعصره. ولعل أهم الذي جاء بهذا القانون هو:

*      إلغاء الاسترقاق بسبب الدين (والذي كان سائدا من قبل حيث كان المدين مسؤولا عن دينه في ماله فإن عجز عن سداد دينه انتقل التنفيذ إلى شخصه فيستولى عليه ويباع وفاء لدينه) ويرى البعض أن واضعي التقنينات اليونانية قد تأثرت فيما بعد بهذه الفكرة خاصة تقنين صولون.

*      تخفيض نسبة الفوائد الديون الباهظة التي وصلت في مصر العليا إلى نسبة 120% فحددت ب 30% بالنسبة للنقود، و 33% للحاصلات الزراعية، وحرم تقاضي فوائد على متجمد الفوائد وأن لا تزيد مجموع الفوائد عن أصل الدين بأي حال من الأحوال.

*      النص على الحرية الفردية التي بمقتضاها يستطيع الفرد أن يتصرف بحرية فيما يملك ويبرم ما يشاء من العقود في حدود القانون.

*      استنادا إلى مبدأي الحرية الفردية والمساواة المكرسين في هذا القانون تمتعت المرأة بالشخصية القانونية الكاملة.

المحور الثالث: المدونات القانونية في الغرب.

أولا: أشهر المدونات القانونية  في. الحضارة اليونانية القديمة،

لم تعرف الحضارة اليونانية القديمة الكتابة إلا منذ القرن العاشر 10 ق م عندما نقل الإغريق الحروف الهجائية عن الفينيقيين وبذلك صدرت عدة تقنينات أهمها عند الإغريق قانون دراكون وقانون صولون، وسبقهما قانون ليكرجسس(Lycurgus) الذي لم ينل الشهرة والأهمية نفسها للقانونين السابقين::

1-     أولا:مدونة دراكون ((Dracon 620 ق م

*      غرض صدور مدونة دراكون:

صدرت هذه المدونة القانونية في مدينة أثينا بعد وصول الحاكم دراكون إلى سدة الحكم العام 620 ق م.ولقد كان صدورها في إطار حركة الإصلاح الاجتماعي التي عمل على تحقيقها الحاكم دراكون في أثينا، فبعد أن فقد الملك سلطاته الزمنية لصالح الأقلية الأرستقراطية التي احتكرت الثورة خاصة الأراضي الزراعية ومناصب الحكم، وكذلك القضاء والعلم بالقوانين وتفسيرها فضلا عن تطبيقه طبقا لأهوائها الطائفية ومصالحها الطبقية.

ولقد كان وصول الحاكم دراكون إلى سدة الحكم بعيدا عن الوراثة أو الانتخاب، بل بفضل ما تميز به من المكر والدهاء والقدرة على استمالة الجماهير والقوة، وانفراده بالسلطة فيها مكنه من إصدار القانون الشهير الذي حمل اسمه عملا تحقيق الإصلاح الاجتماعي المنشود

*      أهداف صدور مدونة دراكون:

لقد كان من بين أهم  أهداف المعلنة لإصدار مدونة دراكون ما يأتي:

-        لعل الهدف الرئيس من إصدار هذه المدونة وهو إشراك الشعب (demos) في السلطة بجانب الارستقراطيين "aristos" من الأشراف  ورجال الأعمال الذين كان الحاكم من طبقتهم، ويعتبر هذا الإصلاح بداية التحول نحو النظام الديمقراطي.

-        استهدف أيضا نشر قواعد قانونية واضحة المعالم حتى يعرفها كل الناس وتطبق على دون تمييز بينهم تحقيقا لمبدأ المساواة الذي طالب به الشعب.

*      غرض صدور مدونة دراكون:

نصت مدونة دراكون على مجموعة من المسائل أهمها

-        توسيع صلاحيات اختيار الحكام من لتولي السلطة بعدما كانت محتكرة من طرف الأشراف والنبلاء فقط.

-        تنظيم القضاء ونقل السلطة القضائية إلى الدولة لوضع حد لسلطة رب الأسرة ورؤساء العشائر.

-        وضع حد للانتقام الفردي بوضع أحكام عقابية تشرف الدولة على تطبيقها

-        إدخال مفهوم القصد الجنائي في جرائم القتل الذي لم يكن معروفا من قبل.

-        المساواة أمام القانون لجميع الطبقات، حيث كانت العقوبة ثابتة مع تطبيقها على الجميع على قدم المساواة حتى ولو كان الضحية من طبقة العبيد.

*      عيوب مدونة دراكون:

رغم ما تميز به هذا القانون من مزايا ظاهرية شكلية إلا أن في الحقيقة لم يحقق مطامح الإغريق الأساسية نظرا لعرقلة طبقة الأشراف له، ولم يغير شيئا من الوضع الاقتصادي والوضع الاجتماعي القائمين في تلك الحقبة فجاء قانونه منحازا لطبقته طبقة الأشراف، ولم يحقق المساواة التامة بل جاء مدعما الفوارق بين الطبقات، وعجز عن وضع حدّ للربا الفاحش فاستمر نزع ملكية صغار الزراع، وتميز قانونه فضلا عن كل  هذا بالقسوة التي جعلت منه مضرب المثل في الشدة والعنف، وقيل عنه بأن عباراته خطت بالدم، واستمر العمل به نحو 26 سنة حتى وصول الحاكم صولون إلى سدة الحكم.

2-     مدونة صولون (Solon )594 ق م

*      تاريخ صدور مدونة دراكون ومكانه:

 أصدر هذه المدونة صولون حاكم أثينا حوالي 594 ق م، ولم تصلنا نصوص المدونة كاملة، لكن أحكامها عرفت من ثنايا الوثائق الأخرى، ولقد وصفه كتاب عصره وخاصة الفيلسوف أرسطو بأنه أب الديمقراطية وواضع أصولها لما امتاز به من الاعتدال ومراعاة التطور الاجتماعي فضلا عن كونه شاعرا وسياسيا محنكا من طبقة الأشراف، ثريا من تجارته، وسياحته في الآفاق.

*      غرض مدونة صولون:

نظرا لتواضع الإصلاحات التي تضمنها قانون دراكون ، وكذا معارضة طبقة الأشراف له التي وضعت كل العراقيل للحيلولة دون تطبيقها، فإن مدونة دراكون المتسمة بالشدة  لم تحقق المساواة المرجوة بين أبناء الإغريق، ولم تقض على تحكم الأقوياء على الضعفاء، ولم تسعف أفراد الطبقة العامة من النجاة من خطر الاسترقاق بسبب الدين.

 وقد أسهم هذا الوضع  إلى ازدياد سوء أحوال الطبقة العامة والتي باتت تنبئ بثورة عارمة ضد الحاكم دراكون التي وصفته بالطاغية تيرانوس فأطيح به وخلف الحاكم صولون بتأييد من الشعب ورغم انتمائه إلى طبقة الأشراف، وعمل على إكمال الإصلاحات الاجتماعية التي بدأه سلفه، ونصب نفسه حكما بين طبقة الأشراف وعامة الشعب وسعى جاهدا للحد من عنف الطبقة العامة وطموح الأشراف وحاول التوفيق بينهما بتحقيق أكبر قدر من المساواة.

ولقد بدأ صولون الإصلاحات بالعفو العام عن الجرائم السياسية ثم توالت إصلاحاته بعد ذلك في مختلف المجالات فأصدر مجموعة من القوانين سميت باسمه.

*      مضمون مدونة  صولون::

   إلغاء الديون القديمة التي أدت إلى تحرير المدنيين الذي استرقهم الأغنياء

   منع الإكراه البدني فمنع التنفيذ على الجسم المدين لسبب عجزه عن الوفاء بدينه ببيعه أو قتله، وأصبحت ذمة الشخص هي الضمان لديونه وليس جسمه.

   التخفيف من شدة السلطة الأبوية بتحريمه قتل الأبناء وبيعهم والاعتراف للابن بحق التحرر من السلطة الأبوية لبلوغه سنا معينة.

   إلغاء امتياز الابن الأكبر في الإرث، وساوي بين الذكور في قيمة التركة فإن لم يوجد فتؤول التركة لأقرب العصبات على أن يلتزم بالزواج من بنت المتوفى.

   أجاز للشخص أن يوصى بأمواله إذا لم يكن له أولاد.

   حث الشعب على العمل وجعل التسول جريمة يعاقب عليها القانون.

   فرض على الأب الالتزام بتربية أبنائه وتعليم الذكور منهم مهنة حتى لا يكونوا عالة على المجتمع.

ثانيا: أشهر المدونات القانونية  في. الحضارة الرومانية القديمة،

1-     قانون الألواح الاثني عشر::

تاريخ صدور قانون الألواح الاثني عشر ومكانه:

صدرت هذه المدونة في مدينة روما العام 451 ق م طبقا للرأي الراجح بين شراح القانون الروماني.

الغرض من صدور قانون الألواح الاثني عشر:

 صدرت هذه المدونة في ظروف شبيهة بالظروف التي صدرت فيها مدونتا دراكون وصولون في أثينا لأنها كانت ترمي لتحقيق الأغراض نفسها المتمثلة في:

   تحقيق المساواة بين طبقات المجتمع الروماني.

   نشر القواعد القانونية للحيلولة دون احتكار الأقلية للعلم بالقانون وتفسيره وتوجيهه وفقا للإملاءات الطائفية والأهواء النفسية.

   وضع حد لحرمان العامة من تولي المناصب في الحكم والسياسة وحق التملك والزواج من الأشراف،

    وضع حد للتمييز الطبقي الذي وصل نطاقه حدود ممارسة الطقوس الدينية فحتى عبادات الأشراف عرفت هذا التمييز

نتيجة لهذا التميز شب صراع محتدم بين الأشراف والعامة العام 464 ق م وانتهى بالاتفاق على وضع قانون مكتوب يحكم روما، ونشره في ساحتها، غير إنه من الناحية العملية لم ينسخ النظم  القانونية القديمة، ولم تمنع استئثار الأشراف بمناصب الحكم كما لم يسمح بالزواج أو الاختلاط بين الطبقتين. فكل ما جاء من جديد في هذا القانون هو ظهوره، ووضع حد لاحتكار الكهنة لمعرفته.

2-     قانون الشعوب وسبب ظهوره::

 لقد كان التوسع الجغرافي لروما عاملا في دخول شعوب كثيرة، ومختلفة الأجناس تحت سلطة الدولة الرومانية، ولكون هذه الشعوب الجديدة لم تكن  خاضعة للقضاء الخاص أي " بريتورالمدينة" ولا لقانون الألواح الاثني عشر لما يحتوي عليه من صيغ لفظية يتعاملون بها، لكون هذه الصيغ والشكليات مرتبطة بالناحية الدينية للرومان كانت ممنوعة عن الأجانب والغرباء رغم انتمائهم للدولة الرومانية

3-     مجموعات الإمبراطور جوستنيان:

جوستنيان هو إمبراطور الشرق تولى الحكم عام 527 إلى غاية 565 م، وحاول أن يحقق أضخم تجميع عرفه القانون الروماني تمثل في أربع مجموعات أو مدونات تمسى "مجموعة القانون المدني الروماني" والذي تعد في نظر المختصين آخر خطوة في تطور القانون الروماني القديم، و المنهل القانوني الذي استقى منه العالم الغربي تقنيناته الحديثة.

4-     ظهور النظام القانوني للشخصية القانونية عند الرومان: "Personna"

"Personna"" في القانون الروماني كلمة دالة على صلاحية اكتساب الحقوق وتحمل الواجبات أول من استعملها هو الفقيه الروماني "يتوفيل" عند شرحه لمدونة جوستنيان والمقصود بها الشخصية التي تثبت للإنسان بتوفر ثلاثة هي:

   توفر صفة الحرية (liber fatise): وهو الروماني الحر الذي يتمتع بهذه الشخصية يكون مولودا من زواج شرعي روماني أو إقرار الأب بالبنوة، وإذ لم يتمتع الشخص بهذه الصفة فهو ميت مدنيا؟

   توفر صفة المواطنة:  حيث لا بد أن يكون مواطنا رومانيا، قبيلته معروفه وأصوله معروفه أيضا، ويرجع الفصل إلى الإمبراطور كراكالاCaracalla  الذي أعطى حق المواطنة لجميع المواطنين الذين يتبعون الدولة الرومانية سنة 212 م، وإن لم يتمتع الشخص بهذه الصفة فهو ميت مدنيا.

   ألا يكون قد حكم عليه بعقوبة تحرمه من حق المواطنة أو تستدعي طرده من القبيلة.

 

 

ليست هناك تعليقات