بحث حول نطاق تطبيق القانون من حيث المكان: مبدأ إقليمية ومبدأ شخصية القوانين

 بحث حول نطاق تطبيق القانون من حيث المكان: مبدأ إقليمية ومبدأ شخصية القوانين

نطاق تطبيق القانون من حيث المكان: مبدأ إقليمية ومبدأ شخصية القانون من بين البحوث المقررة في السداسي الأول من السنة الأولى في مقياس المدخل للعلوم القانونية (يدخل في إطار تحديد نطاق تطبيق القانون)، وسنتطرق إلى هذا البحث من خلال الأصل وهو مبدأ اقليمية القانون والاستثناء المتمثل في مبدأ شخصية القانون.


يمكن تقسيم هذا البحث تقسيما ثنائيا إلى مبحثين، المبحث الأول ندرس فيه مبدأي إقليمية وشخصية القوانين، ونخصص المبحث الثاني لدراسة تطبيق المبدأين في القانون الجزائر.


خطة البحث


******************


عنوان البحث: ننطاق تطبيق القانون من حيث المكان: مبدأ اقليمية ومبدأ شخصية القوانين


مقدمة


المبحث الأول: مفهوم مبدأ إقليمية ومبدأ شخصية القوانين


المطلب الأول: مفهوم مبدأ إقليمية القانون


الفرع الأول: مضمون مبدأ اقليمية القانون


الفرع الثاني: أساس مبدأ اقليمية القانون


المطلب الثاني: مفهوم مبدأ شخصية القانون


الفرع الأول: مضمون مبدأ شخصية القانون


الفرع الثاني: أساس مبدأ شخصية القانون


المبحث الثاني: تطبيق مبدأ اقليمية ومبدأ شخصية القوانين في الجزائر


المطلب الأول: تطبيق مبدأ إقليمية القوانين كأصل


الفرع الأول: دليل أخذ المشرع الجزائر بمبدأ الاقليمية في القانون المدني


الفرع الثاني: دليل أخذ المشرع الجزائر بمبدأ الاقليمية في قانون العقوبات


المطلب الثاني: تطبيق مبدأ شخصية القوانين كاستثناء


الفرع الأول: تطبيق مبدأ شخصية القوانين في مجال الحقوق والحريات العامة


الفرع الثاني: تطبيق مبدأ شخصية القوانين في مجال تنازع القوانين


الفرع الثالث: تطبيق مبدأ شخصية القوانين في مجال العقوبات


خاتمة


******************


بعض النقاط الأساسية في بحث نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص: مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون

 

مقدمة

بعد أن تعرفنا على القاعدة القانونية وأهم خصائصها، ورأينا أهم مصادرها وكيفية نشوئها، أصبح لزاما علينا التساؤل حول نطاق تطبيق القانون. ورأينا في بحث نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص على من يُطبق القانون بعد دخوله حيز النفاذ، أما في بحثنا هذا فالاشكالية تتمحور حول تطبيق القانون من حيث المكان أي الاجابة على سؤال أين يطبق القانون هل على كل الأشخاص القاطنين في إقليم الدولة بما فيهم الأجانب أم يتعداه إلى تطبيقه على كل المواطنين بما فيهم رعايا الدولة الساكنين في اقليم دول أخرى.


المبحث الأول: مفهوم مبدأ إقليمية ومبدأ شخصية القوانين

سنحاول في هذا المبحث أن نتعرف على مبدأي إقليمية ومبدأ شخصية القانون من خلال دراسة مضمون المبدأين وأساسهما.


المطلب الأول: مفهوم مبدأ إقليمية القانون

الفرع الأول: مضمون مبدأ اقليمية القانون

يُقصد بمبدأ اقليمية القانون أن يسري القانون بعد نشره ودخوله حيز النفاذ في كل إقليم الدولة بكل أجزائه (البري، الجوي والبحري) وأن يطبق القانون على كل الأشخاص الطبيعية والمعنوية القاطنين في هذا الإقليم حتى ولو كان بعضهم أجانب يحملون جنسية دولة أخرى.


بالتالي فإن القانون لا يسري حسب مبدأ الاقليمية على الأشخاص الذين يحملون جنسية الدولة (المواطنين) الساكنين في إقليم دولة أخرى.


الفرع الثاني: أساس مبدأ اقليمية القانون

يستند مبدأ اقليمية القانون على مبدأ أساسي في القانون وهو سيادة الدولة على إقليمها، إذ أن الاقليم يعتبر ركنـا من أركان الدولة بالتالي فإن لهذه الأخيرة حق السيادة الكاملة على كل ما يقع في إقليمها.


المطلب الثاني: مفهوم مبدأ شخصية القانون

نظرا لاستحالة تطبيق مبدأ اقليمية القانون بشكل مطلق، ظهر مبدأ آخر يُسمى بمبدأ شخصية القوانين.


الفرع الأول: نمضمون مبدأ شخصية القانون

يتمثل مبدأ شخصية القانون بتطبيق قانون الدولة على كافة رعاياها أي الأشخاص الذين يحملون جنسيتها (المواطنين) أينـما وُجدوا، داخل إقليم الدولة أو خارجها.


الفرع الثاني: أساس مبدأ شخصية القانون

يستند مبدأ شخصية القانون على مبدأ حق الدولة في السيادة على كل رعاياها، إذ أن الشعب هو الآخر ركن من أركان الدولة.


المبحث الثاني: تطبيق مبدأ اقليمية ومبدأ شخصية القوانين في الجزائر

من الواضح أنه لا يمكن تطبيق أحد المبدأين السالف ذكرهما بمنآى عن المبدأ الآخر، غير أن الفقه ذهب إلى ترجيح مبدأ الاقليمية على مبدأ الشخصية، وهو ما نلاحظه في كل التشريعات، حيث يُطبق مبدأ الاقليمية كأصل ومبدأ الشخصية كاستثناء.


المطلب الأول: تطبيق مبدأ إقليمية القوانين كأصل

الفرع الأول: دليل أخذ المشرع الجزائر بمبدأ الاقليمية في القانون المدني

على غرار كل التشريعات أخذ المشرع الجزائري بمبدأ الإقليمية في تطبيق القوانين كأصل، وهو ما تؤكده المادة الرابعة (04) من القانون المدني حيث تنص على ما يلي: "تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية".


ونلاحظ نفس التوجه في تنازع القوانين أي تلك العلاقات التي تشتمل على عنصر أجنبي، فقد أخضع القانون المدني الجزائري الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى لقانون الاقليم المتواجد فيه العقار، وكذلك يسري على النظام القانوني للشركات والجمعيات والمؤسسات قانون الدولة التي يوجد فيها مقرها الاجتماعي...إلخ.


الفرع الثاني: دليل أخذ المشرع الجزائر بمبدأ الاقليمية في قانون العقوبات

تنص المادة الثالثة (03) من قانون العقوبات على ما يلي: "يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية"، بمفهوم المخالفة فإن قانون العقوبات الجزائري لا يسري على الجرائم التي تُرتكب في خارج الإقليم الجزائري.


ويعود سبب تطبيق قانون الاقليم على الجرائم الواقعة في نطاقها هو أن الدولة تستخدم قانون العقوبات كأداة لفرض النظام العام وحماية الحقوق والحريات، ومن جهة أخرى فإنه لا أفضل من متابعة المتهم ومحاكمته في نفس مكان وقوع الجريمة لسهولة التحقيق والحصول على أدلة الإدانة أو البراءة.


المطلب الثاني: تطبيق مبدأ شخصية القوانين كاستثناء

الفرع الأول: تطبيق مبدأ شخصية القوانين في مجال الحقوق والحريات العامة

يقيّد القانون الاستفادة من بعض الحقوق العامة بالجنسية، أي أن الاستفادة من بعض هذه الحقوق حكر على المواطنين (الحاملين لجنسية الدولة) فقط دون الأجانب.


فمثلا تنص المادة 55 من الدستور على ما يلي: "يتمتع كل مواطن بالحق في الوصول إلى المعلومات والوثائق..."، وتنص المادة 56 من الدستور أن حق الترشح والإنتخاب حق خالص للمواطنين الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية، أما المادة 79 من الدستور فقد فرضت واجب الدفاع عن الدولة على المواطنين ...إلخ.


الفرع الثاني: تطبيق مبدأ شخصية القوانين في مجال تنازع القوانين

يُقصد بتنازع القوانين تلك العلاقات التي تشتمل على عنصر أجنبي كأن يتزوج مواطن جزائري بتونسية، وقد نظم المشرع الجزائري قواعد الإسناد لفض هذا النوع من النزاعات في المواد من 09 إلى 24 من القانون المدني.


فعلى سبيل المثال تنص المادة العاشرة (10) من القانون المدني على ما يلي: "يسري على الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم"، كما ينص في المادة الحادية عشر (11) على أنه: "يسري على الشروط الموضوعية الخاصة بصحة الزواج القانون الوطني لكل من الزوجين"، أما المادة الثالثة عشر(13) مكرر فقد جاءت كما يلي: "يسري على النسب والإعتراف به وإنكاره قانون جنسية الأب وقت ميلاد الطفل. وفي حالة وفاة الأب قبل ميلاد الطفل يطبق قانون جنسية الأب وقت الوفاة".


الفرع الثالث: تطبيق مبدأ شخصية القوانين في مجال العقوبات

أشرنا فيما سبق أن القانون الجزائري يعتمد على مبدأ الاقليمية وأسسنا هذا القول بالمادة الثالثة (03) من قانون العقوبات، غير أن المادة سالفة الذكر في فقرتها الثانية تنص على ما يلي: "كما يطبق على الجرائم التي ترتكب في الخارج إذا كانت تدخل في اختصاص المحاكم الجزائية الجزائرية طبقا لأحكام قانون الاجراءات الجزائية". والملاحظ أن قانون العقوبات يطبق تطبيقا شخصيا أو عينيا حسب الحالة.


أولا: التطبيق الشخصي لقانون العقوبات

نقصد بالتطبيق الشخصي لقانون العقوبات سريانه على كل المواطنين الذين يحملون جنسية الدولة ولو ارتكبوا جريمة خارج إقليم الدولة، في إحدى الحالتين التاليتين:


الحالة الأولى: إذا ارتكب جزائري جريمة في الخارج وفر إلى الجزائر للافلات من العقاب، فإن قانون العقوبات الجزائري يسري عليه إذا توفرت الشروط التالية:


أن يكون الجاني جزائريا

- أن يرتكب الجريمة في الخارج ويعود إلى الجزائر هربا من العقاب

- أن تحمل الجريمة نفس الوصف في الجزائر وفي الدولة التي ارتكب فيها الجريمة (جناية، جنحة، مخالفة).

- أن يعود الجاني إلى الجزائر قبل تقادم الدعوى.

- ألاّ يعاقب الجاني في الخارج، إذ من غير المعقول أن يعاقب مرتين بسبب نفس الجريمة.

الحالة الثانية: في حالة إرتكاب رؤساء الدول الأجنبية وأعضاء السلك الدبلوماسي لجرائم في الإقليم الجزائري، فإنهم يعاقبون بموجب قانون الدول التي ينتمون إليها (تطبيق شخصي للقانون)، وهذا عملا بأحكام القانون الدولي العام الذي يوفر حماية خاصة لهؤلاء الأشخاص.


ثانيا: التطبيق العيني لقانون العقوبات

يُقصد بالتطبيق العيني لقانون العقوبات هو تطبيق قانون عقوبات الدولة على كل الأشخاص الذين يرتكبون بعض الجرائم أيا كانوا مواطنين أم أجانب وفي أي إقليم وجدوا في الجزائر أو خارجها، نظرا لحساسية هذا النوع من الجرائم كالجرائم الماسة بأمن الدولة أو تزوير عملتها...


خاتمة

مما سبق نستنتج أن الأصل في تطبيق القانون من حيث المكان هو سريان القانون على إقليم الدولة، وقد ورد عليه استثناء السريان الشخصي للقانون أي تطبيق القانون على كل رعايا الدولة ولو كانوا في الخارج.


تعمدنا إعطاء الأفكار الرئيسية والعناصر الأساسية فقط لحث الطالب على البحث وتحري باقي المعلومات في المراجع المختلفة من كتب، أطروحات ومذكرات جامعية، مقالات ونصوص قانونية وغيرها.

نذكر الطلبة الأعزاء أن الهدف من البحوث بالإضافة إلى تحصيل المعلومات، هو تلقين طريقة البحث والمنهجية القانونية.


بعض المراجع التي يمكن استعمالها في بحث أقسام القانون وفروعه.

أولا: الكتب.


بوضياف عمار، المدخل للعلوم القانونية: النظرية العامة للقانون وتطبيقاتها في التشريع الجزائري، دار ريحانة، الجزائر، د س ن.

الداودي غالب علي، المدخل إلى علم القانون، الطبعة 7، دار وائل للطباعة والنشر، الأردن، 2004. (يمكن تحميله أسفل الصفحة)

الخليلي حبيب ابراهيم، المدخل للعلوم القانونية: النظرية العامة للقانون، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2017.

بعلي محمد الصغير، المدخل للعلوم القانونية : نظرية القانون، نظرية الحق، دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2006.

ثانيا: المحاضرات.


بعوش دليلة، المدخل إلى العلوم القانونية: النظرية العامة للقانون، جامعة قسنطينة، 2014-2015. (يمكن تحميلها أسفل الصفحة)

دموش حكيمة، محاضرات في المدخل للعلوم القانونية، جامعة بجاية، 2017-2018. (يمكن تحميلها أسفل الصفحة)

محمودي قادة، محاضرات المدخل إلى العلوم القانونية، المركز الجامعي تيسمسيلت، 2010-2011. (يمكن أسفل الصفحة)

ثالثا: النصوص القانونية.


دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية المنشور بموجب المرسوم الرئاسي رقم 20-442 مؤرخ في 30 ديسمبر سنة 2020، يتعلق بإصدار التعديل الدستوري، ج.ر.ج.ج عدد 82 صادر في 30 ديسمبر 2020.


أمر رقم66-156، مؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 08 يونيو سنة 1966، يتضمن قانون العقوبات، ج ر ج ج عدد 49 صادر في 21 صفر عام 1386 الموافق 11 يونيو سنة 1966، معدّل ومتمّم. (يمكن تحميله أسفل الصفحة)

أمر رقم 75-58، مؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، يتضمن القانون المدني، ج ر ج ج عدد 78 صادر في 24 رمضان عام 1395 الموافق 30 سبتمبر سنة 1975، معدّل ومتمّم. (يمكن تحميله أسفل الصفحة)


أمر رقم 84-11، مؤرخ في 09 رمضان عام 1404 الموافق 09 يونيو سنة 1984، يتضمن قانون الأسرة، ج ر ج ج عدد 24 صادر في 12 رمضان عام 1404 الموافق 12 يونيو سنة 1984، معدّل ومتمّم بالأمر رقم 05-02، مؤرخ في 18 محرم عام 1426 الموافق 27 فبراير سنة 2005، ج ر ج ج عدد 15 صادر في 18 محرم عام 1426 الموافق 27 فبراير سنة 2005. (يمكن تحميله أسفل الصفحة)

تحميل بعض المراجع الخاصة بموضوع نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص - مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون.


تطبيق القانون من حيث المكان 


خطـة البحث 


*المقدمة 

المبحث الأول: مبدأ إقليمية القوانين 

المطلب الأول : المقصود بمبدأ إقليمية القوانين 

المطلب الثاني : أساس بمبدأ إقليمية القوانين

المبحث الثاني : مبدأ شخصية القوانين ومبدأ التطبيق العيني 

المطلب الأول: المقصود بمبدأ شخصية القوانين 

المطلب الثاني : أساس مبدأ شخصية القوانين

المطلب الثالث : مبدأ التطبيق العيني للقانون 

المبحث الثالث : مجالات تطبيق القانون في مبدأ ين 

المطلب الأول: مدى سريان الإقليمي للقانون الجزائري 

المطلب الثاني : الإستثناءات الواردة على مبدأ الإقليمية 


المـقـدمة :


أمام إنتشار المدينة وازدياد العلاقات بين الأفراد في مختلف الدول ، ونظرا لتقدم وسائل المواصلات ، وما يترتب على ذلك من إزدهار التجارة الدولية وإنتقال الأفراد من دولة إلى أخرى بحيث يوجد على إقليم الدولة الأجانب من رعايا الدول الأخرى بجانب مواطنيها، كما يوجد مواطنوها على اقاليم غيرها من الدول مما جعل العالم قرية صغيرة كما يقال، فإن سريان القاعدة القانونية من حيث المكان يثير هذين السؤالين: 

-هل يطبق قانون الدولة في داخل إقليمها على كل من المقيمين فيها مواطنين كانوا أم أجانب؟

- أم هل أن قانون الدولة ينحصر بتطبيقه على مواطنيها أينما وجد


المبحث الأول : مبدأ إقليمية القانونين : 

المطلب الأول : المقصود بمبدأ الإقليمية : 

يقصد بهذا المبدأ سريان القاعدة القانونية على كل ما يقع داخل الدولة وعلى كل الأشخاص الموجودين فيه، فيخضع لحكم هذه القاعدة كل من المواطن والأجنبي 

ويقابل كل هذا المعنى عدم سريان هذه القاعدة القانونية في خارج حدود الدولة فإذا قلنا مثلا أن القانون الجزائري إقليمي التطبيق فإنه يترتب ذلك على مايلي : 

أ‌- أنه دون سواه يسري على كل ما يقع في الإقليم الجزائري، وعلى كل الأشخاص الموجودين فيه بغض النظر عن جنسياتهم .

ب‌- أنه لا يمتد إلى خارج الإقليم الجزائري، حتى ولو تعلق الأمر بالجزائريين فإنهم يخضعون لقانون الدولة التي يقيمون فيها .

المطلب الثاني : أساس مبدأ الإقليمية :

يسند مبدأ السريان الإقليمي للقاعدة القانونية إلى فكرة سيادة الدولة على إقليمها، مما يعد معه تطبيق تشريعات الدول الأخرى على ما يقع في إقليمها إعتداء على سيادتها، لذا يعتبر تطبيق قانون الدولة في إقليمها على كل الأشخاص الموجودين فيه من أهم مظاهر السيادة، وعليه فإن للدولة أن تفرض النظام الذي تريده على جميع القاطنين في إقليمها ويعتبر حق الدولة في السيادة على إقليمها نتيجة طبيعية لوجودها، فالدولة لا يكون لها وجود إلا على إقليم معين، والإقليم هو أحد أركان الدولة، وهو مكان وجودها .


المبحث الثاني : مبدأ شخصية القوانين : 

المطلب الأول : المقصود بمبدأ الشخصية : 

يقصد بهذا المبدأ سريان القاعدة القانونية على الأشخاص المنتمين إلى الدولة، سواء كانوا موجودين على إقليمها أم كانوا مقيمين في خارج هذا الإقليم، وعدم سريان هذه القاعدة على المنتمين للدول الأخرى حتى ولو كانوا مقيمين في إقليمها، فإذا قلنا مثلا أن القانون الجزائري شخصي التطبيق فمعنى ذلك مايلي : 

أ- أنه يطبق على الجزائريين ولو وجدوا خارج الإقليم الجزائري .

ت‌- أنه يسري على الأجانب ولو وجدوا بالجزائر .

المطلب الثاني : أساس مبدأ الشخصية : 

يقوم مبدأ السريان الشخصي للقاعدة القانونية على أساس ما للدولة من سيادة على رعاياها أينما وجدوا،وذلك نظرا للعلاقة التي تربطهم بها، وهي علاقة لا تتقيد بمكان معين، بل تتسع لتشمل جميع الأمكنة التي توجد بها أحد من رعاياها، فهؤلاء الرعايا هم الذين وضعت التشريعات من أجلهم ومن ثم يجب أن يخضعوا لها حيثما وجدوا، ويعتبر حق الدولة في السيادة على رعاياها نتيجة طبيعية لكون هؤلاء الرعايا يمثلون عنصر الشعب في الدولة التي لا تقوم لها قائمة بغيره فالدولة كيان بشري وليست مجرد كيان إقليمي .

المطلب الثالث: مبدأ التطبيق العيني للقانون : 

يقضي هذا المبدأ بسريان القانون الوطني على الأشخاص أو الأفعال خارج إقليم الدولة

سواء كان مرتكبوها وطنيين أو أجانب، وذلك بالنظر إلى نوع الجريمة لهذا يسمى هذا المبدأ بالتطبيق العيني للقانون إذا أخذ بعين الإعتبار جنسية الأشخاص مرتكبي الجريمة، بل يأخذ فقط بعين الإعتبار نوعا معينا من الجرائم، فإذا كانت الجرائم تخل بأمن الدولة واقتصادها، كجرائم التزوير في النقود والأوراق الرسمية فيطبق القانون الوطني بصددها ويعد هذا المبدأ استثناءا من مبدأ إقليمية القوانين لأن الجريمة ترتكب في الخارج ولكن يطبق عليها قانون البلد المتضرر أو الذي كان من الممكن أن يتضرر منها، ويعد أيضا إستثناءا من مبدأ شخصية القوانين إذ يطبق قانون الدولة المتضررة على المجرم سواءا كان أجنبيا أو وطنيا .

المبحث الثالث : مجالات تطبق القانون في المبدأين : 

المطلب الأول : مدى السريان الإقليمي للقانون الجزائري : 

الأصل في القانون الجزائري هو سريانه إقليما: 

أكد تقين العقوبات الجزائري مبدأ السريان الإقليمي بنص صريح هو ينص الفقرة الأولى من المادة الثالثة منه، فطبقا لهذا النص فإن تعينين العقوبات الجزائري يسري على كل الجرائم التي ترتكب في الجزائر بغض النظر عن جنسية مرتكبها جزائريا كان أو أجنبيا، وبصرف النظر عن جنسية المجني عليه وبصرف النظر أيضا عن طبيعة الجريمة، وبمفهوم المخالفة فإن هذا التقين لا يسري على ما يرتكب من جرائم خارج الإقليم الجزائري، وقد سار المشرع الجزائري بهذا المبدأ على ما يسير عليه سائر مشرعي دول العالم . 

ويجد مبدأ السريان الإقليمي لقواعد تقنين العقوبات منطقة في سببين : 

-أولهما نظري: وهو أن القانون الجنائي بإعتباره أداة كل دولة في فرض سيادتها داخل إقليمها وتأمين الحقوق الجديرة بالحماية للمجتمع وأفراده، يعد أحد مظاهر سيادة الدولة على إقليمها .

-وثانيهما عملي: وهو أن مكان وقوع الجريمة هو أنسب مكان لمحاكمة المتهم، بسبب توفر أدلة إثبات الجريمة فيه، كما أن إعتبارات تحقيق الردع العام تدعوا إلى صدور الحكم في مكان وقوع الجريمة كما أن مبدأ التطبيق الإقليمي للقانون يستفاد من نص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من التقنين المدني الجزائري .

أضف إلى ذلك أن التقنين المدني هذا جاء بتطبيقات لمبدأ السريان الإقليمي للقانون فيما يتعلق بالعلاقات المشتملة على عنصر أجنبي، منها مثلا إخضاع الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى لقانون موقع العقار، وإخضاع شكل العقد لقانون بلد إبرام العقد .


المطلب الثاني: الإستثناءات الواردة على مبدأ الإقليمية :

لو أخذنا بمبدأ الإقليمية على إطلاقه لما قام تنازع بين قوانين دول مختلفة إذ حينئذ تطبق كل دولة قانونها في إقليمها ولايمتد سريان هذا القانون إلى لأقاليم غيرها من الدول، غير أن هذا الفرض لا يمكن أن يتحقق في العالم اليوم إذ لا وجود لدولة تعيش في عزلة عن الدول الأخرى، بحيث لا يوجد على إقليمها غير مواطنيها ولا يوجد أحد من مواطنيها على إقليم دولة أخرى .

ولو أخذ بمبدأ الشخصية لأدى ذلك إلى تعارض مع ما للدولة من سيادة على إقليمها إذ يسمح هذا التطبيق للأجنبي بان يخالف القواعد المتعلقة بالنظام العام والآداب في الدولة التي يقيم فيها، مما يتعين معه أن يحتفظ بقانون الدولة بنطاق معين يطبق فيه دون غيره من قوانين الدول الأخرى .

وتأسيا على ما تقدم، فقد تم الأخذ بالمبدأين معا كل منهما في نطاق معين، فنشأ تنازع بين قوانين دول مختلفة،وإزاء التعارض الحتمي بين مبدأي الإقليمية والشخصية كان لابد لأحدهما أن ينتصر، وما دامت الدولة لا تملك سلطة حقيقية إلا على إقليمها فإن مبدأ الإقليمية هم الذي إنتصر على مبدأ الشخصية غير أن هذا الإنتصار لم يكن حاسما نظرا لما قلنا من تقدم البشرية وإزدهار وسائل المواصلات والإتصال وقد أسفر ذلك عن بقاء مبدأ الشخصية ولو بصورة محتشمة إلى جانب مبدأ الإقليمية، فأخذت تشريعات الدول الحديثة بمبدأ إقليمية القانون كأصل، وجعلت من مبدأ السريان الشخصي للقانون إستثناء، وذلك هو مسلك القانون الجزائري .


الخـاتـمة :


وفي الأخير يبقى القانون هو السيد سواء كان داخل الوطن أو خارجه ويبقى ساري المفعول على المواطنين أو الأجانب أو الأجانب أو على الرعايا الجزائرين المتواجدين في الخارج .

ولذلك للحفاظ على أمن وسيادة الدولة والأشخاص 

ولضمان الإستقرار والاطمئنانية لدى الجميع رغم إختلاف المكان والأشخاص .

المــراجع 

* محمد سعيد جعفور – مدخل إلى العلوم القانونية 

(وجيز في نظرية القانون)

دار الأمل للطباعة والنشر المدينة الجديدة تيزي وزو 1998

* فريدة محمدي – المدخل للعلوم القانونية 

(نظرية القانون) الجزائر 2000 .

ليست هناك تعليقات