ظهور الكشافة الإسلامية الجزائرية

 ظهرت أول حركة كشفية في العالم عام 1907 علـى يـد المربـي والضـابط  الإنجليزي اللورد بادن باول روبرت ، الذي كان محاصرا في جزيرة مافكينغ بإفريقيا الجنوبية من قبل شعب البور، إذ دام الحصار 217 يوما، وكانت عدته قليلـة ، وعـدد رجاله ضئيلا فاضطر إلى أن يستخدم كل المدنيين وخاصة الأطفال كسـعاة للبريـد وروادا وحراسا ويقدمون الإسعافات الأولية زيادة على توزيع الأغذية والعتاد. وقد قام هؤلاء الصغار بواجبهم خير قيام وأدوا للجيش خدمات جعلته يقدر هذه القوة الكامنـة فيهم، والبطولة المستقرة في نفوسهم، ففكر في طريقة لإيقاظ هذه البطولة وشحذها بناءا على تلك القوى التي اكتشفها فيهم.

وعند عودته إلى لندن عام 1903 وجد أن تجربته قد ذاع صيتها، ووجد جماعـة من المعلمين يدرسون كتابه"إرشادات كشفية "ليربوا فـي الطالـب قـوتي الملاحظـة والاستنتاج وهذا ما دفعه إلى إعادة النظر في هذه المنظمة، وفي عام 1907 كون أول فرقة تضم 20شابا من كل الطبقات. 

ولقد ظهرت أول حركة كشفية بفرنسا عام 1910م على يد القس غاليان، ثـم تكونـت فرقة "رواد الكشافة "بقيادة جورج برتيي، ويعتبر نيكولا بنوة المؤسس الحقيقي للكشافة الفرنسية الذي اتجه إلى بريطانيا لدراسة النظم التربوية لكشافة بادن بـاول ، وأسـس الهيئة العليا للكشافة الفرنسية، وفي سنة 1921 تأسست جمعية الكشافة الكاثوليكية، كما تكونت الكشافة الإسرائيلية، وسنة 1924 تم تكوين الفرع اليهـودي بجامـة الكشـافة  الفرنسية.

أما في الجزائر فقد ظهرت بعد الحرب العالميـة الأولـى 1914 علـى أيـدي الفرنسيين إذ رأوا فيها أداة صالحة لتربية أبنائهم، وكانت لها جماعات واتحادات تمثلها  مجالس عليا في الجزائر كما في فرنسا


ظهور الكشافة الإسلامية الجزائرية:  

 الكشافة الإسلامية الجزائرية، جمعية وطنية تربوية، إنسانية، تطوعية مستقلة ذات طابع المنفعة العمومية، وهي عضو المنظمة العالمية والعربية والإتحاد الكشفي للمغرب العربي، وعضو ملاحظة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي لدى منظمة الأمم المتحدة. والكشافة الإسلامية الجزائرية حركة تربوية مؤثرة ترتكز على القيم وتؤكد علـى إنجاز مهمتها وتشرك الشباب الذين يعملون معاً من أجل تحقيق طاقتهم حيـث يـدهم  الراشدون من ذوي الإرادة والقدرة على أداء دورهم التربوي..

أسباب ظهورها:

  يرجع تاريخ وجود النظام الكشفي بصبغة جزائرية محضة إلى الاحتفال بالذكرى المئوية لاحتلال الجزائر (1830-1930 ،(وما قام به من استفزاز للضمير الجزائري

وإهانة للشخصية الجزائرية الإسلامية وإظهار التفوق الفرنسي على الجزائر والعبـث بتاريخ الأمة الجزائرية، فكان الرد سريعاً من طرف الشباب الكشفي وخاصـة الـذين كانوا منخرطين في الجمعيات الكشفية الفرنسية فأسرعوا إلـى جعـل النـواة كشـفية جزائرية إسلامية مستقلة عن العدو، وأعطوا لها أسماء معبرة تميزت بها كل الأفواج، وكانت هذه الأفواج موزعة عبر العديد من المدن الجزائرية،التي انضم إليها عدد مـن الشبان من مختلف أنحاء القطر الوطني، وكان من رجالها قادة وسياسـيون وضـباط  وشهداء في الثورة.

مساهمته في الكشافة الإسلامية الجزائرية: تم تأسيس أول فوج كشفي في الجزائر سنة 1936 والذي أطلق عليه "فوج ابن 2 خلدون" ويرجع الفضل إلى محمد بوراس  والصادق الفول بمدينة مليانة حيث جمـع عددا من الشبان لم يتجاوز عددهم عشرة أشخاص، ويرجع السبب في ظهور هذا الفوج هو المشاكل مع الإدارة الفرنسية، الأمر الذي أدى في النهاية إلـى انضـمام بعـض الأوروبيين واليهود بدواعي الجوسسة والتفرقة، والإطلاع عن قرب عما يحدث داخـل الفوج، على عكس ما كان يصرح به هؤلاء عندما يسـألون عـن سـبب انضـمامهم  فالصادق الفول يقول "عندما نسأل أحدهم عن سبب الانخراط يقول أريد أن أكون كشافاً مسلماً..." ومن هنا ظهرت النوايا الخبيثة للاستعمار الفرنسـي، حيـث جعلـت انضمام العناصر الفرنسية واليهودية بشرط استمرار نشاط الفوج، وكان هـدفها مـن خلال ذلك اتخاذهم جواسيس قصد التعرف على اتجاهات الفوج الكشفي الجديد.

 وبعد فوج ابن خلدون، تشكل فوج آخر وهو فوج الفلاح، الذي كـان رد الفعـل الأهم بعد احتفالات مرور قرن من الاحتلال وتأسيس جمعية العلماء المسلمين في سنة .م1931

وفي هذا الجو السياسي والديني كان محمد بوراس كثير التردد على نـادي الترقـي ، حيث اجتمع بالشيخ عبد الحميد بن باديس رئيس الجمعية، الذي أشار عليه بتأسيس فوج كشفي وتنظيم نشاطات سلمية في أحضان الطبيعة. وبذلك تأسس فوج الفـلاح بقلـب القصبة بالعاصمة، بعيداً عن انخراط أطفال المعمرين، وكان ينشـط تحـت المبـادئ الإسلامية والوطنية، واعد قانونه الأساسي وقدمه لولاية الجزائر، بتـاريخ 16 أفريـل 1936 ،وتحصل على التصريح الإداري في 05 جوان 1936م، وانظم محفوظ قداش إلى فوج الفلاح سنة 1936م، كما كانت هناك أفواج أخرى مثل فوج الرجاء (قسنطينة) عام 1936م، فوج الإقبال (البليدة) عام 1936م، فوج القطب (الجزائر) سـنة 1937 ، فوج الحياة بسطيف عام 1938 ،فوج الهلال (تيزي وزو) عام 1938م، فوج الرجـاء بباتنة 1938م، فوج النجوم 1939م بقالمة، وبهذا تضاعف نشاط الكشافة الإسـلامية ، وأصبحت تحظى بالمساندة الشعبية  .

وبذلك تضافرت الجهود لدعم وحدة الكشافة الإسلامية، وطلب "القطب" بالعاصمة الانضمام إلى الاتحادية وكان مسيروه قد انسحبوا منها في سبتمبر 1939م، وحركة تبادل الرسائل بين رئيسه لاغا عمر والقائد العام الطاهر التجيني، وكـان المسـيرون للفوج لاغا عمر وقداش وابن التومي عمر، وفي أفريل1944 استقبلت اللجنة الإدارية من قيادة فوج القطب ابن التومي وقداش وصرح هذا الأخير قائلاً "لقد انخرطـت فـي الرواد المسلمين منذ سنتين أو ثلاثة، ولم أكن أعرف فوجاً غيره، وفـي ذلـك الحـين انفصل فوج القطب من اتحادية الكشافة الإسلامية، وقد اتصلنا بمراسلات عندما وقعت أحداث في الاتحادية الإسلامية، ووجهت إذاك اتّهامات ضد رئيسنا السيد لاغا ونحـن رافضون لها. وقد احتججنا لدى السيد لوكوي في مخيم الإعلام" ولم يوضح الأحـداث والاتهامات، ويبدوا أن نزاعات وقعت في العاصمة بين الرواد المسـلمين مـن فـوج  القطب وفوج الفلاح التابع للاتحادية 

عقب أحداث 08 ماي 1945م، اعترفت الكشافة الإسلامية الفرنسـية باسـتقلال الكشافة الإسلامية الجزائرية، وبعد هذه الأحداث ب 10 أيام أقيم مخيم ببرج الكيفـان بالجزائر العاصمة، الذي لم يحضره القليل من الأشخاص ومن ضمنهم نـذكر قـداش ولاغا


مراجع

- الكشافة الإسلامية الجزائرية، دراسات وبحوث الندوة الوطنية الأولى حول تاريخ الكشافة الإسلامية الجزائريـة، المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954م، ص ص 26-27

  صليحة رحالي، القيم الدينية والسلوك المنضبط (الكشافة الإسلامية الجزائرية -نموذجاً-) دراسة ميدانية للأفواج الكشفية لمدينة المسيلة، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في علم الاجتماع تخصص علم الاجتماع الديني، جامعة الحاج لخضر باتنة، 2007-2008م، ص 79 .

غالية عبد القادر، محطات تاريخية من حياة الثورة التحريرية، المؤسسـة الصـحفية بالمسـيلة، د .م.ن، 2013 ص91 .

خولة بروبة ص 22-30

محفوظ قداش، الجزائر في العصور القديمة، تر: صالح عباد ، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1982 ، ص809 .

ليست هناك تعليقات