الأمانة العلمية والموضوعية في البحث التاريخي

 


.1 مفهوم الأمانة العلمية وأهم مبادئها:

الأمانة في البحث العلمي التاريخي تعني إسناد الفكرة أو الرأي المدون إلى مصدره الأصلي، فلا بد أن يكون الباحث صادقا في كتابته بالإشارة إلى المراجع التي استخدمها، ملتزما بقواعد التوثيق من حيث الإقتباس والتهميش.

ومن الأمانة العلمية كذلك التدقيق في فهم آراء الآخرين وعدم التسرع في فهمها وتأويلها، فلا يستعمل الباحث معنى مخالفا، لا يقصده المؤلف الذي نقل عنه وينسبه إليه، فهذا يعد تلفيقا وكذبا

وإذا كان النص المقتبس اقتباسا حرفيا مأخوذا عن مؤلف معين للاستشهاد به، وللتعبير عن فكرة أو رأي معين يوظفها الباحث في متن بحثه، وجب عليه التدقيق في نقل الجمل والكلمات والألفاظ كما هي، لأن التغيير في النص لمقتبس من زيادة أو نقصان أو استبدال لكلماته بأخرى قد يؤدي إلى تغيير المعنى الحقيقي الذي يريده المؤلف، وهذا إخلال بمبدأ الأمانة العلمية. كما يجب تمييز هذا النص المقتبس اقتباسا حرفيا بوضعه داخل مزدوجين، أو يتكبير حجم خطه، وكذا الإحالة إلى صاحبه في الهامش مع ذكر عنوان الكتاب والصفحة وبقية البيانات المتعارف عليها في التهميش.

2 الموضوعية وأهم مبادئها

أما الموضوعية والتي تعني الحياد في البحث، فتحقيقها يتطلب التجرد من الذاتية، وتجنب التعصب، وعدم التحيز إلى رأي، أو إلى موقف ما، فالبحث العلمي الجاد لا يقوم على العواطف، بل على المنطق والعقل، وقوة الإرادة. ومن مبادئ الموضوعية في البحث العلمي يجب:

التخلص من الأفكار المسبقة، فعلى الباحث أن يتناول معطيات الموضوع للمناقش، ويتعامل مع الآراء والمواقف المختلفة بذهن متجرد، وبفكر خالص، فليس في البحث العلمي صديق أو عدو، قدر ما فيه من حقيقة ينبغي القصد إليها.

استخدام الشك العلمي المنهجي المفضي إلى قواعد النقد، فهو ضروري في أي بحث علمي تاريخي، فلا يجوز الإستسلام للأفكار العامة، دون تأمل وفطنة ومقارنة وتحليل ومناقشة وإعادة نظر، من أجل الفهم والتثبت والتوثيق والكشف عن الحقيقة. - التحلي بالإنصاف والنزاهة والجرأة الأدبية، خاصة في التعامل مع الآراء المخالفة المستندة إلى حجج وحقائق موثقة مثبتة، وهو ما يُمكن أن تصطلح عليه بالروح العلمية في البحث العلمي، فالوصول إلى الحقيقة هو الغاية المنشودة من البحث وهي مثالية قلما تتحقق تحققا كاملا، لاصطدامها بالكثير من المعيقات، خاصة إذا اقترن البحث بالتاريخ الديني أو الوطني للشعوب، أو الإنتماء الفكري الإيديولوجي أو العقدي والمذهبي للباحث.

التعامل مع المادة التاريخية : ضبط خطة البحث )

.1 تعريف خطة البحث

- هي تصميم النموذجي يقترحه الباحث كإجابة مبدئية قابلة للتعديل أثناء البحث لإشكالية بحثه التي تـ من العنوان الرئيسي أو المشكلة الرئيسية للبحث.

أو هي القواعد والخطوات السابقة شبه التفصيلية التي يجب الإلتزام بها في عملية البحث.

أو هي :

تخطيط مسبق أولي يُسطره الباحث لنفسه لدراسة أسئلة بحثه في جانبيها النظري والتطبيقي.

..2. أهمية اعتماد خطة البحث:

وجود

تنطلق

يمكن تشبيه خطة البحث بالمخطط الهندسي للبناء، فالباحث الذي يشرع في إنجاز وتحرير بحثه دون

مخطط واضح؛ كالذي يبني بيتا دون وضع مخطط فتجده هندسي يفتح بابا هنا ثم سرعان ما يغلقه ليفتح بابا في جدار آخر، مع عدم مراعاة توفير الإضاءة والتهوية في هذا البناء. فالخطة كذلك هي التي تتيح التنظيم المحكم للعمل الفكري.

وتعد خطة البحث طريقة عمل منهجي يستعين بها الباحث حتى يتمكن من التحكم في خطوات بحثه الأساسية بشكل متدرج ومتوازن ومتكامل، فهي تجنّبه التسرع، فلا ينتقل من عنصر إلى آخر أو من جزئية

إلى أخرى حتى يُعطيها حقها من التقصي والبحث، وبذلك فهي تحتبه الخلط أو التكرار في الأفكار.

لا يستطيع الباحث أن يُعد تصميما نهائيا وملائما لبحثه منذ البداية مهما كانت قدراته العلمية وخبراته العملية، فكل بحث تعتريه ظروف خاصة، ومواقف علمية تتحكم في تغيير خطته كالزيادة في العناصر الفرعية، أو تبديل العناوين، وهذا التغيير المستمر في الخطة يُعوّد الطالب على التفكير، والنقد الحر، والتدريب على إبداء الأفكار بطريقة منظمة، وصياغة سليمة، وتنظيم المادة العلمية التي يتم جمعها بواسطة صباغة الخطة.

3 شروط وقواعد تصميم وضبط خطة البحث:

بعد الإطلاع على الدراسات السابقة التي تصب في الموضوع نفسه المراد دراسته، والتوصل إلى تحديد إشكالية يطرحها الباحث من خلال العنوان الرئيسي للبحث يُحاول وضع خطة أولية مبدئية لبحثه، تكون مرئة تقبل التعديل والإضافة دون الإخلال بالتوازن، فهي لا تكتمل إلى بتمام البحث ككل.

- تقسم خطة البحث الأكاديمي إلى قوالب ويُقصد بها الأطر الشكلية والموضوعية التي تصب فيها مختلف أجزاء البحث، وهي مُرتبة ترتيبا تنازليا كالتالي: كتب أجزاء، أقسام أبواب فصول، مباحث، مطالب، فروع، عناصر (بنود) ك: أولا... ثانيا ... ثم 1، 2، 3 ... ثم أ، ب، ج... وعادة ما تستعمل الفصول والمباحث والمطالب في مذكرات التخرج الخاصة بالليسانس والماستر، أما القوالب الكبيرة كالأقسام والأبواب فتوح في الدراسات الكبيرة المعمقة كأطروحات الدكتوراه...

- تبدأ كل خطة بحث علمي بمقدمة وتنتهي بخاتمة.

- يجب أن تكون الخطة متسلسلة، يندرج كل عنوان فرعي ضمن ما يسبقه على الترتيب التنازلي السابق

ذكره - ضرورة مراعاة التوازن الشكلي (الكيفي) في الخطة، أي أن يكون هناك تناسق وترابط بين عنوان البحث وعناوين تقسيماته، وتناسق بين عنوان كل قسم وعناوين تقسيماته الفرعية.





ليست هناك تعليقات