السياسية الإقتصادية للسعديين

 

السياسية الإقتصادية للسعديين:

 

لقد استطاع ملوك السعديين شيئا فشيئا من توفير الشروط الضرورية للارتقاء باقتصاد البلاد و في مقدمتها:

أ- توفير الأمن و الاستقرار الضروريين لأي نمو و تطوير الأوضاع الاقتصادية و قد نجح السعديون في تحقيق هذا الشرط خلال القرن السادس عشر ميلادي، عن طريق العمل على وقف حملات النهب و السلب و القتل التي تقوم بها القوات البرتغالية و الإسبانية على  المناطق الداخلية للمغرب.

و كذلك العمل على توحيد أجزاء المغرب تحت سلطة مركزية واحدة، و على إخضاع القبائل التي كانت تهدد أمن السكان، و تعيقهم عن مباشرة نشاطاتهم الاقتصادية و ذلك بالوسائل الردعية تارة و بالوسائل السلمية تارة أخرى.

ب- فك الحصار المفروض من قبل البرتغاليين و الأسبان على السواحل المغربية الأطلسية و المتوسطية المحتلة، و ذلك بالعمل على تحرير العديد من المدن الساحلية أهمها: مدينة أغادير و مدينة آسفي و غيرها، و قد أصبحت هذه المدن بعد تحريرها مراكز هامة للمبادلات الاقتصادية بين المغرب ومختلف الدول الأوروبية كإنجلترا و فرنسا و غيرهما.

 ج- الاهتمام بالزراعة، و ذلك بتنويع المحاصيل الزراعية و لاسيما زراعة قصب السكر التي اهتم بها السعديون اهتماما كبير .

و قد حرص ملوك السعديين على استغلال الإمكانيات الزراعية للمغرب و ذلك بمنح للمهاجرين الأندلسيين أراضي واسعة، قام بغرسها هؤلاء بمختلف أنواع الأشجار المثمرة كالزيتون و غيره، و حوّلوها إلى بساتين ذات إنتاج وفير.

 

 

كما قاموا بتوزيع الأراضي الزراعية أيضا على القبائل المحلية تحفيزا للسكان من أجل زراعتها، و كان هذا الإجراء قام به الملك أحمد المنصور.

و قد لجأ أيضا ملوك السعديين إلى شق المجاري المائية لسقي الأراضي في مناطق مختلفة من المغرب و ذلك في منطقة السوس، مراكش و غيرها  من المناطق، و أقاموا على ضفافها السدود المائية و مصافي السكر.

د- الاهتمام بالصناعة، و ذلك من خلال اهتمام ملوك السعديين الأوائل بالمخترعات الجديدة و السعي إلى استقدام المهرة من الصناع و استغلال الخبرة المحلية والخارجية من مغاربة وأندلسيين و أعلاج ويهود و نصارى.

هـ- الاهتمام بالتجارة الداخلية و الخارجية، حيث حرص الملوك على توفير الأمن في داخل البلاد، و ذلك في الطرق و الأسواق. و كذلك في إيجاد المنافذ البحرية العديدة للقيام بالتجارة الخارجية مع أوروبا.

و يتجلى الاهتمام أيضا في ترحيب أوائل السعديين بمن كان يأتيهم من التجار الأوروبيين ومعاملتهم الحسنة معهم، و قد كان له أثر طيب في إقبال التجار الأوروبيين خاصة الإنكليز على الاتجار في المغرب .

و ما يؤكدّ اهتمام المغاربة بالتجارة الخارجية خاصة مع بلاد السودان، سعيهم المبكرّ إلى مدّ نفوذهم إلى منطقة توات في سنة 1526م، التي كانت تتحكّم في محاور التجارة و حركة القوافل التجارية بين بلاد السودان الغربي و البلدان الواقعة شمال الصحراء، ثم في محاربتهم للمنافسة البرتغالية لتجارة المغرب مع بلاد السودان، فشنّوا في هذا الصدد حملة على "ودان" في سنة 1543م التي نجح البرتغاليون في استمالة شيخها إلى التجارة معهم عن طريق مركزهم في "آرجن"، فاحتلوا مدينة ودان في تلك السنة.

و منذ تلك السنة، فكّر الملوك السعديون في احتلال بلاد السودان نفسها للقضاء بصفة جذرية على المنافسة البرتغالية و لاستغلال خيرات هذه البلاد الوفيرة وهذا ما تحقق في عهد الملك المنصور سنة 1591م،  فبدأت ثروات و خيرات بلاد السودان خاصة الذهب، تتدفق على المغرب.

و بهذه الجهود المبذولة، التي قام بها أوائل السعديين في ميدان التجارة، نشطت و ازدهرت مراكز تجارية عديدة داخل المغرب أهمها: تارودانت، سلا، تطوان، مراكش، آسفي، سجلماسة و غيرها، بعد أن كاد يصيبها الخراب.

كما نشطت التجارة الخارجية، لاسيما مع الدول الأوروبية مثل انكلترا التي أسست في سنة 1585م الشركة البربرية خصيصا لتنظيم تجارتها مع المغرب، بعد أن توسعت هذه التجارة و منحها حق الاحتكار لمدة 12 سنة. كما نشطت التجارة مع فرنسا، ثم هولندا، إبتداءا من أواخر القرن السادس عشر ميلادي.

 

ليست هناك تعليقات