مقالة الشغل وقيمته موسعة وثرية جدا علامة كاملة أن شآء الله

  

مقالة التحدي ‏ هدفنا العلامة الكاملة في الفلسفة




هل الشغل ضرورية مادية؟ / هل يشتغل الإنسان خوفا من الموت / هل الإنسان يستغل من

اجل تلبية حاجاته البيولوجية؟ / هل الحاجة للغذاء هي من دفعت الإنسان نحو الشغل؟

شكرا الاستاذ خليل سيعداني على مقالة 

 💥 مقالة الشغل وقيمته 🤩 شعبة الآداب والفلسفة 🤩 مقالة موسعة وثرية جدا 🤩

طرح المشكلة : المقدمة يعتبر العمل فاعلية إنسانية إلزامية تهدف لتحقيق اثر نافع مادي ومعنوي؛ ولهذا يعرفه أوجست

كونت في كتابه السياسة الوضعية بقوله: "الشغل هو التبديل النافع للوسط الخارجي من طرف الإنسان"؛ فالعمل عند الإنسان

هو نشاط يحول المادة عن صورتها غير النافعة إلى صورتها النافعة التي يرغب فيها ويريدها بحسب وسائله وإمكانياته

وغاياته مستخدما قواه الجسمية والعقلية معا مؤثرا في الطبيعة ومتأثرا بهاء أي انه كل جهد فكري أو عضلي يهدف من خلاله

الفرد إلى إحداث اثر نافع على الوسط الذي يعيش فيه؛ ولكن حول أبعاد ونتائج الشغل وآثاره احتدم جدل بين الفلاسفة فمنهم

من اتجه إلى القول بان الإنسّان يشتغل لتلبية حاجاته البيولوجية والمادية فقطء في حين ذهب آخرون إلى الاعتقاد بان الشغل

يحقق آثارا نفسية واجتماعية وأخلاقية .....الخ ولهذا فالسؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا هو: هل الشغل من حيث هو نشاط يقتصر

على إشباع الحاجيات المادية أم يتجاوز ذلك؟


محاولة حل المشكلة العرض الموقف الأول: يرى أنصار الأطروحة الأولى بان الشغل ضرورة بيولوجية بحته ومنهم أفلاطون

وميشال فوكو وأوجست كونت حيث يعتبر هؤلاء ان الشغل هو السبيل الوحيد لكسب الرزق وتوفير متطلبات الحياة وحفظ

بقاء النوع الإنساني وتحقيق الاستمرارية في الحياة ويستدل هؤلاء على صدق رأيهم بالحجج التالية


الانسان البدائي أن الشغل عند الإنسان منذ وجوده كان من اجل تلبية رغباته وإشباع حاجاته الضرورية والحفاظ على بقائه

ووجوده؛ وذلك بتوفير المأكل والمشرب والملبس المأوى.... الخ؛ ولاايكون له ذلك إلا بالشغل وهكذا فأنصار الاتجاه البيولوجي

يعتقدون ان الحاجة البيولوجية هي الدافع الأساسي للشغل فإذا تقصينا الأفعال الأؤلى التي قامت بها المجتمعات البدائية فقد

نلاحظ أنها اقتصرت على صيد الحيوانات وقطف الثمار وبناء الأكواخ بمعنى يمكن تسمية ذلك العصر بعصر جامعي الغذاء

أي أن الحاجة البيولوجية هي التي دفعتهم الى العمل لذا يقول ميشال فوكو: "لم يبرز الشغل تاريخيا إلا في اليوم الذي تواجد

فيه بشر كثيرون يقتاتون من الثمار الطبيعية للأرض والتي لم تعد كافية لهم لسد حاجتهم من الغذاء"


الشغل ضرورة وجودية ودليلهم على ذلك ايضا أنه لو وفرت الطبيعة للإنسان كل ما يحتاجه من مطالب ضرورية للعيش لما

اشتغل الإنسان لكن الطبيعة لم توفر له ذلك فأضحى الشغل ضرورة بيولوجية +وفي هذا السياق يمكن القول أن الاختلاف في

التوازن بين موارد العيش والنمو الديمغرافي المتزايد هو الذي فرض على الإنسان الشغل حتى لا يتعرض إلى الفناء كما يقول

ميشال فوكو: "ففي كل فترة من حياتها لا تشتغل البشرية إلا تحت تهديد فكرة الموت" ويضيف أيضا: "إن كل مجتمع إذا لم

يعثر على ثروة جديدة فهو محكوم عليه بالفناء"؛ فلو وجد الانسان كل شيء جاهزا لما أقدم على العمل؛ وما يبرز ذلك أيضا

ان العمل وبالرغم مما يسببه من تعب وشقاء الا ان الشعور بالخوف تجاه فكرة الموت وغريزة حب البقاء يدفع الانسان للعمل رغما عن ذلك.


 


الشغل عند اليونانيين اعتبر اليوتانيين في القديم أن الشغل لا يعتبر ذو قيمة أخلاقية بل ان انه لا يعبر الا عن الحاجة الشهواتية

ولهذا فالشغل في الحضارة اليوتائية كان محصورا في فنة العبيد فقط حيث ترفعت عنه طبقات وأكرهت الآخرين عليه ولهذا

تحد افلاطون يعتبر العمل اليدوي من شان العبيد الذين تدقعهم اعتبارات بيولوجية حيث يقول ” ان الشغل يشد الانسان نحو

الكهف ويرتبط بإشباع البعد الحيواني في الانسان المتمثل في الجسد ورغباته؛ في حين ان التأمل والنظر العقلي هو الشيء

الوحيد الذي يََتموآبالإنسان ويحقق ماهيته وهو طريقه نحو عالم الحقيقة" وهو نفس التصور تقريبا الذي كان ينظره تلميذه

ارسطو الذي اعتبر ان العمل يظل ادتى قيمة وشأنا من الممارسة الفكرية والسياسية قهو خاص بطبقة العبيد؛ ووظيفة هؤلاء

خدمة اسيادهم من الطبقة النبيلة كالفلاسفة مثلا؛ فوظيفة العبيد الشغل ووظيفة الفلاسقة التأمل.

الشغل جهد نافع "أن العمل جِهّد نافع فهو انتاج أولا وقبل كل شيء ومن خلاله تلبي المطالب الضرورية للأفراد كانوا او

جماعات فالعمل مفيد وآهو السبيل الى تحضليل المال واستثماره وتتمية الثروة وأيضا السيطرة على الطبيعة والتمكن متها

فبالعمل يمكتنا بتاء الطرق والمضانع ومختلف وساءل الإنتاج لذا يقول اوجست كونت "الشغل هو التبديل النافع للبيئة الذي

يقوم به الانسان"؛ وبالتالي فالعمل”هو الوسيلة الوحيدة لدى الانسان لتحقيق تطوره وازدهاره ولا قيمة لاي تطور الا بالرخاء

الاقتصادي وكثرة الإنتاج كغاية أسمى للشغل فالشعوب ترقى وتتطور بالشغل وتسقط بإهماله


النقد والمناقشة: قي الواقع أن البعد البيولوجَي للشغل يعتبر بدا أساسيا للمحافظة على الحياة واستمرار للجنس البشري

لكن لا يمكن أن نقر أن الشغل ظاهرة بيولوجية قحب لأن ذلك إنكار لعقلية الإنسان ومحاولة للمساواة بين الإنسان والحيوان

قالإتسان باعتباره حيوان عاقل وواع تجاوز الصراع مع الطبيعة فالعمّل تشاط أنتج للإنسان قيما روحية ومعنوية مكتته من

إنتاج حضارة متقدمة. بمعنى ان الشغل ليس فقط من اجل الغيش بل من اجل غايات أخرى مثل تحقيق القيم الأخلاقية

والاجتماعية والروحية.. الخ


الاطروحة الثانية الموقف الثاني: يرى أصحاب الأطروحة النقيضة أن الشعل ليس ضرورة بيولوجية بل هو داقع اجتماعي

وأخلاقي ونفسي وفكري وابداعي تحرري متهم ابن خلدون؛ دوركايم وكانط وفرويد وغيرهم وحجتهم في ذلك


البعد الأخلاقي أن الشغل يحفظ كرامة الإنسان ويصون عرضه لأن الإنسان الذي لا يعمّل أو يتفر عن العمل كثيرا ما يجد

صعوبة قي الحصول على قوته اليومي وغالبا ما يضطر إلى مساعدة الآخرين فالإنسان الذي يمت العمل فهو يذهب إلى أبعد

من ذلك ويلجا إلى الاحتيال والسرقة حتى يضمن أسباب العيش حيث يرى كانط أن الواجب لا يكون أخلاقيا إلا ذا كان هذا

الواجب بدافع ذاتي صادر عن إرادة الفرد وتمليه حتمية ماه ولا يكون كذلك إلا إذا كان اختيارا يقبله الفرد لأن الَشَعْلَ تعبير

عن كرامة الإنسان فهو يبعده عن التواكل والتطفل على غيره وفي هذا الصدد يقول فولتير: "من لا يعمل لا قيمةلحياته وكل

الناس أخيار إلا الكسالى"


البعد الاجتماعي كما ان العمل يقضي على الآفات الاجتماعية ويحقق ماهية الإنسان فالشغل عنوان سمو الإنسانٌ ورقيه في

سلم الحياة والوجود ويقول دوركايم كذلك: "أن الشغل يعد واجبا اجتماعيا" فحاجات الإنسان كثيرة وإمكائياته محدودة فهو

بمقرده عاجز عن تلبية حاجاته بتقسه مادامت هذه الحاجات متتوعة ومتجددة فهو مضطر الي التعلون مع الآخرين بالإنسان

 


كائن اجتماعي بطبعه ولذلك اضطر الناس إإلى التجمع في الأرياف والقرى والمدن من اجل إنتاج مختلف المواد الاستهلاكية

وغيرهاء فهذه الحياة الاجتماعية اقتضت أن تكون لكل شخص وظيفة ما فكثرت الحرف وتنوعت الصنائع وتعددت المهن

وانقسم الناس إلى جماعات كل منها يشتغل في ميدان معين كميادين الفلاحة والصناعة والتجارة؛ وتقسيم العمل بين أفراد

المجتمع الواحد يستلزم ذلك وتكامل الوظائف في المجتمع الواحد ضروري؛ فالشغل نشاط اجتماعي يقوم على التعاون ويتطلب

نظاما معينا وخبرات ومعارف وهذا ما أكده العلامة ابن خلدون حينما اعتبر الشغل ظاهرة ملازمة للاجتماع البشري وان

الإنسنان بمفرده لا يستطيع أن يحصل على قوته إلا بالتعاون مع بني جنسه؛ إذ يقول دوركايم في هذا الصدد: "لما كان الفرد

لا يكتفي بذات كان يستمد من المجتمع كل ما هو ضروري له" وهكذا ينشأ لديه شعور قوي جدا بحالة التبعية التي هو عليها

وهذا يعني أن الفرد بحاجة إلى العيش مع غيره؛ وبعمله في مجتمعه يحقق أبعادا اجتماعية ويشعر بوجوده الاجتماعي ويحقق

كذلك أبعادا أخلاقية كالوحدة والتضامن


البعد النفسي - كما يذهب أضحاب البعد النفسي إلى القول بأن الشغل له انعكاسات ايجابية على نفسية الإنسان وتتمثل على

الخصوص في التحرر من العوائق الذاتية التي كثيرا ما تكون مصدرا للقلق والعقد والاضطرابات والانحراف فالعمل حسب

الاتجاه النفسي يحافظ على التوازن النفسي والعقلي ويضمن الشخصية السوية للفرد ويقلل من الانقباض النفسي فالعمل هو

إحدى الدعائم الصحية والنفسية لكل إنسان وقد ألح فرويد على أن الشغل يلعب دورا جوهريا في توازن الفرد وانخراطه في

المجتمع بصورة فعالة وفي صحته البدنية والعقلية لهذا يقول فرويد: "إذا أردت ألا تنتحر اوجد لنفسك عملا" وانطلاقا من هذا

الطرح يمكن القول بأن الشغل يحقق نتائجا معنويا فيصبح الفرد فاعلا في مجتمعه ومحققا لغايات أخلاقية فالعمل مطهرة من

الأمراض والعقد النفسية.


البعد التحرري والابداعي والفكري العمل جهد ارادي واع تأملي فالشغل ظاهرة إنسانية لارتباطه بالوعي بمعنى انه معناة

فكرية وهو تصميم وتخطيط وتدبير يعبر عن الابداع والصنع والابتكار الإنساني» فبفضل العمل رفع الانسان نفسه من عالم

الحيوان والشغل احد المميزات الجوهرية التي تميز الانسان عن الحيوان؛ لأن الحيوان يستخدم نتاجات الطبيعة الجاهزة في

حين ان الانسان يجعل الطبيعة تخدم اغراضه بفضل عمله؛ اذ يغيرها ويخضعها لحاجاته الخاصة مثل عمل المهندس الذي

يبدع في بناء الأبراج والعمارات؛ يقول كارل ماركس "ان الشغل خاصية إنسانية بامتياز وتعبير عن ماهية الانسان"


النقد والمناقشة: في الواقع أن العمل أساس بناء الكيان الاجتماعي والأخلاقي للفرد والمجتمع؛ فالمجتمع الذي يعمل لا

يعرف الأزمات لكن حين نرجع إلى تاريخ المجتمعات الإنسانية القديمة فإننا لا نجدها تجعل من الشغل واجبا اجتماعيا أو

أخلاقيا ففي عصر العبودية كان العمل خاصا بطبقة العبيد. كما أنه ليس كل عمل يحقق راحة نفسية لأنه توجد اعمال واشغال

هي التي تسبب للإنسان في امراض نفسية مثل التعليم في بعض الاحيان؛ وأيضا ليس كل عمل يؤدي الى التحلي بالفضائل

الأخلاقية لان هنالك اعمالا تقحمنا في الرذائل كالرشوة والربا كالعمل في البنوك


التركيب: الشغل ظاهرة تاريخية ارتبط في البداية بتلبية مطالب الإنسان البيولوجية ثم ارتقى بالإنسان من مستوى الغريزة

إلى مستوى الوعي وتجمتّد ببذلك التلاحم بين العقل والمادة فقد العمل في البداية واقعا بيولوجيا فحاجات الانسان كثيرة وإمكاناته

الأولية محدودة فكان همه في الحياة تلبية ضرورياته والمحافظة على وجوده ولكنه بعد التحكم في الطبيعة وظهور العلوم


  


والصنائع أصبح الشغل دافعا أخلاقيا واجتماعيا ولم يعد الدافع البيولوجي او المادي سوى وسيلة وليس غاية ولذلك فالعل يحقق

ابعادا مادية ومعنوية معا وكما قال مونييي: "يهدف كل عمل إلى أن يصنع في نفس الوقت إنسانا وشيئا"؛ وتحوّل الشغل

إلى عنوان لتكامل الشخصية؛ وفي نظر فريدمان: "حقق الشغل توازن الفرد مع المجتمع وأثر بصورة فعالة في صحة

الإنسان البدنية والعقلية فالعامل يعي ذاته ويشعر بحريته".


لهذا يبدو لي أن الشغل متعدد الإبعاد والغايات وهذا المعنى الإجمالي للشغل نستوحيه من حديث الرسول محمد عليه الصلاة

والستلام في قوله: "لأن يأخذ أحدكم أحبله فيقتطع الجبل فيأتي بحزمة من الحطب فيبيعها ويستغني بثمنها خير له من أن

يسال النان أعظوه أو منعوه”؛ ففي هذا حث على فضيلة العمل مهما كان نوعه لأنه يحفظ للإنسان قوته وكرامته ومكانته


ويستعفف به عن الرذائل الأخلاقية ويبني به حضارة قد تبقى شاهدة عليه.


حل المشكلة الخاتمة في الأخير نستنتج أن الشغل لم يعد ضرورة بيولوجية لازمة لإرضاء حاجات جسمية فقط أو غرائز

عن طريق حركات آلية لا معنى لها؛ وإنما هو نشاط واع يجعل الإنسان له قيمة اجتماعية وأخلاقية في الواقع المعيشي من

جهة وينمي إنسانيته من جهة أخرئ وفي نفس الوقت يحقق به فوائد ذاتية يحفظ بها وجوده وهكذا يستمد الإنسان إنسانيته من

الشغل ويضمن به بقاءه واستمرار وجوده وبه يُجَسَنَد قيمه الإنسانية فيكون الإنسان إنسانا بعمله الإنساني. يقول النبي صلى الله

عليه وسلم "نحن قوم نأكل لنعيش لا نعيش لنأكل" رواه البخاري


 


 


 




ليست هناك تعليقات