المشتقات المالية

 

 بحث عن المشتقات المالية

اكتسبت الأوراق المالية المشتقة في السنوات الأخيرة أهمية متزايدة في مجال التمويل، وخصوصا بعد ثورة تكنولوجيا الاتصالات وانعكاساتها على أسواق المال والتي بدخولها فيما يعرف بعصر العولمة زادت عمقا واتساعا. وقد قادت الثورة الواقعة في عالمي الاستثمار والتمويل، وما صاحبهما من تعاظم ظاهرة تقلب أسعار الفائدة وأسعار صرف العملات الأجنبية، إلى ابتكار أدوات استثمارية جديدة غير الأدوات التقليدية السائدة، أدوات تسهل عملية نقل وتوزيع المخاطر، مما يساعد في توفير عنصر السيولة في السوق الثاني، وبذلك توفر لهذا السوق خاصيتي العمق والاتساع وفي اتجاه يؤدي إلى تحسين كفاءته.

1_ماهية المشتقات المالية

1_1_تعريف المشتقات المالية

التعريف الأول: "يمكن تعريفها بأنها أدوات استثمارية جديدة ومتنوعة، ويطلق عليها هذا الاسم لأنها مشتقة من أدوات استثمارية تقليدية كالأسهم والسندات، وتعتمد في قيمتها على أسعار هذه الأدوات، ويمكن تحديد مفهوم الأدوات المشتقة بأنها عبارة عن عقود مالية تتحدد قيمتها بقيمة واحدة أو أكثر من الأصول أو الأدوات أو المؤشرات الأساسية المرتبطة بها"[1]

§    التعريف الثاني: كما عرفت المشتقات المالية بأنها: "عقود مالية تسمح بتفويض وتوزيع بعض المخاطر المتعلقة بالاقتصاد الحقيقي، فهي بهذا المفهوم أدوات مهمة لتسيير المخاطر التي يتعرض لها المتعاملون الاقتصاديون، ويوجد عدة أنواع من المنتوجات المشتقة منها من هو بسيط، كالعقود الآجلة مثلا، وأخرى غير بسيطة حسب الحاجات الخاصة لمستعملها كالمبادلات أو المقايضات".[2]

§    التعريف الثالث: كما عرفها صندوق النقد الدولي كالتالي: "المشتقات المالية هي عقود تتوقف قيمتها على أسعار الأصول المالية محل التعاقد ولكنها لا تقتضي أو تتطلب استثمارا لأصل المال في هذه الأصول، وكعقد بين طرفين على تبادل المدفوعات على أساس الأسعار أو العوائد، فإن أي انتقال لملكية الأصل محل التعاقد والتدفقات النقدية يصبح أمر غير ضروري".[3]

وهكذا فإن مفهوم المشتقات المالية يتلخص فيما يلي:

-    هي عقود تتم تسويتها في تاريخ مستقبلي؛

-    تعتمد قيمتها (المكاسب أو الخسائر) على الأصل موضوع العقد الذي اشتقت منه؛

-    لا تتطلب استثمارات مبدئية أو تتطلب مبلغ مبدئي صغير مقارنة بقيمة العقد؛

-    يمكن أن تنتهي بتسوية نقدية دون انتقال ملكية الأصل.

         هذا ويتضمن العقد:

-    تحديد سعر تنفيذ في المستقبل؛

-    تحديد الكمية التي يطبق عليها السعر؛

-    تحديد الزمن الذي يسري فيه العقد؛

-    تحديد الشيء محل العقد (سعر فائدة، سعر ورقة مالية، سعر سلعة، سعر صرف عملة...).

1_2_الخصائص المميزة للمشتقات المالية

         من خلال التعريفات السابقة يمكن حوصلة خصائص المشتقات المالية في النقاط التالية:[4]

·       طبيعة العمليات خارج الميزانية: حيث جرى التطبيق العملي على إثبات قيم الأدوات المالية التقليدية كالأسهم والسندات داخل الميزانية كخصوم أو أصول، مما يسهل التعرف على أرصدتها وتتبع تغيراتها بعكس الأدوات المالية المشتقة التي تقتضي طبيعة التعامل في تداولها بقيم نقدية ضئيلة بصورة لا تعكس ما تتضمنه من قيم نقدية كامنة، وهذا ما يجعل المجال مفتوحا للتعرض لمخاطر عدم الإفصاح عن تلك القيم بالإضافة لمخاطر ضعف الرقابة عليها.

·       التعقيد: نظرا لأنه غالبا ما يتم تصميمها للوفاء بأغراض خاصة بالمستخدم النهائي لها، لذا ففي معظم الأحيان يكون هنا كغموض حول كيفية استخدام أداة بعينها، وكيفية تقييمها، وكيفية المحاسبة عنها، وهل يمكن تحقيق الأغراض الاقتصادية أم لا؟ من ناحية أخرى قد تتعرض المؤسسة لمخاطر فهم شروط وآثار بعض المشتقات مما يعرضها إلى نتائج وخيمة.

·       السيولة: بعض عقود المشتقات تتسم بدرجة سيولة عالية حيث يسهل تسويتها إما عن طريق البيع أو الشراء في تاريخ الاستحقاق المحدد، أو عن طريق إبرام صفقة عكسية بواسطة بيوت التسوية، إلا أنه في الوقت نفسه قد يصعب أحيانا تسوية بعض أنواع عقود المشتقات في أسواق المشتقات مما ينتج عنه مشاكل في عمليات تقييمها والمراكز المرتبطة بها.

·       عدم وضوح القواعد المحاسبية: حيث لا يزال هنا كنوع من الغموض المحيط بالمعالجة المحاسبية للآثار المترتبة على الدخول في عمليات المشتقات، ويرجع ذلك أساسا إلى التقدم السريع والنمو المتلاحق في مجال ابتكار واستخدام الأدوات المالية المشتقة والذي لا تواكبه استجابة محاسبية مماثلة وسريعة من أجل الرقابة على تأثيرات تلك الأنشطة، إذ يلاحظ وجود فجوة واسعة بين الواقع الاقتصادي الذي تمارس فيه تلك الأنشطة وبين الاستجابة المحاسبية تجاه التعبير عن الآثار المحاسبية الناتجة عنها.

 

1_3_أهمية المشتقات المالية:[5]تتمتع المشتقات المالية بأهمية كبيرة يمكن توضيحها في النقاط التالية:

- تقديم خدمات التغطية ضد مخاطر التغيرات السعرية.

- أداة لاستكشاف السعر المتوقع في السوق الحاضر.

- إتاحة فرصة أفضل لتخطيط التدفقات النقدية.

- إتاحة فرصة استثمارية للمضاربين.

- تيسير وتنشيط التعامل على الأصول محل التعاقد.

- سرعة تنفيذ الاستراتيجيات الاستثمارية.

- تعتبر وسيلة مثالية للحد من المخاطر.

- المشتقات تزيد من العائد.

- إتاحة فرصة أفضل لتخطيط التدفقات النقدية.

- تحقيق سمة الكمال للسوق.

2_أسواق المشتقات المالية والمتعاملون بها

2_1_أسواق المشتقات المالية

         يتم تداول العقود المشتقة في نوعين من الأسواق العالمية هي الأسواق النظامية والأسواق غير النظامية:[6]

Ø    الأسواق النظامية: هي أسواق يتم فيها التعامل بالعقود المسجلة نظاميا فيها ووفق المعايير المحددة من قبل السوق مسبقا. حيث يتم التعامل فيها بعقود ذات خصائص نمطية موحدة، ويكون دور السوق هنا هو دور الوسيط بين طرفين.

وتتكون البورصة عادة من عدد من الصالات أو غرف التعامل تحتوي على حلقات تخصص للتعامل في العقود على سلع معينة وبالنسبة لآليات العمل داخلها فهناك نظامين للتعامل بين الأطراف البائعة والمشترية، هذه الأنظمة هي نظام المزايدة بالمناداة والنظام الالكتروني.

Ø    الأسواق غير النظامية: فهي الأسواق التي يتم فيها التعامل بين المؤسسات المالية أو بين مؤسسة مالية وأحد عملائها عبر شبكات الاتصالات المختلفة كالانترنت والهاتف. فهي نظام يمكن المستثمرين أو وكلائهم من المتاجرة أو تبادل الأوراق المالية دون أن يتواجدوا في نفس الموقع أو البناء، ويدعوها البعض بأسواق الأوراق المالية غير المدرجة. وعادة ما يتم تسجيل جميع هذه المكالمات حرصا على مصلحة المتعاملين وضمانا لحقوقهم في حال نشوب أي خلاف أو سوء فهم بين الأطراف المتعاقدة. وهنا لا بد من التنويه إلى أنه وعلى الرغم من أن التعامل بالعقود المشتقة في الأسواق النظامية أكثر موثوقية إلا أن حجم التعاملات عبر الأسواق غير النظامية أكبر منه في النظامية

السوق غير المنظمة: على عكس الأسواق المنظمة، السوق غير المنظمة تحكمها عمليات غير منظمة، هذه العمليات التي تتم على مقصورة الأسواق غير المنظمة، هي الأكثر تغييرا للنظام المالي الدولي، بالنظر لكونها لا تخضع لأي رقابة، ولأي هامش ضمان ولا تملك غرفة مقاصة، وتتداول أيضا في مقصورتها العقود المستقبلية والعقود الآجلة ومنتجات أخرى أكثر تعقيدا الخيارات والمبادلات...، العمليات في هذه السوق ليست نمطية، بل يتخذ قرارها بشكل مشترك بالاتفاق بين الطرفين المعنيين، بمعنى أنها مهيكلة حسب إرادة الطرفين المعنيين، ويعتبر ذلك ايجابيا بالنسبة للمتدخل الذي حددت العملية على مقاسه، في حين يعتبر ذلك سلبية عامة تتميز بها هذه الأسواق.

2_2_المتعاملون بالمشتقات المالية

         يمكن تلخيص مجموعة الأطراف التي تتعامل بالمشتقات المالية حسب الهدف من هذا التعامل وذلك ضمن ثلاث مجموعات:[7]

§       المتحوطون: إن المشتقات تسمح بتحقيق مستوى تأكد يتفوق على الأوراق المالية الأصلية، لكن لا يعني ذلك ضمانا كاملا، والمتحوطون هم الذين يستخدمون العقود المشتقة لتقليل مخاطر التقلبات في أسعار الأصول المتداولة في السوق مثل: تقلبات أسعار الفائدة، قيم الأسهم، أسعار السندات، أسعار الصرف وأسعار السلع الأساسية وغيرها..) وقد يكون هؤلاء عبارة عن شركات أو مؤسسات استثمارية أو بنوك أو حكومات.

§       المضاربون: هم المراهنون على أسعار الأصول (أي يراهن على السعر بأنه سيرتفع أو سينخفض) وتعتبر العقود المشتقة أدوات مالية مناسبة للمضاربة على أسعار البضائع والأصول المالية وكذلك أسعار الفائدة وقيم السندات ومؤشرات الأسواق.

§       المراجحون: تهدف هذه الفئة من المتعاملين في العقود المشتقة إلى الحصول على الربح الخالي من المخاطر عن طريق الدخول في معاملات في سوقين أو أكثر بشكل متزامن. أي أنه يسعى للاستفادة من حالة الاختلاف أو عندما يوجد فروقات سعرية لأصل معين بين سوقين أو أكثر.

3_دور الهندسة المالية في صناعة المشتقات المالية

ترك التطور المذهل والسريع في تقنية المعلومات وثورة الاتصالات والتحول من اقتصاديات تعتمد على كثافة العمل إلى اقتصاديات تعتمد على كثافة المعرفة بصماته على أساليب التمويل للحكومات والشركات وعلى التمويل المصرفي الذي ركز طويلا على التقليد، وعزف عن التطوير، مكتفيا بما قدمته المنظومة المالية المصرفية من أدوات تقليدية لم تعد تستجيب ولا تتلاءم مع متغيرات العصر والتطور المذهل في تقنية المعلومات والذي صاحبه ظهور الشركات متعددة الجنسيات، كما اقترن به ظهور آليات جديدة كصناديق الاستثمار وبطاقات الائتمان وشهادات الإيداع، وأسهم الخزانة، وأدوات مالية مبتكرة لم تكن مجرد طفرة في أداء الأسواق المالية والسلعية وأسواق المعادن الثمينة، وإنما كانت ثورة في أساليب وصيغ التعامل، ونوعية الأدوات التي يجري التعامل عليها في هذه الأسواق.[8]

3_1_المهندسون الماليون

         شبه روبينسون المهندس المالي بالمهندس المعماري، والهندسة المالية بالهندسة المعمارية وأدوات الهندسة المالية بأدوات الهندسة المعمارية، التي يمكن من خلال استعمالها إيجاد العديد من التشكيلات والمراكز المالية المختلفة، وكذلك الاعتماد على النماذج والأساليب الكمية المدروسة بعناية، وإمكانية تصميم وبناء التشكيلات المختلفة باستعمال الأدوات المالية الجديدة، ويقوم المهندس المالي بهذه العملية من خلال استراتيجيات معينة خاصة بالهندسة المالية، تعتمد على تشخيص متطلبات المتعاملين في الأسواق المالية وقدراتهم من جهة، وتحليل وتشخيص الفرص والتحديات في هذه الأسواق من جهة، من أجل تحديد إستراتجية الهندسة المالية المثلى من وجهة نظر المتعاملين.

         وقد أنشئ خصيصا لهذه الفئة المتميزة الاتحاد الدولي للمهندسين الماليين لرعايتهم والارتقاء بصناعة الهندسة المالية عام1992 ، وأصبح يضم نحو 2000 عضوا من شتى أنحاء العالم يمثلون الممارسين والأكاديميين والمهنيين للمحاسبة والقانون والنظم، والمجتمعات رفيعة المستوى في التقنيات العلمية، كما قام الاتحاد بوضع معايير للصناعة ترتكز على النظرية والتطبيق.

3_2_الصناعة المالية

         تعرف الصناعة المالية بأنها ابتكار لحلول مالية، فهي بذلك تركز على عنصر الابتكار والتجديد، كما أنها تقدم حلولا، فهي بذلك تلبي احتياجات قائمة وتستغل فرصا أو موارد معطلة، وكونها مالية يحدد مجال الابتكار في الأنشطة الاقتصادية، سواء في التبادل أو التمويل.

         ويرى روبرت ميرتون أن الهندسة المالية هي وسيلة لتنفيذ الابتكار المالي وأنها منهج مصاغ في صورة نظام أو مجموعة من الأفكار والمبادئ تستخدمه مؤسسات وشركات الخدمات المالية لإيجاد حلول أفضل لمشاكل مالية معينة تواجه عملائها، ويستفاد مما تقدم أن الهندسة المالية والابتكار المالي ليسا شيئا واحدا، وإنما هما عمليتان متكاملتان تعتمد كل منهما على الأخرى، فالحاجة تدفع إلى الابتكار، والابتكار يعتمد على الهندسة المالية، وما يتوفر للقائمين عليها من المهندسين الماليين من الخبرات والمهارات والقدرة على توظيف النماذج الرياضية والإحصائية المعقدة ما يؤهلها لوضع هذه الابتكارات موضع التنفيذ، ليتم طرحها في الأسواق في صورة أدوات مالية وخدمات تتسابق المؤسسات المالية المتنافسة على أن يكون لها فضل السبق في تقديمها للعملاء.

4_أنواع المشتقات المالية

         بشكل عام يوجد أربعة أنواع للمشتقات المالية هي:[9]

ü    العقود الآجلة

ü    العقود المستقبلية

ü    عقود الخيارات

ü    عقود المقايضات أو المبادلات

         إن أقدم هذه الأنواع وأولها هو العقود الآجلة ثم تلاها ظهور العقود المستقبلية ثم الخيارات وأخيرا المبادلات، وسنأتي على شرح كل من هذه الأنواع بشكل مختصر:

4_1_العقود الآجلة: العقود الآجلة هي مشتقة بسيطة أي أنها: "اتفاق على شراء أو بيع أصل في وقت مستقبلي معين مقابل سعر معين". ويكون العقد عادة بين مؤسستين ماليتين أو بين مؤسسة مالية وأحد عملائها من المنشآت، ولا يتم تداوله في البورصات عادة.

ويتخذ أحد الطرفين في العقد الآجل مركزا طويلا ويوافق على شراء الأصل محل العقد في تاريخ مستقبلي محدد مقابل سعر محدد تم الاتفاق عليه، أما الطرف الثاني فيتخذ مركزا قصيرا ويوافق على بيع الأصل في نفس التاريخ مقابل نفس السعر، وسوف يشار للسعر المحدد في العقد الآجل باسم سعر التسليم ووقت الدخول في العقد يتم اختيار سعر التسليم بحيث تكون قيمة العقد الآجل صفر بالنسبة للطرفين، ويعني ذلك أن اتخاذ مركز قصير أو طويل لا يكلف شيئا.

وتتم تسوية العقد الآجل عند استحقاقه، حيث يقوم حائز المركز القصير(البائع) بتسليم الأصل إلى حائز المركز الطويل مقابل مبلغ نقدي مساوي لسعر التسليم، ومن المتغيرات الرئيسية التي تقرر قيمة أي عقد آجل في وقت ما السعر السوقي للأصل. وتتميز العقود الآجلة بما يلي:

-    عقد بين طرفين يحتمل حصول أي منهم على مكاسب أو خسائر؛

-    تعرض أطراف العقد الآجل لمخاطر الائتمان والتي تنتج عن عدم قدرة احد الأطراف على الوفاء بالتزاماته؛

-    تلك العقود تمتاز بمرونة في التفاوض على أي شرط من شروطها بما يتفق من طرفي العقد وتمتاز بسهولة الاستخدام.

4_2_العقود المستقبلية: على غرار العقد الآجل، فإن العقود المستقبلية هي اتفاق بين طرفين على شراء أو بيع أصل ما في وقت معين في المستقبل بسعر معين، ولكن على خلاف العقود الآجلة يتم تداول العقود المستقبلية في البورصات، ومن أجل جعل التداول ممكنا تحدد البورصة سمات معيارية معينة للعقد، ونظرا لأن طرفي العقد قد لا يعرفان بعضهما البعض بالضرورة، فإن البورصة توفر آلية تعطي كلا من الطرفين ضمانا بأن العقد سوف يحترم.

وأكبر البورصات التي يتم فيها تداول العقود المستقبلية فيها هي مجلس شيكاغو للتجارة وبورصة شيكاغو ميركانتايل وفي هذه البورصات وغيرها تشكل مجموعة عريضة جدا من السلع والأصول المالية والأصول الأخرى محلا للعقود المختلفة. وتشمل أجزاء من لحوم الخنزير، الماشية الحية، السكر، الصوف، الأخشاب، النحاس، الألمنيوم، الذهب، القصدير، أما الأصول المالية فتشمل مؤشرات الأسهم، العملات، أذون الخزانة، وسندات الخزانة.

ويجب أن يشتمل العقد المستقبلي بالإضافة للبائع والمشتري على العناصر التالية:

-    تاريخ التسوية؛

-    نوع الأصل محل العقد وكميته؛

-    مكان وطريقة التسوية؛

-    سعر التسليم.

         وتجدر الإشارة هنا أنه من النادر ما يتم اللجوء إلى التسليم الفعلي لمحل التعاقد إذ يكتفي الطرفين بالتسوية النقدية لمركز كل منهما في العقد، ويحقق مشتري العقد المستقبلي أرباح عندما يرتفع سعر محل التعاقد عن السعر المتفق عليه، وبالمقابل يحقق البائع أرباح عندما ينخفض سعر محل التعاقد، كما يمكن لكل طرف أن يلجأ إلى تصفية مركزه في تاريخ سابق ليوم التسوية عن طريق اتخاذ مركز مقابل في نفس العقد أي على مشتري العقد مثلا أن يقوم ببيع عقد مماثل بنفس العناصر (السعر وتاريخ التسوية ومحل التعاقد).

4_3_عقود الخيارات: تم تداول عقود خيارات الشراء/البيع الآجل للأسهم أول مرة في بورصة منظمة عام 1973، ومنذ ذلك الوقت حدث نمو كبير في أسواق خيارات الشراء/ البيع الآجل، ويتم تداول هذه الخيارات الآن في بورصات كثيرة حول العالم، ويتم تداول كميات كبيرة من خيارات الشراء/البيع الآجل في الأسواق غير الرسمية بواسطة البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، وتشمل الأصول موضوع الخيارات كل من الأسهم، مؤشرات الأسهم، العملات، أدوات الدين، السلع والعقود المستقبلية.

4_3_1_مفهوم عقود الخيارات:[10]الاختيارات جمع خيار وهو يعني طلب خير الأمرين، والإضفاء والإيثار والانتقاء والتفضل، هذا في اللغة.

أما الاختيار أو الخيار في عرف الاقتصاد المعاصر، وفي الأسواق المالية، فيراد به حق شراء أو بيع سلعة ما في تاريخ محدد بسعر متفق عليه سلفا، ولا يترتب على مشتري الخيار التزام بيع، أو شراء وإنما مجرد حق يستطيع أن يمارسه أو يتركه، ويصبح المضارب مالكا للخيار بمجرد دفع قيمته، فالاختيار اتفاق بين طرفين يتعهد بموجبه الطرف الأول (البائع) أن يعطي للطرف الثاني (المشتري) الحق –وليس الإجبار- لشراء أو بيع أوراق مالية أو سلع حسب شروط منصوص عليها في العقد.

4_3_2_أركان عقود الاختيار

·       مشتري الحق: هو الشخص الذي يقوم بشراء حق الاختيار سواء كان حق اختيار بيع أو شراء.

·       محرر الحق: هو الشخص الذي يقوم بتحرير الحق لصالح المستثمر (أو مشتري الحق)

·       سعر التنفيذ: هو السعر الذي يتم به تنفيذ العقد يتحدد عند إبرام العقد، وعادة ما يكون هو السعر الجاري للأصل في السوق.

·       تاريخ التنفيذ:هو التاريخ الذي يتم فيه تنفيذ العقد.

·       المكافأة: هو مبلغ متفق عليه يقوم مشتري حق الاختيار بدفعه للمحرر نظير أن يكون لمشتري الاختيار الحق في تنفيذ الاتفاق.

4_3_3_أنواع عقود الاختيار: تختلف أنواع عقود الاختيار باختلاف التصنيف وهي كمايلي:

4_3_3_1_من حيث طبيعة العقد: يوجد نوعان هما:

ü    حق خيار الشراء: هو عقد بين طرفين، يمنح فيه الطرف الأول ويسمى محرر العقد أو البائع للطرف الآخر الحق في الاختيار بين شراء أصل معين أو عدم شرائه وذلك في تاريخ مستقبلي محدد وبسعر يحدد مسبقا في العقد، ومقابل ذلك يحصل على مبلغ من المشتري مقابل منحه هذا الحق يسمى العلاوة أو المكافأة أو سعر الخيار، وينفذ المشتري العقد ويشتري الأصل إذا ارتفع السعر المستقبلي عن سعر التنفيذ المحدد في العقد.

ü    حق خيار البيع: هو عقد بين طرفين، يمنح فيه الطرف الأول ويسمى محرر العقد أو البائع للطرف الأخر وهو المشتري الحق في الاختيار بين بيع أصل معين أو عدم البيع وذلك في تاريخ مستقبلي محدد وبسعر يحدد مسبقا في العقد، ويحصل في مقابل ذلك على المكافأة من مشتري الحق، وينفذ مشتري الحق العقد إذا انخفض السعر المستقبلي عن سعر التنفيذ المحدد في العقد.

4_3_3_2_من حيث موعد التنفيذ: هناك نوعان أيضا:

ü    عقد الخيار الأمريكي: وهو عقد يتيح للمستثمر حق شراء أو بيع عدد محدود من الأوراق المالية أو أي أصل آخر بسعر متفق عليه مقدما على أن يتم تنفيذ هذا العقد في أي وقت خلال الفترة الممتدة منذ إبرام العقد وحتى التاريخ المحدد لانتهائه.

ü    عقد الخيار الأوروبي: هو تماما مثل الأمريكي ما عدا أن التنفيذ غير مسموح به ولا يتم إلا في تاريخ انتهائه.

4_3_3_3_حسب التغطية:

ü    عقد الخيار المغطى: هو حق اختيار شراء أو بيع يكون فيه  محرر العقد مالكا للأصل محل العقد.

ü    عقد الخيار غير المغطى: هو حق اختيار شراء أو بيع لا يكون فيه المستثمر مالكا للأصل محل العقد.

4_3_3_4_حسب الربحية: تصنف الخيارات حسب الربحية في ثلاث مجموعات هي التالية:

-خيار متكافئ –خيار مربح –خيار غير مربح

ويعتمد هذا التصنيف على مقارنة بين سعر التنفيذ وسعر السوق في الوقت الذي من الممكن فيه تنفيذ الخيار في أي وقت بين تاريخ إبرام العقد وتاريخ انتهائه بالنسبة للخيار الأمريكي وفي الموعد المحدد لانتهاء العقد في الخيار الأوروبي.

ونقول بأن:

-خيار شراء أو بيع متكافئ: إذا كان سعر التنفيذ يساوي سعر السوق للأصل محل التعاقد.

-خيار شراء مربح: إذا كان سعر التنفيذ أقل من سعر السوق للأصل محل العقد بأن خيار البيع مربح إذا كان سعر التنفيذ أكبر من سعر السوق، وبأن خيار بيع غير مربح إذا كان سعر التنفيذ أقل من سعر السوق.

4_4_عقود المبادلات (المقايضات):[11]هي عقود مشتقة، يتم التعامل بها في الأسواق غير المنظمة وتمثل إحدى أدوات تغطية المخاطر، لقد عرف عقد المبادلة بعدة تعريفات، نورد منها ما يلي:

-سلسلة من العقود لاحقة التنفيذ، حيث يتم تسوية عقد المبادلة على فترات دورية ( شعرية، ربع سنوية، نصف سنوية...) وعقد المبادلة ملزم لطرفي العقد على عكس عقد الاختيار. كما أن المتحصلات أو المدفوعات (الأرباح أو الخسائر) لا يتم تسويقها يوميا كما هو الحال في العقود المستقبلية –تتم عند تنفيذ عملية المبادلة- يضاف إلى ذلك أن عقد المبادلة لا يتم تسويته مرة واحدة كما هو الحال في العقود لاحقة التنفيذ، ولذلك يعرف عقد المبادلة أنه سلسلة من العقود لاحقة التنفيذ.

-هي عقود مشتقة تمارس في أسواق غير منظمة، يتفق فيها الطرفان على تبادل دوري لتدفقات نقدية وذلك لفترة محددة بالاعتماد على مبلغ أساس غالبا ما يتخيله الطرفان.

4_4_1_أسباب استخدام المبادلات: يستخدم المتعاملون عقود المبادلات للأسباب التالية:

-الحصول على الفرق بين معدلات الإقراض في الأسواق المعومة وتلك الثابتة لمنشأتين.

-أنها أداة لإدارة المخاطر والتحوط.

-أنها منخفضة التكلفة.

-أنها تتمتع بمرونة عالية.

4_4_2_أنواع عقود المبادلات: تتنوع عقود المبادلات إلى عدة أنواع، أبرزها: مبادلة أسعار الفائدة، مبادلة العملات، مبادلة معدل عوائد الأسهم، مبادلة السلع.

-مبادلة أسعار الفائدة: عرفت مبادلة أسعار الفائدة بأنها عبارة عن تلك العملية التي يتم بموجبها الاتفاق بين طرفين لمبادلة مدفوعات فائدة ثابتة خلال وقت معين مقابل مدفوعات فائدة متغيرة أو معومة على مبلغ محدد بعملة معينة دون أن يقترن ذلك بالضرورة بتبادل هذا المبلغ (أي أن المبادلة تتم على الفوائد فقط وليس على المبلغ الأساسي)

يتضح من التعريف أن مبادلة أسعار الفائدة هي اتفاق بين طرفين مقترضين أحدهما يقبض فائدة متغيرة والأخر يقبض فائدة ثابتة، أو بين مقترضين أحدهما يدفع فائدة ثابتة والأخر يدفع فائدة متغيرة، على أن يدفع المقترض الأول المقترض لأول للمقترض الأخر فائدة ثابتة عن مبلغ مماثل لمبلغ القرض، في مقابل أن يدفع له الطرف الأخر الفائدة السائدة عن ذلك المبلغ في تاريخ أو تواريخ لاحقة لمدة محددة.

-مبادلة العملات: عبارة عن تبادل التزامات بدفع فائدة وبسداد مبلغ أصل القرض بإحدى العملات في مقابل استلام فائدة ومبلغ أصل القرض بعملة أخرى.

يتبين من التعريف أن عقد مبادلة العملات عقد مركب من عقدين: أحدهما لبيع عملة كالدينار الجزائري بعملة أخرى كالدولار الأمريكي بيعا حلا، والثاني لشراء العملة المباعة في العقد الأول أي الدينار الجزائري بالعملة الأخرى أي الدولار الأمريكي على أن يتم التسليم والتسلم في وقت لاحق.

-مبادلة السلع: هي عبارة عن اتفاق يقوم الطرفان بموجبه بتبادل تدفقات نقدية تتحدد قيمتها على أساس سعر السلعة مثل: زيت وقود الطائرات، ونوعيات أخرى من الزيوت والغاز الطبيعي، فيقوم أحد الطرفين بدفع سعر ثابت لكمية أساسية من السلعة في حين يدفع الطرف الأخر سعرا متغيرا، والذي عادة ما يتم تحديده وفقا لمتوسط سعر السلعة على مدار فترة من الزمن.

-مبادلة عوائد الأسهم: هي الاتفاق بين طرفين على المقايضة في تاريخ لاحق لمعدل العائد على سهم معين، أو مجموعة من الأسهم بمعدل العائد على سهم أو أصل مالي آخر.

5_استخدامات المشتقات المالية[12]

         تعد أهم وظائف المشتقات المالية تحويل المخاطر من أطراف لا ترغب في تحمل مخاطر عالية إلى أطراف قد ترغب في تحمل هذه المخاطر، آملين في تحقيق أرباح عالية فيما لو سارت الأمور على ما يرام واتجهت الأسعار بشكل مناسب.

5_1_استخدامات حقوق الخيار: تعتبر هذه العقود بديلا عن المتاجرة مباشرة في الأسهم العادية، حيث يستطيع المستثمرون أن يشتروا الأوراق المالية التي تمثل مطالبة أو حقا في سهم أو مجموعة من الأسهم، وهذا الخيار يعطي لحامله الحق في استلام أو تسليم حصص من الأسهم في ظروف محددة، وقد يرى حامل الحق في بعض الأحيان أنه لا توجد حاجة إلى ممارسة هذا الحق لأنه لا يحقق منفعة وبالتالي لا يتم التنفيذ، وتستخدم حقوق الخيار لتحقيق الأغراض الموالية:

5_1_1_أغراض المضاربة: تتيح عقود الاختيار للمضاربين فرصة لدعم وتعزيز استثماراتهم من خلال تقييد المخاطرة، حيث يحقق المضارب ربحا نتيجة شراء حقا لشراء إذا ما تحققت توقعاته المتمثلة في ارتفاع سعر الأصل في السوق بأكثر من سعر التنفيذ، ومن ثم فهوأي مضاربيستفيد من تحركات الأسعار في السوق وتقلباتها بالزيادة نتيجة خبرته وتوقعاته، ففي بادئ الأمر كان ينظر لعقود الخيار على أنها أدوات مضاربة بدرجة أو بأخرى، وخلال الثمانينيات باع مستثمرون كثيرون خيارات البيع الآجل الخاصة بهم للاستفادة من الاتجاه الصعودي لأسعار الأسهم، وقد نجحت هذه الإستراتيجية حتى حدث الانهيار الشهير في السوق عام 1987 ودفعت الخسائر الكثير من المستثمرين لرؤية الخيارات على أنها أدوات مضاربة ولم يعد حجم عقود الخيارات على المستوى الذي كان عنده في عام 1987 لعدة سنوات، في الأخير فإن شراء حق الشراء يعتبر أداة مضاربة إذا كان الهدف من شراء الحق هو بيعه بسعر أعلى مستقبلا.

5_1_2_أغراض التحوط: يعتبر الغرض الأساسي للخيار هو إدارة المخاطر ولاسيما التحوط من المخاطر عن طريق نقلها إلى أطراف أخرى، وعموما فإن التحوط هو توفير الحماية من خسائر محتملة، وإن القيام بالتغطية يعني اتخاذ مركز لموازنة بعض أنواع المخاطر، وعند تطبيق هذا المفهوم على الخيارات فإن المخطر هو عدم التأكد حول قيمة الورقة المالية المستقبلية والتي تم تحرير الخيار عليها، فقد تتضمن عملية التحوط شراء سهم، وفي ذات الوقت شراء خيار بيع على نفس السهم، أو قد تتضمن بيع السهم بيعا قصيرا وشراء خيار شراء على السهم، ويمكن استخدام استراتيجيات عقود الخيار لتقليل تعرض المحفظة الاستثمارية إلى الخطر، فضلا على استعمال هذه الاستراتيجيات كأداة للتحوط من مخاطر انخفاض أسعار موجودات المحافظ الاستثمارية، إذ أنه عندما يتوقع المستثمرون حدوث مثل هذه الانخفاضات يلجؤون إلى شراء خيارات بيع بموجب سعر تنفيذ معين بعد أن يدفعوا لمعدي الخيارات العلاوة المحددة بموجب العقد، وبذلك يضمنون عدم تجاوز الخسارة حدا معينا والتي تتمثل عادة في الفرق بين سعر الموجود في السوق بتاريخ العقد، وسعر التنفيذ المحدد بحسب شروط العقد نفسه.

5_1_3_أغراض الاستثمار: تعتمد أسس الاستثمار الحديث على الأخذ بنظر الاعتبار بعدي العائد والمخاطر، ويسعى الكثير من المستثمرين بالبحث عن تلك الاستثمارات التي تحقق أعلى معدلات العائد بأدنى مستويات المخاطرة، إلا أنه من النادر أن يتعرفوا على تلك الفرص الاستثمارية، فاستخدام الخيارات كإستراتيجية للاستثمار يحمل المستثمرين درجات عالية من المخاطر، حينما يقع القسط الأكبر منها على عاتق مصدر الخيار ويعزي ذلك إلى أن مشتري الخيار يحدد سلفا مقدار الخسارة الذي يكون على استعداد لتحملها، والتي تتمثل في قيمة العلاوة التي يدفعها لمصدر الخيار وبما أن تنفيذ مشتري الخيار له الحق في البيع أو الشراء في أي وقت خلال فترة الاستحقاق، لذا فإنه في حالة حدوث تقلبات سعرية حادة عكس التوقعات، فإن مصدري الخيار يتعرضون لخسائر كبيرة، يعوضون جزء منها بالعلاوة غير المعادة التي يحصلون عليها من مشتري الخيار، وفي كثير من الحالات غيرت الخيارات من العلاقة التقليدية بين العائد والمخاطرة، فعلى سبيل المثال ينظر الكثير من المستثمرين إلى خيار الشراء كوسيلة بديلة عن الاستثمار بالأسهم دون تخصيص مبلغ رأسمالي كبير ودون تحمل مخاطرة كبيرة.

5_2_استخدامات العقود المستقبلية:[13]يمكن التمييز بين ثلاث استراتيجيات أساسية في العقود المستقبلية هي: التغطية ضد مركز أخذه أو سيأخذه المستثمر في السوق الحاضر، والمضاربة التي يمارسها المضاربون على العقود المستقبلية بهدف تحقيق الربح من فروق الأسعار، طالما ليس لهم في الأصل المتعاقد عليه حاجة، يأتي بعد ذلك إستراتيجية التعامل من خلال صناديق السلع التي تناسب المستثمر الصغير أو المستثمر قليل الخبرة، أو الذي لا يتوافر له وقت كافي لإدارة محفظة استثماراته، إلى جانب المستثمر الذي يضيف وحدات صناديق السلع إلى محفظة للأوراق المالية بهدف تخفيض مخاطرها.

5_2_1_استخدامات العقود المستقبلية في التغطية: التغطية من خلال العقود المستقبلية وغيرها من عقود المشتقات تقدم خدمة مميزة للمستثمرين هي تخفيض المخاطر. ورغم أهمية تلك الخدمة إلا أنه من غير المتوقع أن تسعى إليها كل الأطراف، وإلا تعرض الاقتصاد لحالة من الجمود. فالتطوير والتغيير من أجل التنمية، لا يمكن له أن يكون ما لم يوجد الاستعداد والقدرة لدى البعض على تحمل المخاطر أكثر من غيرهم.

ويمكن التمييز بين صورتين من صور التغطية هما: تغطية المركز الطويل، وتغطية المركز القصير، ثم هناك التغطية القابلة للتجديد، والتغطية المتداخلة أو المتشابكة أو ما يسمى بالتغطية بأصل مختلف.

5_2_1_1_التغطية بمركز طويل: يقصد بتغطية المركز الطويل أو تغطية مركز شراء أخذ مركز على عقد شراء أصل ما بهدف الوقاية ضد مخاطر ارتفاع الأسعار.

لتوضيح الفكرة دعنا نفترض حالة تاجر لدقيق القمح قد يدخل في تفاوض لتسليم كمية من الدقيق شهريا لعدد من محلات التجزئة، على أساس سعر محدد: والآن لو أن التاجر قد أبرم اتفاقا على أساس التسليم بأسعار معينة، ثم انتظر ليقوم بشراء احتياجاته من القمح من السوق الحاضر في التواريخ المحددة، فقد يفاجأ بأن سعر القمح قد ارتفع ارتفاعا كبيرا في شهر ما، مما قد يعرضه لخسائر قد تنتهي به إلى الإفلاس، فالأسعار المتفق عليها لبيع الدقيق قد لا تكفي لتغطية تكلفة شراء القمح، ولمواجهة تلك المخاطر، فقد يعمد التاجر إلى شراء عقود للقمح بأسعار محددة، وبتواريخ تسليم تناسب توقيت الحاجة إليه، وعلى أساسها يمكنه إبرام عقود بيع الدقيق بأسعار تضمن له تحقيق قدر من العائد. وعليه لو أن أسعار القمح قد ارتفعت في السوق الحاضر في تاريخ التسليم فلن يخسر التاجر شيئا، فالخسائر الناجمة عن ارتفاع السعر في السوق الحاضر، تعوضها المكاسب الناجمة عن ارتفاع سعر العقد المستقبلي. فمخاطر تغير الأسعار سوف يتحملها الطرف الآخر في العقد أي الطرف البائع الذي عادة ما يكون مضاربا.

5_2_1_2_التغطية بمركز قصير: يقصد بالتغطية بمركز قصير أخذ المستثمر لمركز بائع على عقد مستقبلي لمواجهة مخاطر سعر أصل يمتلكه، أو يتوقع أن يمتلكه. فلو أن أحد المستثمرين قد اشترى في شهر جانفي 100 أوقية من الذهب من السوق الحاضر بسعر 200 دولار للأوقية، وخشية أن تنخفض الأسعار قرر بيع عقد مستقبلي (يتضمن العقد 100 أوقية) تسليم شهر جويلية بسعر 203 دولار للأوقية.

5_2_1_3_التغطية التوقعية: في المثال السابق كانت التغطية لمركز أخذه المستثمر بالفعل في السوق الحاضر، إلا أنه يمكن أيضا تنفيذ ما سبق أن أطلقنا عليه بالتغطية التوقعية، أي التغطية لمركز سوف يأخذه المستثمر على أصل في السوق الحاضر، وذلك في تاريخ لاحق.

5_2_2_استخدام العقود المستقبلية في المضاربة: تعتبر أهم وظائف العقود المستقبلية تحويل المخاطر من أطراف لا ترغب في تحمل مخاطر عالية إلى أطراف قد ترغب في تحمل هذه المخاطر، في دخل المضارب سوق العقود المستقبلية من أجل تحقيق الأرباح من خلال تحركات الأسعار، حيث يشتري المضارب أو يبيع العقود المستقبلية في محاولة لكسب العائد، وهو مستعد لتحمل المخاطرة الخاصة بالتقلبات السعرية على أمل التربح منها، ووجود المضاربين أساسي بالنسبة لحسن عمل سوق العمليات الآجلة، حيث أنهم يمتصون أو يستوعبون الطلب أو العرض الزائد المولد بواسطة المتحوطين في تفاديها، ويسهم المضاربون في سيولة السوق ويقللون من قابلية تغير الأسعار بمرور الوقت، وتستخدم في سوق العقود طريقتان للمضاربة هما كمايلي:

-    المضاربة على شراء عقد مستقبلي لأصل ما تشير التوقعات إلى تصاعد في أسعار عقوده، ثم يقوم المضارب بإصدار أمر إيقاف الخسائر للسمسار في حالة انخفاض السعر إلى مستوى معين، مما يعني أن السمسار يقوم بإقفال مركز المضارب وذلك ببيع عقد مماثل إذا ما انخفض الثمن إلى ذلك المستوى؛

-    المضاربة على بيع عقد مستقبلي لأصل يتوقع اتجاه تنازلي في أسعاره.

5_3_استخدامات عقود المبادلة:[14] تتباين دوافع أطراف عقد المبادلة، إلا أن معظمها يدور في إطار تغطية مخاطر أسعار الصرف وأسعار الفائدة، والبحث عن تكلفة أفضل لتمويل المشروعات ومحاولة تحقيق أرباح عن طريق توقع تغيرات أسعار الفائدة وأسعار الصرف، وفيمايلي أهم استخدامات عقود المبادلة:

5_3_1_أغراض التغطية: تستخدم عمليات المبادلة للتحوط ضد مخاطر ارتفاع وانخفاض أسعار الفائدة وأسعار صرف العملات الأجنبية، فمن يقترض بالدولار ويخشى ارتفاع أسعاره يمكنه القيام بعملية مبادلة يضمنها تسديد القرض بعملته الوطنية مثلا، ومع صعوبة الحصول على عقود خيار متوسطة أو طويلة الأجل، تظهر أهمية عقود المبادلة كوسيلة وحيدة لتغطية المخاطر لمدة طويلة.

5_3_2_أغراض المضاربة: تستخدم هذه العقود أيضا في الاستفادة من تقلبات الأسعار عن طريق المضاربة، وغالبا ما تلعب البنوك دور الوسيط بين طرفين أحدهما يهدف إلى التحوط ضد مخاطر هذه التقلبات والآخر يهدف إلى تحقيق الأرباح عن طريق المضاربة، فمثلا يبرم شخص عقد المبادلة للتحوط ضد مخاطر ارتفاع أسعار صرف عملة معينة مقابل أخرى، بسعر صرف محدد مع الاتفاق على شرائها بسعر محدد في تاريخ لاحق، فلو انخفض سعر هذه العملة الفوري في الأسواق سيجد نفسه ملزما بشرائها وعندئذ سيكون الربحوهو الفرق بين السعر الذي سيشتري به والسعر السائد في السوقمن نصيب الطرف الآخر الذي أبرم العملية بقصد المضاربة.

5_3_3_أغراض الترجيح: يعتبر الوضع الطبيعي عندما تكون أسعار العملات الأجنبية في مختلف الأسواق موحدة استنادا إلى نظرية السعر الواحد، إلا أن هذا لا ينفي إمكانية وجود اختلافات بسيطة في الأسعار قد تمكن المتعاملين من تحقيق أرباح آنية عن طريق استبدال عملات بأخرى في نفس الوقت، وتسمى عمليات تحقيق الأرباح من شراء وبيع العملة الأجنبية على هذا النحو بعمليات ترجيح العملة، ولعقود المبادلة أهمية خاصة بالنسبة لراغب الترجيح إذ تمكنه من تحويل عملة إلى أخرى بشكل مؤقت، حيث يشتريها شراء فوريا ثم يبيعها بيعا آجلا، وبذلك يتمكن من الحصول على العملة اللازمة له للقيام بعملية الترجيح، أما عملية ترجيح الفوائد فهي انتقال الأموال من سوق إلى أخرى سعيا وراء فروقات أسعار الفوائد بين الأسواق، ولكي يتحقق الربح المطلوب، فلابد أن تزيد هذه الفروقات عن كلفة تغطية شراء أموال تسليما آجلا بالإضافة إلى كلفة تنفيذ انتقال الأموال.

5_3_4_تخفيض تكلفة التمويل: قد تبرم عقود المبادلة بهدف تخفيض تكلفة تمويل مشروع معين وذلك عن  طريق الاستفادة من ميزة يمتلكها كل من طرفي العقد في أحد فروع السوق، وبمبادلة هذه الميزة بميزة مشابهة في سوق أخرى يستفيد الطرفان.

5_3_5_الاستثمار في الأسواق الجديدة: تسمح عقود المبادلة لأطرافها باقتحام أسواق كانوا قادرين على دخولها لعدة أسباب مثل نقص السيولة المالية أو العملة الأجنبية أو الخوف من تقلبات أسعار الصرف، فهي تسمح للعديد من الشركات الاقتصادية بدخول أسواق دون الحاجة إلى التوافق مع القواعد السائدة فيها، ومثال ذلك الشركة التي تريد الحصول على عملة معينة كالدولار الأمريكي ولكن ليس لديها وسيلة للدخول مباشرة للسوق الأمريكية، يمكنها الحصول على فرصة استثمار خارج الولايات المتحدة الأمريكية ثم تقوم بتحويل أرباحها إلى دولار أمريكي عن طريق المبادلة، وبعد دخولها للسوق الأمريكية يمكنها أن تستعيد عملتها الأصلية مرة أخرى.

6_مخاطر المشتقات المالية[15]

         رغم أن التعامل في أدوات المشتقات المالية يستهدف الحد من مخاطر التقلبات في معدلات العائد وأسعار الصرف وأسعار السلع، إلا أنه بحكم طبيعة تلك الأدوات إذ هي ترتبط بالتوقعات فهي كذلك تتضمن احتمالات الربح والخسارة، حيث أنها في حد ذاتها تتضمن مخاطر تؤدي في بعض الأحيان إلى خسائر هائلة وغير محتملة، مما يتسبب في خلق الأزمات، وتتمثل المخاطر التي يمكن أن تواجهها أدوات المشتقات أساسا في:

   6_1_مخاطر السوق: تتعلق هذه المخاطر أساسا بالتقلبات غير المتوقعة في أسعار عقود المشتقات، والتي ترجع في معظم الأحيان إلى تقلبات أسعار الأصول محل التعاقد، كما قد تنجم تلك المخاطر من نقص السيولة الذي يؤدي بدوره إلى تدهور أسعار بعض الأصول، وعدم إمكانية إبرام عقود مشتقات للاحتياط ضد احتمال استمرار هذا التدهور، إلى جانب ذلك هناك مخاطر التسوية فقد تصل الأصول المتعاقد عليها إلى حدها الأدنى يوم التسوية الذي قد يشهد تقلبات حادة، مما يؤثر على القيمة التي تتم على أساسها التسوية، ويزيد احتمال التعرض لمخاطر السوق كلما كان هناك احتكارية من صانعي السوق، حيث يقومون بعمليات الشراء والبيع على نطاق واسع، ولذلك يمكنهم التأثير بدرجة أكبر على أسعار الأوراق المالية وعلى توقعات المتعاملين بشأن الاتجاهات المستقبلية لهذه الأسعار، الأمر الذي قد يفضي إلى تقلب أسعار بعض تلك الأوراق بشكل حاد، ومما يزيد من هذه المخاطر ترابط الأسواق المالية بدرجة كبيرة، وسهولة انتقال المخاطر التي قد تتعرض لها سوق مالية معينة إلى الأسواق المالية الأخرى، ويؤكد ذلك إلى حد كبير تداعيات أزمة المكسيك حيث اقترن تخفيض سعر صرف البيزو المكسيكي في ديسمبر 1994 بانخفاض حاد غير متوقع في أسعار الأوراق المالية متوسطة الأجل التي أصدرت في المكسيك في أواخر العام المذكور، وامتد هذا الانخفاض ليشمل أسعار الأصول المالية المكسيكية الأخرى، مما أدى إلى إلحاق خسائر كبيرة بالمتعاملين في العقود الخاصة بتلك الأصول، كما امتد هذا الانخفاض ليشمل أيضا أسعار السندات في باقي دول أمريكا اللاتينية، فضلا عن امتداده إلى أسعار السندات في الأسواق الآسيوية التي تراجعت إصدارات السندات فيها بدرجة كبيرة، ويتطلب الحد من مخاطر السوق تقييم موضوعي شامل لظروف السوق، كما يتطلب أيضا أن تحافظ بيوت التسوية على حد أدنى مناسب من السيولة لديها وكذا على كفاءة أدائها كوسيط بين البائع والمشتري في السوق، وبحيث تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها بصفة مستمرة.

6_2_المخاطر الائتمانية: تنشأ هاته المخاطر عن عدم قدرة الطرف المقابل في الوفاء بالتزاماته التي ينظمها عقد المشتقات المالية، وتتسبب الخسارة في تكلفة إحلال عقد جديد محل العقد السابق، ولقد أصبحت مخاطر الائتمان مصدر إزعاج في السوق غير الرسمية، لهذا يجب تقييم الجدارة الائتمانية للمتعاملين بالمشتقات.

6_3_مخاطر التشغيل(المخاطر التنظيمية): المخاطر التنظيمية هي تلك المرتبطة بالخسائر الاقتصادية التي تتحملها المنشأة نتيجة وجود نقاط ضعف تنظيمية في إدارة وتشغيل عقود المشتقات داخل المنشأة نفسها، وذلك كما هو الحال في غياب التنسيق بين المسؤولين عن التعامل في أسواق المشتقات وبين المسؤولين عن القيد والإثبات بالدفاتر المالية للمنشأة.

6_4_المخاطر القانونية: وتنشأ من عدم القدرة على تنفيذ عقود المشتقات نتيجة سوء توثيقها أو نتيجة عدم تمتع الطرف المقابل بالصلاحيات الضرورية للتعاقد والوضع القانوني غير الأكيد لبعض المعاملات، وعدم القدرة على التنفيذ القضائي في حالة العسر والإفلاس، وكذلك تؤدي التغيرات في البيئة القانونية إلى بعض المخاطر.

6_5_أثر الرفع المالي: حيث تنقلب الأرباح أو الخسائر المرتبطة بالتعامل في هذه الأدوات بدرجة أكبر من تقلب إيراداتها مما يؤدي إلى وقوع خسائر كبيرة عند حدوث تغير طفيف في إيراداتها أو تكاليفها.

6_6_مخاطر التعسير: حيث يحتاج تسعير العقود المشتقة إلى خبرة كبيرة ونماذج رياضية متقدمة وخاصة في تسعير المشتقات المرتبطة بالسندات، ولم يتم التوصل بعد إلى نموذج رياضي كفء لتسعير العقد المشتق دون أخطاء.

6_7_مخاطر السيولة: وترجع إلى عدم القدرة على التخلص من العقد المشتق عند الحاجة إلى ذلك وخاصة العقود التي لا يتم تداولها بصفة واسعة، وغالبا ما يفرض الطرف الذي يقبل شراء العقد شروطا وضمانات كبيرة في هاته الحالة.

6_8_مخاطر نسبة الحماية: وتعني نسبة الحماية قيمة العقود المستقبلية أو عقود المشتقات التي يتم استخدامها للحماية مقارنة بقيمة الأصول التي تتم حمايتها، ويتم حساب هذه السنة عن طريق معرفة معدل التغير في سعر الأصل مقارنة بمعدل التغير في العقد المشتق.



[1]حمداني زهرة، إشكالية تدويل الخطر المالي وأثره على الأسواق المالية، رسالة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية، علوم التسيير والعلوم التجارية، المدرسة الدكتورالية للاقتصاد والتسيير، جامعة وهران،2001-2012، ص83.

[2]رابح أمين المانسبع، "الهندسة المالية وأثرها في الأزمة المالية العالمية لسنة 2007"، مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير، نقود وبنوك، قسم العلوم الاقتصادية، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير والعلوم التجارية، جامعة الجزائر3، الجزائر، غير منشورة، 2011، ص34.

[3]سلسلة إضاءات، "المشتقات المالية"، نشرة توعوية يصدرها معهد الدراسات المصرفية، العدد 2، الكويت، 2010، ص2.

[4]رابح أمين المانسبع، مرجع سبق ذكره، ص ص34-35.

[5]حياة عوايجية، تداول المشتقات المالية ومساهمتها في الأزمة المالية العالمية (2008)، دراسة حالة الأوراق المالية (وول ستريت)، أطروحة دكتوراه، كية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، جامعة محمد خيضر، بسكرة، 2016-2017، ص ص 9-12.

[6]دانيا ابراهيم غيا، دور المشتقات المالية كأدوات للتحوط التعاقدي تجاه المخاطر المالية ومدى إمكانية تطبيقها، رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد، جامعة دمشق، سوريا، 2013حو، ص16-17.

[7]نفس المرجع السابق، ص ص84-87.

[8]عبد القادر بن عيسى، "أثر استخدام المشتقات المالية ومساهمتها في إحداث الأزمة المالية العالمية –دراسة حالة سوق الكويت للأوراق المالية للفترة الممتدة من جانفي 2006 إلى غاية ديسمبر 2010-"،رسالةماجستير، تخصص مالية الأسواق، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، غير منشورة، 2012، ص ص49-50.

[9]طارق عبد العال حماد، المشتقات المالية "المفاهيم-إدارة المخاطر، المحاسبة"، الدار الجامعية للنشر والتوزيع،كلية التجارة عين شمس، 2001، ص ص 12-18.

[10]سميرة محسن، المشتقات المالية ودورها في تغطية مخاطر السوق المالية، رسالة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة قسنطينة 2005-2006،ص ص 74-76.

[11] حليمة بزار، المشتقات المالية ومكانتها في إدارة مخاطر الصيرفة الإسلامية، أطروحة دكتوراه، كلية الشريعة والاقتصاد، جامعة الأمير عبد القادر للعاوم الاسلامية، ص ص 174-178.

[12]عبد القادر بن عيسى،أثر استخدام المشتقات المالية ومساهمتها في إحداث الأزمة المالية العالمية، دراسة حالة سوق الكويت للأوراق المالية، رسالة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، غير منشورة، 2012، ص ص73-79.

[13]سميرة محسن، المشتقات المالية ودورها في تغطية مخاطر السوق المالية، مرجع سبق ذكره،ص ص 94-102.

[14]عبد القادر بن عيسى، أثر استخدام المشتقات المالية ومساهمتها في إحداث الأزمة المالية العالمية، دراسة حالة سوق الكويت للأوراق المالية، مرجع سبق ذكره، ص 82.

[15] حليمة بزار، المشتقات المالية ومكانتها في إدارة مخاطر الصيرفة الإسلامية، مرجع سبق ذكرهص ص 200-202.

ليست هناك تعليقات