مراحل الحكم العثماني في الجزائر

 مرحلة البايلربايات "1518 -1587م":

يعتبر خير الدين أول من حمل لقب بايلرباي في الجزائر، ويعتبر هذا العصر على أنه أزهى عصور الحكم العثماني في الجزائر، حيث ازدهرت البلاد، كما كان لمهاجري الأندلس في تلك الفترة دور كبير في ازدهار البلاد حيث انعكس ذلك على جميع مناحي الحياة في ، واستطاع البيلربايات صناعة السفن والعمارة، بالإضافة إلى دورهم في الاقتصاد والتجارة أن يحققوا الوحدة الإقليمية والسياسية للدولة، كما استطاعوا تحرير برج المنار 1529م منالإسبان، وتحرير بجاية عام 1988م، وإنهاء الوجود الإسباني في تونس عام 1574م

 وأهم مميزات هذه الفترة: 

-1دام عهد البيلربايات 70سنة.

2 -يأتي قرار تعيين الحاكم من طرف السلطان العثماني. 

-3كانت السلطة في يد طائفة رياس البحر. 

كما عرفت الجزائر خلال الفترة تأسيس النواة البحرية الجزائرية والتي استطاعت التصدي للغارات الصليبية المتتالية والتي أصبحت الجزائر هدفا لها. 

 * عهد الباشوات :"م1689-1587

تمثل هذه المرحلة الثانية من الحكم العثماني بالجزائر حيث أصبح خطر انفصال الجزائر عن الدولة العثمانية هاجسا للسلاطين العثمانيين، نظرا لتزايد نفوذ البيلربايات حيث أصبحوا يطغون على السلطان نفسه، مما دعا إلى ضرورة تقليص نفوذ هؤلاء الحكام  . وتميزت هذه الفترة بقصرها رغم المشاكل الكبيرة التي حدثت فيها، حيث انصرف كل باشا إلى السلب والنهب وجمع الثروات، الاستيلاء على الحكم بصفة تدريجية عن طريق ** ما يسمى بمجلس الأوجاق ، الذي يترأسه احد الأغوات.

وتميزت هذه المرحلة بما يلي: - بروز قوة الرياس (رجال البحرية الجزائرية) إلا أن الدولة الأوربية تخشى الجزائر وتسعى إلى إقامة علاقات صداقة وتعاون معها.

- التصادم بين جنود البحرية (الرياس) وجنود القوة البرية (اليولداش * ) بسبب الغنائم التي كان يحصل عليها الرياس من جراء غاراتهم على الأساطيل الأوروبية المسيحية. وتولى هذا المنصب ثلاثون واليا يدعى الباشا، وعينت عاصمة السلطة كل واحد لثلاث سنوات من غير استشارة زعماء المناطق أو رؤساء القبائل، تميز هذا العهد بالاضطرابات والفوضى وأهم الثورات التي حدثت في هذه الفترة هي ثورات بلاد القبائل.

عهد الأغوات "1659-1671 :" كانت فترة الأغوات قد ازداد فيها الوضع سوء أكبر من ذي قبل فمن اهتزاز نظام الحكم إلى الاغتيالات التي كثرت فيها التآمرات التي تحاك ضد الحكام إلى الخسائر التي تتعرض لها الجزائر عن طريق أساطيل أوروبا، وسيطرة الفوضى العارمة وعدم الاستقرار الذي عمت البلاد، فحكم الآغوات لمدة شهرين ثم يتم عزله والإتيان بآخر، وهو حكم لا محالة محكوم عليه منذ البداية بالسقوط والانهيار فكان معظم الأغوات لا يموتون موتة طبيعية أما بالاغتيال أو القتل ، وقد تميزت هذه الفترة بمايلي: - اضمحلال السلطان العثماني وغياب السيدة العثمانية في الجزائر، وبذلك انقطعت المساعدات العثمانية بالجزائر. - استفحال الصراعات المحلية بين ضباط الجيش البري وضباط الجيش البحري، وتذمر أبناء الشعب من الفساد وانتشار الفوضى وكثرة الاغتيالات في صفوف الأغاوات . 

- محاولة الأوجاق تحسين العلاقة مع فرنسا ولكن هذه الأخيرة واصلت في اعتداءاتها على السفن والمراكب الجزائرية في البحر وأدخلت معها قراصنة الانجليز والإسبان والهولنديين.

مرحلة الدايات * :"م1830-1671" حيث كانت هناك رغبة ملحة لإلغاء نظام الأغا وأحداث نظام الدايات وذلك بسبب الخطر المحدق الذي أصبح يعيشه الحاكم وهو الأغا، ويتجلى في خطر الاغتيال، فارتأى أعضاء مجلس الديوان وأهل الحل والعقد من رؤساء البحر ورجال البحرية الجزائرية تدارك وضع رئيس الدولة ... بالخطر إلى نوع من الاستقرار السياسي، فطلب هؤلاء الأعضاء من الباب العالي أن يعين رئيس على الجزائر متصرف في أعضاء مجلس الدولة لضمان حمايته فإذن لهم السلطان العثماني بذلك فنصب الرئيس ولقب بالداي ، حيث استطاع الدايات أن يحققوا للجزائر استقلالها الحقيقي

حيث مثل هذا العصر عصر القوة العسكرية والحاكم هو الذي يختار وزراء بحرية تامة، ويشكل مجلس الدولة بأسلوبه الخاص، لكن إنصافا للحقيقة ينبغي أن نقول بأن نفوذ الجيش البحري (الرياس)، وازدياد نفوذ الدايات، لم يخدم أبناء الشعب الأصليين ولم يستجيب لمطالبهم وتحقيق الغنائم لقادتها، وبالتالي فإن عناصر الجزائرية الأصل بقيت على الهامش ولم تكن لها مشاركة حقيقية في قيادة البلاد. 

كما كان الداي خلال هذه الفترة حاكما بأمره، إذ نفوذه صوريا من قبل الديوان ويختار من بين أعضاءه الوزراء الخامس وهم الخزناجي وهو صاحب الخزينة،وأغا المحلة أي القائد الأعلى للجيش البري، ووكيل الخرج وهو وزير البحرية وخوجة الخيل وهو وكيل القصر والمكلف بالأوقاف (البت مالجي) قابض الضرائب ويعينهم جميعا أمين ماله الخاص (الخزندار، وكتاب الخوجات، وحجاب (الشاوش).

وفي هذه المرحلة نجد أن السلطان العثماني لم يكن له نفوذ سوى إصدار الفرمانات ، وتعيين الباشا الذي يجلس إلى جانب * بالموافقة على تسمية الدايات الذين يعينهم الديوان الداي ولكن هذا الباشا الشكلي فقط ، وخلال هذه المرحلة استكمل تحرير البلاد تقريبا من الاحتلال الإسباني خاصة في المناطق الساحلية، ومنها بدأت تتبلور علاقات جديدة بين السلطة التركية الحاكمة في الجزائر والسكان المحليين.

ما أن تصرفات الدايات في الفترة الأخيرة كانت حسب سلوكاتهم الخاصة، فمنهم من كان صالحا محبا للرعية، زاهد عن أمور الدنيا وملذاتها، ومن هؤلاء نخص بالذكر محمد ** عثمان باشا ، ومنهم من عرف بعدم القدرة على إدارة دقة الحكم وتسييرها وذلك لأنهم جعلوا من الدولة والحكم من طرف التدخل ضباط الجيش الانكشاري المتمرد على أوضاع

البلاد مقابل ترفع رواتبهم وزيادة عن كون هؤلاء الدايات لم يكونوا شيئا مذكورا في المجتمع * قبل توليهم الحكم، بل كانوا يمارسون أعمالا وضيعة وحقيرة مثل علي باشا الغسال ولهذا لا نتعجب أن نجد نهاية بعض الدايات كانت مؤلمة خاصة المنغمسين في نعيم الحياة. وعدم رضوخهم لمشيئة الانكشارية ** مؤسفة بل حتى عائلاتهم وأولادهم. كما أن الدايات وقعوا في حبل الاغتيالات فتولى 14 دايا اغتيال أسلافهم، وهذا يدل أن الصراع على الحكم كان على أشده بين الحكام ودليل على أن البنية السياسية والنظام السياسي كان ينقصه القوة الكافية.


مراجع

مصطفى بن عمارة: الصراع على السلطة في الجزائر في العهد العثماني (1671 -1830م)، رسالة ماجستير في التاريخ الحديث، جامعة الجزائر 2 ،الجزائر، 2001-2002م، ص50 .

سفيان الصغيري: العلاقات الجزائرية العثمانية خلال عهد الدايات في الجزائر (1671-1830م)، رسالة ماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر، جامعة الحاج لخضر، باتنة، 2011-2012م، ص61.

بيلرباي: هي كلمة تعني أميرالأمراء وهو لقب يمنحه السلطان على أمير منطقة ما، مع كسوة الشرف ( القفطان ) تعبيرا له على مكانتها المرموقة وتمييزا له. ينظر: عمار بوحوش، مرجع سابق، ص5

صالح فركوس: تاريخ الجزائر من ماقبل التاريخ إلى غاية الاستقلال (المراحل الكبرى)، ط1 ،دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2005م، ص ص 104 -1

بسام العسلي: خير الدين بربروس، ط1 ،دار النفائس، بيروت، لبنان، 1908م، ص109

حمد توفيق المدني: حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر واسبانيا(1492-1792م)، ط03 ،دار البصائر، الجزائر، 2006م، ص157

 وليام سبنسر: الجزائر في عهد رياس البحر، تعريب وتقديم:عبد القادر زبادية، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2006، ص45

عروج وخير الدين: هما اللذان عرفا باسم بربروس أي أصحاب اللحية الحمراء وأخويهما الآخرين إسحاق وإلياس من *** أشهر القادة الجهاد الإسلامي، وأكثرهم شجاعة ومغامرات في الحوض الغربي في أبحرالأبيض المتوسط، عهد الدولة العثمانية. ينظر: أديب حرب: التاريخ العسكري والإداري للأمير عبد القادر الجزائري 1808 -1847م، ج1 ،ط2 ،دار الرائد للكتاب، الجزائر، 2004م، ص33

بن أبي الضياف: إتحاف أهل الزمان وأخبار تونس في عهد الأمان، ج2 ،ط2 ،الشركة التونسية للنشر والتوزيع، تونس، د ت، ص121 .

عمار بوحوش: التاريخ السياسي للجزائر من البداية إلى غاية 1962م، ط1 ،دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1997م، ص51. 

شوقي عطا االله الجمل: المغرب العربي الكبير في العصر الحديث (لبيا- تونس- الجزائر – المغرب)، ط1 ،مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، 2005م، ص95 


ليست هناك تعليقات